إكسبو دبي يحتفي باليوم العالمي للغة العربية

ثقافة وفن

اليمن العربي

احتفل جناح الاستدامة بإكسبو 2020 دبي، باليوم العالمي للغة العربية تحت عنوان: "اللغة العربية: جسر للتواصل الحضاري".

 

حضر الاحتفال أحمد أبوالغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، وشاركت نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة والشباب الإماراتية، والدكتور علي بن عبدالله بن موسى، الأمين العام للمجلس الدولي للغة العربية، والدكتور محمد ولد أعمر، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم" الألكسوا".

 

وأعرب أبوالغيط في كلمة افتتاحية عن امتنانه العميق لحكومة دولة الإمارات التي لم تدخر جهداً لدعم جامعة الدول العربية، وتيسير مشاركتها في إكسبو 2020 دبي بالشكل المتميز.

 

وقال: "نحتفل اليوم باللغة العربية في يومها العالمي تحت عنوان (اللغة العربية: جسر للتواصل الحضاري)، وهو شعار ينسجم مع رسالة إكسبو 2020 دبي (تواصل العقول وصنع المستقبل)، فالتواصل هو غاية اللغة ووظيفتها ويرتبط مستوى التواصل، الحضاري والفكري، بمدى قدرة اللغة على تحقيقه، وبما تتيحه من إمكانيات للتكيف مع نظم ثقافية مختلفة".

 

وأكد أن اللغة العربية كانت أداة رئيسية لصناعة واحدة من أكبر شبكات التواصل التي عرفها التاريخ البشري.

 

وأضاف: "هذه الاحتفالية تسبق حدثاً آخر سيطلق الأحد وأعني هنا قمة اللغة العربية التي تنظمها وزارة الثقافة والشباب بدولة الإمارات بالتعاون مع مركز أبوظبي للغة العربية، وهي أول قمة تنظم على مستوى حكومي رفيع نسعد بالمشاركة فيها".

 

واستعرض أبوالغيط فصولا من الحضارة العربية في عصرها الذهبي منذ القرن الثامن الميلادي، قائلاً: إننا نتحدث عن شبكة واسعة من حدود المحيط الأطلسي، وحتى حدود الصين هذه الشبكة احتضنت ثقافات شتى، وأدياناً وأعراقاً متنوعة، غير أن العنصر الرئيسي فيها كان اللغة العربية، هذه اللغة هي التي جعلت كلاً من الخوارزمي، المولود في خوارزم، وعاش في القرن الثامن الميلادي، وابن سينا، المولود في بخارى أوزباكستان حالياً، وعاش في القرن الحادي عشر الميلادي، وابن رشد، المولود في قرطبة، وعاش في القرن الثالث عشر الميلادي هؤلاء، الذين ولودوا وعاشوا في أزمنة مختلفة وأماكن متباينة وتحدثوا ألسنة شتى، جزءًا من عالم عقلي واحد، ومشاركين في ثقافة واحدة تمثل اللغة العربية نواتها الأساسية، والرابط الجامع بين أوصالها".

 

وأشار إلى أن اللبنة الأولى في صرح الثقافة العربية في عصرها الذهبي هي الترجمة، وإن المرء ليُدهش للمدى الذي ذهب إليه العرب في الترجمة.

 

وأكمل: "لغتنا تزدهر بالتواصل مع الآخر، أخذاً وعطاءً وتنحسر وتتجمد بالانغلاق على الذات والخوف من الوافد، وليس صدفة أن عصر انزواء الحضارة العربية كان أيضاً عصر انحدار اللغة العربية ليس لعيبٍ فيها، وإنما لتحجر عقول من ينطقون بها حتى وجدنا لغتنا البديعة المتجددة تقع أسيرة لبلاغة مكررة وتراكيب محفوظة معلبة".

