هكذا فرض ملف المناخ نفسه على العالم

منوعات

اليمن العربي

انطلق أمس الأحد، مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي "كوب 26"الذي يعقد في غلاسكو، بمشاركة أكثر من 190 دولة.

 

يأتي ذلك فى الوقت الذي خرجت فيه العديد من الكوارث عن دائرة الأزمات التقليدية، تجلت فى أبهى صورها فى العامين الماضيين، إثر تفشى وباء كورونا، والذى ساهم فى اهتزاز الثقة العالمية، وخاصة في قدرات العديد من القوى الدولية، باعتبارها الكيانات القادرة على حماية النظام العالمى من المخاطر التي تهدده.

 

إن اهتزاز الثقة العالمية جاءت في ظل حالة العجز التي لاحقت القوى الكبرى، سواء الولايات المتحدة أو دول أوروبا، في التعامل مع الأعداد الكبيرة فى الإصابات في الداخل.

 

ولم تكن أزمة كورونا، الأولى من نوعها التي يشهدها العالم، في الإطار غير التقليدي للأزمات الدولية، في ظل تجاوزها للنطاق الزمنى أو الجغرافى المعهود.

 

 

 فقد سبق ذلك أزمة التغيرات المناخية، والتي تعد بمثابة الشغل الشاغل للعالم في المرحلة الراهنة، بسبب ما أسفرت عنه من كوارث كبيرة، تجلت في صورة عواصف وفيضانات، بينما تبقى التداعيات الأشد وطأة في الطريق، في حالة فشل المجتمع الدولى، في اتخاذ خطوات حاسمة من شأنها مجابهة الظاهرة الخطيرة.

 

وفي ظل الانقسام الراهن حول الالتزام بتقليص الانبعاثات الكربونية، سواء بين الدول المتقدمة والنامية، وهو الانقسام الذى ظهر قبل أكثر من عقد من الزمان، من جانب، أو حالة التشرذم بين معسكر القوى الكبرى، في ظل مواقف متعارضة تجاه القضية، بدأت منذ الإدارة الأمريكية السابقة، برئاسة الرئيس السابق دونالد ترامب، والذى قرر الانسحاب من اتفاقية باريس المناخية.

 

وهنا يصبح العالم أمام حالة "طوارئ" متعددة الأبعاد، في ظل صراع يتجلى بعده الأول في المخاوف الكبيرة إثر موجات الذعر المترتبة على تداعيات التغير المناخى، والتي تأتى في إطار تكشير الطبيعة عن أنيابها بعد عقود طويلة من سياسات الإهمال والاستنزاف التي مارستها دول العالم، لتحقيق التنمية دون النظر إلى مستقبل الأجيال القادمة جراء ما اقترفته البشرية استجابة لأطماعها المرحلية.

 

ربما لم يكن وباء "كوفيد19" المتغير الوحيد الذى فرض ما يمكن تسميته بـ"حالة طوارئ" طبيعية، فهناك ظاهرة التغير المناخى، والتي تعد أقدم من الفيروس بعدة سنوات، حيث تكمن خطورتها في كونها شاهداً مهماً على فشل المجتمع الدولى في توحيد المواقف، وحشد الجهود لمكافحته، عبر تقليص الانبعاثات الكربونية.

 

يأتي ذلك فى الوقت الذى تواصل فيه الدول جهودها لتحقيق أطماعها التنموية على حساب الأجيال القادمة، وهو الأمر الذى لم يقتصر في حقيقته على بدايات الأزمة، وإنما امتد حتى السنوات الأخيرة، عندما أقدم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على الانسحاب من اتفاقية باريس المناخية، في خطوة أثارت مزيدا من الانقسام الدولى.

 

إن مفهوم "الطوارئ المناخية" تم الإعلان عنه صراحة، من قبل الحكومة النيوزلندية، حيث أعلنت عنه رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن، في ديسمبر 2020 وكان ضرورة لاتخاذ العديد من الإجراءات، لاحتواء أزمة التغيرات المناخية، والتي باتت تؤرق قطاعا كبيرا من سكان العالم إثر تداعياتها الخطيرة، في إطار ما اعتبرته متجاوزا أكثر الحروب التاريخية احتداما، وهو ما يشكل أزمة حقيقية للأمن العالمى، وهو ما يبدو واضحا في الاهتمام الأممى بالقضية، سواء على المستوى الجمعى، متمثلا في الأمم المتحدة، أو على المستوى الفردى للدول.

 

وجاء إنعقاد قمة غلاسكو، لإعادة النظر في الخطط المعتمدة حتى الآن بشأن الإبقاء على ارتفاع درجة حرارة الأرض، في نطاق أقل من 1.5 درجة مئوية حتى نهاية القرن، التزاماً باتفاقية باريس للمناخ.

 

ويأتي انعقاد القمة وسط تحديات غير مسبوقة لتغير المناخ ظهرت في الكوارث الطبيعية التي عصفت بمناطق عدة حول العالم في وقت سابق من 2021.