الإنترنت المظلم.. أكبر عملية في التاريخ ضد "التجارة الحرام"

تكنولوجيا

اليمن العربي

تمكنت 8 دول أوروبية بالتعاون مع الولايات المتحدة في توقيف عشرات الأشخاص الذين يقومون بعمليات غير قانونية عبر الإنترنت المظلم.

 

أُوقف نحو 150 شخصاً كانوا يشترون أو يبيعون مخدرات أو أسلحة على الإنترنت المظلم (دارك ويب) في كافة أنحاء العالم، في إحدى أكبر العمليات على الإطلاق ضد هذه النسخة الخفيّة من الانترنت، وفق ما أعلن مسؤولون في الشرطة الأوروبية "يوروبول" ووزارة الخارجية الأمريكية الثلاثاء.

 

الإنترنت المظلم هو الذي تجري عن طريقه معاملات سرية، لا يمكن تعقبها، فجميع أنشطة الإنترنت المظلم غير مسجلة على الويب، وبالتالي فهو ساحة كبيرة للمعاملات غير القانونية من تجارة مخدرات وسلاح وخلافه.

 

وأفادت يوروبول أيضاً عن مصادرة ملايين اليورو نقداً وبالبيتكوين إضافة إلى مخدّرات وأسلحة في هذه العملية المسمّاة "دارك هانتور" (DarkHunTOR).

 

9 دول

 

وأوضحت يوروبول أن هذه العملية "كانت تقوم على سلسلة خطوات منفصلة لكن متكاملة في أستراليا وبلغاريا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وسويسرا وبريطانيا والولايات المتحدة".

 

تأتي العملية بعد تفكيك منصّة "دارك ماركت" (DarkMarket) في يناير/كانون الثاني بقيادة الشرطة الألمانية. وقدّم هذه المنصّة المحققون آنذاك على أنها "أوسع" نقطة شراء في السوق السوداء الإلكترونية.

 

في الولايات المتحدة، أُوقف حوالى 65 شخصاً في هذه العملية التي سمحت أيضاً بتوقيف 47 شخصاً في ألمانيا و24 في بريطانيا و4 في إيطاليا و4 في هولندا وغيرهم. ويشكل أشخاص عدة من بين الموقوفين "أهدافاً مهمّين" بالنسبة ليوروبول.

 

وصادرت قوات الأمن أيضاً 26,7 مليون يورو نقداً وبالعملات الإلكترونية إضافة إلى مخدرات وخصوصاً 25 ألف حبّة اكستاسي و45 سلاحاً نارياً.

 

في إيطاليا، أغلقت الشرطة أيضاً سوقين غير قانونيتين تُسمّيان "ديب سي" (DeepSea) و"برولوسكوني" (Berlusconi) كانتا تعرضان سوياً "أكثر من 100 ألف إعلان لمنتجات غير قانونية"، بحسب يوروبول التي نفّذت عمليّتها بالتنسيق مع وحدة التعاون القضائي الأوروبية "يوروجاست".

 

الأدلة

 

أوضحت يوروبول أن عملية التوقيف في يناير/كانون الثاني للمشغّل المفترض لمنصّة "دارك ماركت" وهو أسترالي يبلغ 34 عاماً على الحدود الألمانية الدنماركية "وفّرت للمحققين في كافة أنحاء العالم كنزاً من الأدلة".

 

وتفكيك منصّة "دارك ماركت" حيث كانت تُباع مخدرات من كافة الأنواع وعملة مزوّرة وبيانات بطاقات ائتمان مسروقة أو مزوّرة وشرائح هاتفية بدون أسماء وحتى فيروسات إلكترونية، مرتبط بعملية تعود إلى سبتمبر/أيلول 2019 نُفذت في ألمانيا ضد موقع مهمّ يعرض خدمات غير قانونية على الانترنت المظلم يُسمّى "سيبربانكر" Cyberbunker، وفق ما أعلنت النيابة آنذاك.

 

ويُشتبه في أن يكون مركز البيانات هذا الذي أُنشئ في قبو سابق لحلف شمال الأطلسي في جنوب غرب ألمانيا، استضاف منصّات عدة لبيع المخدرات إضافة إلى خوادم مستخدمة للإتجار بصور تتضمن مواد إباحية متعلقة بالأطفال أو هجمات إلكترونية.

 

جرائم المعلوماتية

 

ومذاك، جمع المركز الأوروبي لمكافحة الجرائم المعلوماتية التابع ليوروبول، معلومات لتحديد الأهداف الرئيسيين، وفق الوكالة.

 

يتعرّض الإنترنت المظلم أو "دارك ويب" وهو نسخة موازية لشبكة الإنترنت حيث إخفاء هوية المستخدمين مضمون، لهجمات متزايدة منذ أشهر من جانب أجهزة الشرطة الدولية.

 

وقال مساعد مدير العمليات في يوروبول جان-فيليب لوكوف الثلاثاء إن "هدف عمليات كهذه هو القول للمجرمين الذين ينشطون على الإنترنت المظلم إن المجتمع المكلّف فرض احترام القانون يمتلك وسائل وشراكات دولية لكشفهم".

 

من جانبها، أشارت مساعدة وزير العدل الأميركي ليزا موناكو خلال مؤتمر صحافي في واشنطن أن في الشقّ الأميركي من العملية، كانت 90% من أصل مئتي ألف حبة مصادرة، تحتوي على مواد أفيونية مزيفة ومخدرات أخرى خطيرة للغاية مثل الفنتانيل.

 

مخدرات وقرصنة وأوراق مزورة

 

بدوره أوضح ضابط في الشرطة الفرنسية المتخصصة في جرائم المعلوماتية لوكالة فرانس برس أن العملية استمرّت عدة أشهر.

 

في فرنسا مثلاً، "أوقف 3 أشخاص، هم رجلان وامرأة، في يونيو/حزيران". وتمّت مصادرة أصول جنائية بقيمة 35 ألف يورو. وكان الأشخاص الثلاثة يديرون موقعاً على الانترنت المظلم اسمه "لو موند باراليل" (Le Monde parallèle) أو "العالم الموازي". وكان أحدهم المدير وآخر المنسّق والثالث الشخص المكلّف تأمين المعاملات.

 

وقال الضابط "على هذا الموقع الذي يضمّ 1800 عضو، كان الشارون والبائعون يتبادلون مخدّرات وأوراق مزوّرة وبطاقات مصرفية مسروقة وبرامج قرصنة".

 

يرى الباحث في مجال الجرائم الإلكترونية في جامعة دلفت للتكنولوجيا رولف فان فيغبرغ أن العملية تمثل تغيّراً في نشاط الشرطة ضد المجرمين المفترضين الناشطين على الإنترنت.

 

وصرّح لصحفيين في قناة هولندية رسمية أن "في الماضي، كان هذا النوع من العمليات يهدف إلى توقيف مشغّلي هذا النوع من مساحات الأسواق ونرى حالياً أجهزة شرطة تهاجم البائعين الرئيسيين".