 

وأشاد أبوالغيط بالمبادرات التي أطلقت لدعم الترجمة من وإلى العربية ومنها على سبيل المثال: مشروع "كلمة" لمركز أبوظبي للغة العربية، وجائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة، وبرنامج "ترجم" لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم.

 

وأوضح أنه يصعب الحديث عن نهضة جديدة للغة العربية دون معالجة مشكلة الإنتاج العلمي والإبداع والابتكار العربي، لافتاً إلى أن اللغة العربية لديها من الإمكانات وسعة الألفاظ والاشتقاقات، ما يجعل منها لغة علمٍ بامتياز إلى جوار كونها لغة شاعرة أيضاً.

 

وثمة جهد مطلوب من أجل تعزيز حضور العربية كوسيط لنقل وتلقي العلوم والتكنولوجيا، وهو جهد يتعين أن تضطلع به الحكومات والمؤسسات العلمية والأكاديمية، وكذا المثقفون العرب المهتمون بقضية اللغة ومستقبلها.

 

وقال أبوالغيط إن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية ستطلق شهر اللغة العربية ليستمر حتى 22 مارس تاريخ تأسيس جامعة الدول العربية، بالتعاون مع المجلس الدولي للغة العربية الذي نتشرف برئاسة أمانته العامة.

 

وأكد أن العربية بخير ما دام الناطقون بها يعرفون فضلها وإمكاناتها حافظين لتراثها ورسالتها، مؤمنين بدورها ومكانتها، مقتنعين بأهمية تجديدها وتعزيز انفتاحها على الثقافة العالمية.

 

بدورها، أكدت نورة الكعبي أن ما يجب القيام به هو استشعار اللغة والتدخل المبكر عند الصغار للحفاظ على اللغة العربية لديهم.

 

وأضافت: "على أرض الإمارات وتحديداً في إكسبو 2020 دبي، تتواصل العقولُ، وتتلاقى الثقافات ونتشارك التجاربَ الناجحة.. هنا نعمل معاً من أجل مستقبل أكثر إشراقاً لنا، وللأجيال المقبلة نلتقي هنا اليوم، في هذا المكان الذي يجمع مشاركين من أكثر من 190 دولة، احتفاء باليوم العالمي للغة العربية، الذي يصادف 18 من ديسمبر كل عام، لنسلط الضوءَ على مكانة لغة الضاد ونقول للعالم من حولنا إن لغتَنا حية وحاضرة.. نريد أن نقدّمَها لغةً متجددةً ومرنةً وعابرةً للأزمنة والحدود".

 

وتابعت: "نريد أن ننهضَ بجهود ترسيخ العربية، لتظل لغةَ علوم وثقافة ومحبة وسلام، وهوية تعكس قيمنا وإرثنا وجسرَ تواصل وتلاق مع الثقافات من حولنا".

 

وأكملت: "لطالما كانت الإمارات وجهةً لتلاقي الثقافات، ومنصةً للفكر والمعرفة، وحاضنة للإبداع والابتكار، وتولي قيادة الإمارات اهتماماً كبيراً للغة العربية، حيث أطلقت عشراتِ المبادراتِ الهادفةَ إلى دعم اللغة العربية، ونشرها وصون كنوزها وتطوير مساراتها فكراً وعلماً، محلياً وعالمياً".

 

ونوهت إلى أن من أبرز تلك المبادراتِ جائزةَ محمد بن راشد للغة العربية، وتحدي القراءة العربي، وتأسيس مركز أبوظبي للغة العربية، ومجمع اللغة العربية في الشارقة.

 

وقالت: "شهدنا قبل شهر صدور الأجزاء الخمسة الأولى من المعجم التاريخي للغة العربية والذي جاء ثمرة جهد استمر لأربعين عاماً من الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.. إضافة نوعية للمكتبة العربية، يؤرخ للمرة الأولى لمفردات لغة الضاد وتحولات استخدامها عبر الـ17 قرناً الماضية داعية اللغوين والباحثين والعلماء إلى دراسته والاستفادة منه في مؤلفاتهم وأبحاثهم".

