كواليس انهيار الليرة التركية.. أردوغان يزج بالبنوك في محرقة الفائدة

اقتصاد

اليمن العربي

هوى سعر الليرة التركية، الأحد، إلى قاع قياسي جديد مسجلا 9.74 ليرة لكل دولار، إثر مضي الرئيس رجب أردوغان في قراراته الارتجالية.

 

وفقدت الليرة ربع قيمتها تقريبا حتى الآن هذا العام في تطور أرجعه المصرفيون إلى تصريحات الرئيس أردوغان وقراراته.

 

وتنخفض قيمة الليرة بشكل أساسي بسبب إصرار البنك المركزي التركي على الانصياع لأوامر أردوغان وخفض أسعار الفائدة على عكس المنطق التقليدي.

 

ودفعت ضغوط من أردوغان استهدفت تحفيز الاقتصاد، البنك المركزي إلى خفض أسعار الفائدة بواقع 200 نقطة أساس في الأسبوع الماضي.

 

ويبدو أن أردوغان والبنك المركزي قررا تطوير عنادهما عبر الزج بأكبر البنوك الحكومية في فخ خفض الفائدة.

 

توريط البنوك الكبرى

 

وقالت ثلاثة مصادر مطلعة إن من المتوقع أن تخفض البنوك الحكومية في تركيا سعر الفائدة على القروض بنحو 200 نقطة أساس الإثنين في أعقاب إعلان البنك المركزي خفضا كبيرا غير متوقع للفائدة الأسبوع الماضي.

 

وقالت المصادر المصرفية الثلاثة لرويترز، بشرط عدم الكشف عن هويتهم لأنهم غير مصرح لهم بمناقشة الأمر، إن ثلاثة من البنوك الحكومية الكبرى، هي بنك خلق وبنك وقف وبنك زراعات، من المتوقع أن تخفض الفائدة على قروض الشركات والأفراد والرهن العقاري وغيرها من القروض.

 

وبعث أحد البنوك يوم الجمعة برسالة بالبريد الإلكتروني لموظفيه، أطلعت رويترز عليها، يبلغهم باعتزام البنك خفض تكلفة الاقتراض 200 نقطة أساس.

 

وقال مصدر مصرفي آخر إن البنوك الحكومية ستخفض الفائدة غدا الأثنين "بنسبة كبيرة تضاهي 200 نقطة أساس التي خفضها البنك المركز من سعر إعادة الشراء (الريبو).

 

وقال بنك زراعات إنه ليس لديه تعليق ورفض بنك خلق التعليق ولم يرد بنك وقف على الفور على طلب التعليق.

 

ولم يرد صندوق الثروة التركي الحكومي كذلك على الفور ويملك الصندوق بنك زراعات بالكامل وحصة 75 بالمئة من بنك خلق وحصة 36 بالمئة من بنك وقف.

 

ورفض البنك المركز التعليق على خطط البنوك الحكومية.

 

إلهاء سياسي

 

من جهة أخرى، قال معارضون سياسيون إن تعليمات أردوغان بطرد سفراء عشر دول غربية حليفة لأنقرة كانت محاولة لصرف الأنظار عن متاعب تركيا الاقتصادية بينما عبر محللون عن أملهم في تجنب طردهم.

 

وقال أردوغان، السبت، إنه أمر باعتبار السفراء العشرة ’أشخاصا غير مرغوب فيهم’ لمطالبتهم بالإفراج عن رجل الأعمال عثمان كافالا الذي ينفق من ثروته في أوجه الخير.

 

وإلى الآن لم تنفذ وزارة الخارجية التركية تعليمات الرئيس التي ستتسبب، في حالة تنفيذها، في أعمق خلاف مع الغرب خلال حكم أردوغان المستمر منذ 19 عاما.

 

وقال كمال كيليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري، وهو حزب المعارضة الرئيسي، إن أردوغان "يجر البلاد بسرعة إلى الهاوية".

 

وقال على تويتر "السبب في هذه التحركات ليس حماية المصالح الوطنية بل إيجاد أسباب مصطنعة لتخريب الاقتصاد".

 

وكافالا الذي يسهم في تمويل الكثير من منظمات المجتمع المدني محبوس منذ أربع سنوات بتهمة تمويل احتجاجات في أنحاء البلاد في عام 2013 والضلوع في انقلاب فاشل في عام 2016. وينفي كافالا الاتهامات ويستمر حبسه على ذمة المحاكمة.

 

"أفلام أردوغان"

 

وقال يافوز أجير علي أوغلو نائب زعيم حزب الخير المعارض "شاهدنا هذا الفيلم من قبل. عد في الحال إلى أجندتنا الحقيقية ومشكلة هذا البلد الأساسية وهي الأزمة الاقتصادية".

 

وقال أردوغان إن السفراء وقحون وليس لهم الحق في المطالبة بالإفراج عن كافالا، مشددا على أن القضاء التركي مستقل.

 

واستغرب سنان أولجين رئيس مركز الأبحاث إيدام الذي يتخذ من إسطنبول مقرا له، وهو دبلوماسي تركي سابق، التوقيت الذي اختاره أردوغان لأنه جاء في الوقت الذي تسعى فيه تركيا إلى إعادة رسم سياستها الخارجية بعيدا عن وقائع التوتر في السنوات الأخيرة.

 

وقال على تويتر "ما زلت آمل في ألا تمضي أنقرة في هذا (الأمر)" الذي وصفه بأنه إجراء غير مسبوق بين الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي.

 

ومضى يقول "تعمل مؤسسة السياسة الخارجية بجد لإيجاد صيغة أكثر قبولا (للعدول عن الطرد). لكن الوقت ينفد".

 

تهديدات جوفاء

 

ولم يمض أردوغان قدما على الدوام في تنفيذ تهديداته.

 

ففي عام 2018 قال إن تركيا ستقاطع السلع الإلكترونية الأمريكية وكان ذلك خلال نزاع مع واشنطن. لكن مبيعات السلع الإلكترونية الأمريكية لتركيا لم تتأثر.

 

وفي العام الماضي دعا الأتراك إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية بسبب ما قال إنها أجندة الرئيس إيمانويل ماكرون المعادية للإسلام لكنه لم يفعل ذلك.

 

وقال مصدر دبلوماسي إن قرارا بشأن السفراء يمكن أن يُتخذ في اجتماع الحكومة الاثنين، وإن التهدئة ممكنة في ضوء المخاوف من التداعيات الدبلوماسية المحتملة.

 

وسبق أن قال أردوغان إنه سيجتمع مع الرئيس الأمريكي جو بايدن على هامش قمة مجموعة العشرين في روما في مطلع الأسبوع المقبل.

 

وفي بيان مشترك صدر يوم 18 أكتوبر تشرين الأول دعا سفراء كل من كندا والدنمرك وفرنسا وألمانيا وهولندا والنرويج والسويد وفنلندا ونيوزيلندا والولايات المتحدة إلى حل عادل وسريع لقضية كافالا وإلى "إطلاق سراحه فورا".

 

واستدعت وزارة الخارجية التركية السفراء العشرة ووصفت البيان بأنه ينم عن عدم الإحساس بالمسؤولية.