بداية الجمهورية الجديدة.. أسرار إنهاء الطوارئ في مصر

عرب وعالم

اليمن العربي

بعد نصف قرن من فرض حالة الطوارئ بمصر على فترات متفاوتة، عكس قرار "تاريخي" اتخذه الرئيس المصري، الإثنين، بإنهائها بداية جديدة لبلاده.

 

وعزا مراقبون، قرار الرئيس المصري اليوم إلى 3 أسباب رئيسية وهي نجاح الدولة المصرية في معركتها ضد الإرهاب، وتحقيقها منظومة تشريعية متكاملة، وأخيرا مؤسسات اقتصادية قادرة على تنفيذ متطلبات المجتمع، واصفين القرار بأنه تاريخي.

 

رسالة للعالم

 

اللواء سمير فرج، الخبير الاستراتيجي ومدير إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة المصرية الأسبق، قال قرار إلغاء حالة الطوارئ تاريخي وسيحسب للرئيس المصري كأحد القرارات الهامة في تاريخه السياسي منذ توليه حكم البلاد.

 

وتابع، أن حالة الطوارىء لها تاريخ يمتد لأكثر من نصف قرن، منذ أيام السادات ثم فترة مبارك، ثم أحداث يناير، وبعدها 7 سنوات في فترة حكم الرئيس السيسي، وإلغاء حالة الطوارىء اليوم يعني أننا دخلنا مستوى جديد من القرارات لم تحدث من قبل.

 

وفي رؤيته لدلالات القرار، يقول "فرج" إن القرار بمثابة رسالة للعالم، حيث يثبت أن مصر أصبحت دولة مستقرة، استطاعت أن تفضي على الإرهاب وقادرة على تأمين حدودها.

 

وهو بحسب "فرج": "يقودنا إلى المستوى الاقتصادي، فالقرار من شأنه أن يشجع المستثمرين على الاستثمار في مصر، ثالثا تشجيع السياحة وذلك قبل بدء الموسم الشتوي، وأخيرا القرار يعزز من سمعة مصر الدولية حيث أصبحت دولة مستقرة تحيى بحزمة تشريعات وقوانين اعتيادية عادية لا تفرض فيها حالة طوارىء".

 

قرار مدروس

 

يرى اللواء نصر سالم، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، أن قرار إلغاء الطوارىء نتاج حصاد جهد كبير بذل على كافة المستويات خارجيا وداخليا، اجتماعيا وثقافيا ودينيا، واقتصادي وأمني، على مدار السنوات الماضية.

 

وفي تصريحاته، قال إن القرار لم يكن مفاجئ لكنه مدروس، ويدل على أن مصر وصلت إلى حالة من الاستقرار والاطمئنان والأمن والأمان، التي لم تعد في حاجة لأي إجراءات استثنائية معها.

 

ودلل على ذلك بقوله الدولة المصرية نجحت في القضاء على البنية التحتية للإرهاب، والتصدي للخلايا النائمة، أما الآن فالقانون العادي أصبح كفيل بالعناصر الإرهابية.

 

وذكر "سالم" كيف استطاعت مصر تنفيذ برامج ومبادرات وطنية تنموية ناجحة للنهوض بالفئات المجتمعية الأكثر احتياجا، مثل مبادرة "حياة كريمة"، و"تكافل وكرامة"، فضلا عن تأسيس صندوق تحيا مصر ضمن منظومة اقتصادية غير مسبوقة مدعومة بتبرعات المصريين، وجهد المتطوعين، لتحقيق إنجازات غيرِ مسبوقة.

 

ولفت الخبير العسكري إلى أن الأوضاع في مصر قد تغيرت، وكذلك علاقتها بالدول التي كانت في السابق تمول الإهاب، فالأخيرة تسعى لتحسين علاقاتها بمصر، والتخلي عن الإرهابيين.

 

وأضاف: نشهد حاليا جمهورية جديدة بأمنها وأمانها واستقرارها، والقرار أكبر دليل على ذلك.

 

مواجهة الإعلام المضاد

 

اللواء الطيار الدكتور هشام الحلبي، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، اتفق مع سابقيه، في القول إن قرار إلغاء حالة الطوارىء انعكاس لحالة الاستقرار والأمن في مصر، لافتا إلى أن فرض الطوارىء ومدها أكثر من مرة خلال السنوات الماضية، كان بهدف مكافحة البور الإرهابية والقضاء عليها في وقت قصير، وهو ما نجحت فيه الدولة المصرية.

 

وذكر أن الاستقرار وصل إلى مستويات عالية دفعت بالقيادة السياسية لاتخاذ هذا القرار الذي يوصف بأنه شجاع وجريء.

 

وأشار الخبير العسكري إلى أن توقيت القرار في غاية الأهمية، حيث يعطي مصداقية للقيادة المصرية أمام العالم وسيصب في صالح مشروعات التنمية وجذب الاستثمارات والسياحة، فضلا عن دحض أكاذيب الإعلام المضاد، الذي كان يحاول أن يزيف الوقائع في مصر بعكس الحقائق، كإدعاءاته بشأن فرض حالة الطوارىء بمصر"

 

مكافحة الإرهاب والتنمية

 

بدوره، علق المتحدث العسكري باسم الجيش المصري العقيد أركان حرب غريب عبدالحافظ على إلغاء الرئيس السيسي مد حالة الطوارىء في البلاد بأنه قرار جلل لإنجازات عظيمة تليق بما دفع فيها من ثمن غالى من أرواح شهدائنا الأبرار، مباركا للشعب المصري "جثي الثمار بهذا القرار".