 

ولفتت إلى أن لغتنا اليوم تواجه تحديات، ولكن الحلول متاحة، وتحتاج فقط إلى تضافر جهودنا جميعاً، حكومات ومجتمعات، من أجل استعادة أمجادها.

 

وقالت: "في إطار التزام الإمارات بالنهوض بلغتنا العربية وتعزيز مكانتها عالمياً، قمنا بالشراكة مع العديد من الجهات المتخصصة، بإصدار تقرير حالة اللغة العربية ومستقبلها، وهو تقرير بحثي يرصد واقعَها والتحدياتِ التي تواجهها.. وللبناء على نتائج التقرير ومناقشة توصياته، تنظّم وزارة الثقافة والشباب الإماراتية، بالشراكة مع مركز أبوظبي للغة العربية غدا في مركز أبوظبي للمعارض قمة اللغة العربية التي تعد أولَ حدث حكومي رسمي بهذا المستوى، بهدف مناقشة جملة من الموضوعات، و بحث سبل التعاون لإطلاق مشاريع جديدة في مجال اللغة العربية".

 

وستناقش القمة أهمَّ قضايا اللغة العربية في مجالاتها وموضوعاتها المختلفة، كالتعليم، والسياسات الوطنية، والتكنولوجيا، وعلاقة الشباب العرب بلغتهم، والمحتوى الرقمي، والعربية في العوالم الجديدة.

 

من جهته، قال الدكتور علي بن عبدالله بن موسى، الأمين العام للمجلس الدولي للغة العربية: "إننا اليوم مع صاحبة الجلالة اللغة العربية، مستعرضاً جهود المجلس الدولي للغة العربية ومؤتمره السنوي والمبادرات التي أطلقها وقانون اللغة العربية، وكذلك المكتبة الدولية الرقمية للغة العربية".

 

وأوضح، أن حاضر العربية يحدد مستقبلها ولا يمكن أن ننجح عالمياً ونحن نتراجع داخلياً مع لغتنا العربية، مشيراً إلى أن اللغة العربية تحولت إلى لغة كونية عندما صارت لغة القرآن الكريم.

 

وطالب بضرورة مواجهة التمرد على اللغة العربية بحزم ووعي، محذراً من خطورة إغلاق أقسام اللغة العربية بالجامعات العربية بحجة سوق العمل، مطالباً بفتح فروع للجامعات العربية في دول العالم.

 

وتقدم الأمين العام للمجلس الدولي للغة العربية باقتراح تأسيس منظمة الترجمة العربية، وتتولى الدولة المستضيفة تقديم أشكال الدعم لهذه المنظمة وأن تكون هذه المنظمة أحد إنجازات إكسبو 2020 دبي في دعمه للغة العربية وأن تكون المنظمة أساسا لتوطين العلوم والمعارف العالمية والمجالات العلمية وجسراً لتواصل الحضارات.

 

واستعرض الدكتور محمد ولد أعمر، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم" الألكسوا"، دور اللغة العربية وفضلها على الإنسانية كلها، معتبرا أن تاريخنا هو بعض من تاريخ لغتنا فاللغة هي هويتنا وعقيدتنا وتواصلنا مع الآخرين.

 

وطالب بالتوسع في اللغة بالاستفادة من التكنولوجيا الحديثة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، لافتاً إلى العمل على إطلاق الإطار المرجعي المشترك للغة العربية قريباً، مشيداً بمبادرة تقرير حالة اللغة العربية الذي أصدرته وزارة الثقافة والشباب في الإمارات واصفا التقرير بالنوعي والمساهمة في تطوير الأعمال والمبادرات لـ"اللغة العربية".

 

 واختتم قائلاً: "اللغة العربية لديها ممكنات عديدة وأمامها فرص غنية للمساهمة في الإنتاج العلمي والمعرفي".