ثورة وأزمة ونكبة وكارثة.. رباعية "فبراير" اليمن بـ11 عاما

أخبار محلية

اليمن العربي

بدأت "ثورة" ثم أزمة سياسية بفعل انتهازية الإخوان ومع صعودهم للحكم تحولت إلى "نكبة" ثم أصبحت "كارثة" هي الأسوأ عقب الانقلاب الحوثي.

 

رباعية تلخص مآلات الواقع اليمني منذ 11 فبراير/شباط 2011، يوم اندلاع فوضى ما يسمى بـ"الربيع العربي"، إذ فقد خلالها اليمنيون دولتهم، وضاعت أحلامهم وبات البلد في مهب الريح.

 

كانت الاحتجاجات الشبابية التي اندلعت في صنعاء وتمددت إلى تعز مدفوعة برياح التغير يمكن احتواؤها لكن دخول حزب الإصلاح الإخواني وقادته العسكريين على خط الأزمة عقّد حلها، حيث دفع بالشباب من السلم إلى العنف وأضفى الشرعية للحوثيين للتظاهر بعد أكثر من 6 حروب متتالية في معقلهم الأم صعدة.

 

فرصة الغدر

 

قبل نحو 11 عاما، نظر حزب الإصلاح في اليمن (الفرع المحلي لتنظيم الإخوان الإرهابي)، لاحتجاجات الشباب بأنها "الفرصة المواتية" للغدر بنظام سياسي كان قطبه الثاني، فاجتمعت تيارات العنف السياسي، والتطرف الديني من أجل تحقيق ذلك المسعى، واستهداف الدولة اليمنية التي كانت تمتلك قدرا كبيرا من التسامح، مع تلك الحركات.

 

وأتاح تجمع أعضاء حزب الإصلاح في قلب العاصمة اليمنية، الفرصة لمليشيات الحوثي في التمدد تحت لافتة المطالب الشبابية، وكان ذلك بمثابة إعادة الروح لكائن يلفظ أنفاسه، فبعد أن كانت الحروب الـ6 قد أضعفت الحركة التابعة لإيران بشكل كبير، أعادت إليها تجمعات المطالبين بإسقاط النظام، الروح من جديد.

 

وأتاح لها الوجود في تجمعات تقدر بالآلاف جلهم من الشباب، في استقطاب عناصر جديدة، لا سيما من أبناء المناطق الشمالية القبلية، وتسويق أهدافها الطائفية بين العديد من المكونات الشبابية.

 

لم ينتبه الكثيرون للمخاطر التي تشكلها مليشيات الحوثي، بل إنه جرى التسامح معها بعدما أقر حزب الإصلاح الإخواني بخطأ الحروب الـ6، واعترافه بالمطالب الحوثية، باعتبارها مطالب شرعية.

 

كان موقف حزب الإصلاح من حركة الحوثي بمثابة منحها صكا بشرعية وجودها، ولذا اعتبرها الكثيرون أنها إحدى المكونات اليمنية، بل إن هناك من رأى أنها البديل للنظام القائم في إقرار واضح بتسليم البلد إلى إيران.

 

ويقول الناشط الشبابي وديع حامد، إن الشباب لم يكونوا يدركون مدى قبح بعض المشاريع الاستحواذية من قبل بعض القوى المتطرفة.

 

وأضاف: "كنا نعتقد أن الجميع على نهج واحد، وهدف ومطلب واحد، كنا نطمح بدولة مدنية حديثة قائمة على مبدأ المساوة والتسامح، لكن (أباليس) الثورة تكالبوا عليها، محاولين تثبيطها وتحويلها لصالح مطامعهم الخاصة بنهجهم السياسي ودستورهم الحزبي البغيض".

 

طريق الحوثي إلى صنعاء

 

سلكت مليشيات الحوثي نهج المظاهرات كطريق آخر إلى صنعاء، وهي الطريق ذاتها التي ابتدأها حزب الإصلاح، لدفع الحكومة على تنفيذها، فاتخذت من الشارع خيارا لانتزاع تلك المطالب، لا المؤسسات القانونية، وهي ذات الطريق الفوضوية التي مهدت لإسقاط أركان الدولة.

 

كما اتبعت مليشيات الحوثي سياسية الخداع في تمرير مشروعها العنيف بشكل هادئ بين أبناء الشعب، مستفيدة من الخبرة التي أمدها بها حزب الله من خلال اتباع سياسية رفع المطالب الشعبية، لكسب التعاطف الجماهيري.

 

ورفعت مليشيات الحوثي من سقف تلك المطالب، وتنوعت ما بين توفير فرص العمل، وتخفيض أسعار المواد الغذائية، إلى مكافحة الفساد، وإتاحة المجال في الحصول على الوظائف العامة للتنافس.

 

كما بدأت في ضخ بيانات حول النفقات والمصروفات الحكومية، مستفيدة من تواجد من ينتمون لما يسمى "بالهاشميين" بالجهاز الإداري للدولة، وتضخيم تلك البيانات، مشفوعة بمطالب محاسبة المتورطين فيها، إلى حد أن البعض اعتبر مليشيات الحوثي كما لو أنها تتحدث باسم الشعب.

 

وما أن قويت شوكة المليشيات الإرهابية حتى قررت اجتياح العاصمة والزحف بمجاميعها المسلحة على صنعاء، وتوالى سقوط المدن اليمنية تباعا، وهي الكارثة التي قتلت الآلاف من الشعب اليمني وجلبت له الأوبئة والجوع وزجت بآلاف الأبرياء في المعتقلات الرهيبة.

 

ومثلت عمليات القمع الحوثية، فضلا عن تخليها عن تنفيذ المطالب الشعبية التي كانت ترفعها، إضافة إلى وقف صرف المرتبات الحكومية، بمثابة الصدمة لدى العديد من أبناء الشعب الذين انتفضوا على شكل مقاومة شعبية.

 

وبعد كل تلك السنوات يتحسر اليمنيون اليوم على ضياع بلادهم، واستمرار مليشيات الحوثي في نهج العنف والحرب، ورفض الجنوح للسلم، مستدركين خطأ اللجوء إلى الشارع لهدم الدولة.

 

وتتساءل أستاذة علم النفس الاجتماعي بجامعة تعز الدكتورة نبيلة الشرجبي، هل تحقق ما خرج الشباب من أجله؟ هل الأحلام التي كانت تعانق السحاب، لا تزال، أم أصبحت ركاما تحت التراب؟".

 

 وترى الأكاديمية اليمنية، أن الشباب تحمسوا كثيرا وهم يسمعون أبواق التنظير والوعود والأحلام الوردية في تحقيق الرفاه والعدالة، والحقوق والحرية، والتغيير والكرامة، لكن تلك الأحلام أصبحت اليوم تحت التراب.

 

وتضيف أن الأوضاع ازدادت سوءا، والحياة أصبحت أصعب وأكثر سوادا من الليل المظلم، فيما الحقوق مسلوبة ومنهوبة، وأصبح اليمن في مرحلة الاحتراب والاستلاب، والبكاء على ماض أجمل من الحاضر، بكاء على مستقبل مجهول، وحاضر مؤلم وواقع موجع.

 

وتؤكد أن المطالب الشبابية كانت حقوقية، لكن الأحزاب السياسية والقوى التي امتطت تلك الموجة كانت تراقب المشهد، وتتحكم بإرادة الشباب توجههم لتحقيق أغراضها، في إشارة للإخوان والحوثيين.