 

وعكست تصريحات المتحدث العسكري، لبرنامج "على مسؤوليتي" مع الإعلامي أحمد موسى، دلالات قرار إلغاء حالة الطوارىء دون أن يتطرق لها بشكل مباشر، عندما قال نجحنا بشكل كبير في الحرب على الإرهاب، بالتوازي مع معركة التنمية الشاملة، بعد المرور بفترة صعبة.

 

وأكد أن القوات المسلحة تضطلع بدور هام بمعركة ضد الإرهاب وأخرى وهي معركة التنمية، معلقا "حققنا نجاحًا عظيمًا الحمد لله".

 

وذكر المسؤول العسكري بـ"كم المشروعات الكثيرة التي فتحت بحضور الرئيس السيسي، ومن بينها افتتاح محطات تحلية المياه، بينها 22 محطة في سيناء، بتكلفة 9 مليارات جنيه، وهو ما يعكس مدى الاهتمام بتنمية شبه جزيرة سيناء»، مشيرا إلى أن المشروعات الجديدة تشمل الأنفاق لتسهيل الحركة من وإلى سيناء".

 

استقرار شامل

 

من جانبه، فسر السفير بسام راضي المتحدث باسم الرئاسة دلالات إلغاء القرار قائلا:  دلالة حديث الرئيس السيسي، كبيرة لأنه نسب فضل هذا القرار للشعب المصرى العظيم كما نسبه أيضا إلى رجال مصر الأوفياء من الجيش والشرطة.

 

وأضاف راضى، في تصريحات لصحيفة "الأهرام" الحكومية أن تلك العناصر هى التى أدت إلى حالة الاستقرار والأمن الذى أدى فى النهاية إلى صدور هذا القرار، مؤكدا أن هذا الاستقرار يعد استقرارا بمفهومه الشامل أى استقرار "سياسي واقتصادى واجتماعى بل وأمنى" أيضا. 

 

وشدد المتحدث الرئاسي أن القرار تمت دراسته جيدا وتم اتخاذه وفق معايير شديدة للغاية ووفق أيضا حقائق موجودة بالفعل على مستوى الجمهورية.

 

وأكد أن حديث الرئيس يعد انعكاسا للجهود الكبيرة التى تمت فى مصر خلال السبع سنوات الماضية بتناغم شديد للغاية بين الأجهزة التنفيذية وفى إطار من الرؤية للقيادة الحكيمة والذى انتقل للمستوى التنفيذى مما أدى إلى حدوث هذ االتناغم بين كافة فئات الشعب المصرى.

 

إلغاء تاريخي

 

وفي وقت سابق مساء من الإثنين، أعلن السيسي، إلغاء تمديد حالة الطوارئ المفروضة منذ 4 سنوات في جميع أنحاء البلاد.

 

وأكد السيسي أن الشعب المصري هو الصانع الحقيقي لهذا القرار على مدار السنوات الماضية بمشاركته الصادقة المخلصة في كافة جهود التنمية والبناء.

 

وقال السيسي عبر صفحته الشخصية بموقع "فيسبوك"إنه: "يسعدني أن نتشارك معاً تلك اللحظة التي طالما سعينا لها بالكفاح والعمل الجاد ، فقد باتت مصر .. بفضل شعبها العظيم ورجالها الأوفياء، واحة للأمن والاستقرار في المنطقة ؛ ومن هنا فقد قررت، ولأول مرة منذ سنوات، إلغاء مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد".

 

وطبق قانون الطوارىء في مصر للمرة الأولى، في أعقاب ما يسمى بنكسة 1967، خلال عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، قبل أن يستمر خلفه الرئيس الراحل أنور السادات في العمل بالطوارىء.

 

لكن ضغوط سياسية دفعت السادات إلى إلغاء القرار في مايو/آيار 1980 قبل أن يؤدي اغتياله في 6 أكتوبر/ تشرين أول 1981 لعودة العمل بها، وهو الأمر الذي استمر طوال فترة حكم الرئيس الراحل حسني مبارك.

 

وبعد نحو عامين من أحداث يناير/ كانون ثان 2011، أوقف المجلس العسكري، خلال الفترة الانتقالية بالبلاد العمل بحالة الطوارئ بشكل نهائي يوم 31 مايو/ آيار 2012، لكن عاد فرض قانون الطوارئ مع أحداث العنف التي شهدتها البلاد عقب الإطاحة بنظام الإخوان، وفرضها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي منذ نهاية 2014 في منطقة سيناء فقط بسبب تزايد الأعمال الإرهابية.

 

واتسعت لتشمل كافة أنحاء البلاد منذ أبريل/ نيسان 2017، بعد حادثة استهداف كنيستين بمحافظتي الإسكندرية وطنطا، ومنذ ذلك يجري تجديدها كل ثلاثة أشهر بموافقة مجلس النواب المصري.