انتخابات العراق تزيح "بنادق الظل".. "قوى تشرين" تصفع رجال إيران

عرب وعالم

اليمن العربي

مع انتهاء المفوضية العليا للانتخابات العراقية من إعلان الكتل والأسماء الفائزة في الانتخابات التشريعية الأكثر جدلاً في تاريخ العراق السياسي ما بعد 2003، تكون البلاد أمام توازنات جديدة تؤشر لبداية مختلفة بعيدا عن الضغوط الإيرانية.

 

وجاءت نتائج الانتخابات التي أجريت الأحد، بأحجام وأثقال انتخابية مختلفة، عضدت من حظوظ قوى تقليدية ونزعت عن آخرى الدعم والامتداد الجماهيري التي طالما تمترست في حصونه.

 

وأفرزت الانتخابات المبكرة والخامسة في العراق، والتي جاءت على حساب 600 قتيل وآلاف الجرحى العراقيين، كيانات وتحالفات وقوائم مفردة لم تكن حاضرة في الانتخابات التشريعية الأربعة الماضية التي خاضها العراق.

 

تفوق الصدر وغياب القوى التقليدية

 

وبحسب النتائج الأولية التي أعلنتها مفوضية الانتخابات، فقد حقق التيار الصدري الذي يترأسه مقتدى الصدر فوزاً كاسحاً بإحرازه 73 مقعداً مبتعدا عن أقرب منافسية من القوى الشيعية والسنية وحتى الكردية بفارق كبير.

 

فيما غابت قوى كلاسيكية ظلت حتى الأمس القريب تشكل الحجر الاساس في تشكيل الحكومات بينها تحالف الفتح بقيادة هادي العامري والنصر برئاسة حيدر العبادي والحكمة التي يترأسها عمار الحكيم.

 

ومع أن الانتخابات أفرزت فوز ائتلاف "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي بـ37 مقعداً، إلا أن تصاعد حظوظ  "التيار الصدري"، رافقه وصول قوى تمثل الشارع الاحتجاجي، يقطع الطريق على شهية الأحزاب والقوى بالتحالف مع المالكي مستقبلاً.

 

وفي المشهد ذاته، يشكل تراجع "تحالف الفتح" بقيادة هادي العامري، الذي يضم أحزاب ومليشيات مسلحة موالية لإيران وما يقابله من صعود حركة "امتداد"، القريبة من الشارع الاحتجاجي، فرصة لتصحيح المسار وإبعاد البنادق غير الشرعية عن مؤسسات الدولة العراقية.

 

صدمة الموالين لإيران

 

وعلى ما يبدو فإن أحداث أكتوبر التي شهدها العراق في خريف 2019، عقب اندلاع الاحتجاجات الغاضبة التي عمت مدن وسط وجنوب البلاد، استطاعت من تغيير مزاج الناخب وتوجيه نحو خيارات هادئة أقل تطرفاً وأقرب للمدنيين.

 

وعشية إعلان النتائج الأولية للانتخابات العراقية دعا قياديو "تحالف فتح" إلى اجتماع طارئ لدراسة ما وصف بـ"الصدمة"، عقب تراجع حظوظهم الانتخابية.

 

يأتي ذلك في وقت يجري قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني، زيارة مفاجئة إلى بغداد، صبيحة إعلان نتائج الانتخابات والتي فسرها بعض المتابعين على أنها "فرصة أخيرة"، لطهران لملمة خسائرها في العراق من خلال الضغط على مفوضية الانتخابات لتغيير بعض البيانات والنتائج.

 

إلا أن إرادة الناخب العراقي بدت أكبر من تلك الإرادات والمساعي التي بذلتها طهران على مدار السنوات الماضية للضغط على الحكومات العراقية وقرارها السياسي لصالح ولاية الفقيه.

 

وتتحدث البيانات الرسمية عن أن ما يسمى بـ"حركة حقوق" التي يترأسها المليشاوي في حزب الله ، حسين مؤنس، خرجت خالية الوفاض بعد أن انحسرت حظوظها بأكثر تقدير حصولها على مقعد نيابي يتيم.

 

قائمة الحلبوسي

 

في المشهد السني السياسي بالعراق في الانتخابات، جاءت حركة "تقدم"، التي يرأسها القيادي الشاب ورئيس مجلس النواب الحالي محمد الحلبوسي، في المقدمة بعد أن حصدت بحسب معطيات أولية نحو  43 مقعداً.

 

ومثّل الحلبوسي لأهالي المناطق المحررة من سيطرة تنظيم داعش بمثابة "الفتى المنقذ"، لديارهم من الخراب بعد أن حقق حملة عمرانية كبيرة في محافظة الأنبار وخلال وقت قياسي.

 

أما عند جبال كردستان، كان المشهد متشابها مع انتخابات الماضي في بعض المشاهد ومختلفاً في جوانب آخر، حيث حصد الحزب الديمقراطي الكردستاني بإحرازه 32 مقعداً ليتقدم على غريمه التقليدي – الاتحاد الوطني الكردستاني والذي حصل على 15 مقعداً.

 

فيما شكل حرك "الجيل الجديد"، الذي يمثل تطلعات الشباب، النقطة الفارقة في المشهد الكردستاني بعد حصوله على 9 مقاعد نيابية.

 

فيما جاءت واحدة من "مفاجأة تشرين" بخروج حزب التغير والجماعة الإسلامية من التنافس النيابي بدون الحصول على أي مقعد.

 

وعلى ما يبدو فإن "ذلك الجميل لم ينساه أهالي المدن المدمرة" التي حملته إلى صناديق الاقتراع بأصوات القبول والتأشير، في أمل أن ترفع أكوام الخراب الذي خلفه داعش في مدنهم ويعيد لهم فرص الحياة.

 

وليس الحلبوسي وحيدا كان حاضرا في تلك المدن، فقد لحق تحالف "عزم"، الذي يترأسه السياسي خميس الخنجر، بركب التنافس بإحرازه 15 مقعداً.

 

إعلان النتائج وسط احتجاجات على تواجد إيران

 

وبالتزامن معى إعلان النتائج خرج العشرات وسط مدينة الناصرية، جنوب العراق، في مظاهرة، مساء الإثنين، احتجاجاً على زيارة قائد فيلق القدس إسماعيل قآاني إلى العراق.

 

والزيارة هي السادسة لقائد فيلق القدس إسماعيل قاآني منذ توليه منصبه أوائل العام الماضي، حيث أجرى في سبتمبر/أيلول الماضي، خامس زيارة للعراق.

 

وجاءت الاحتجاجات على زيارة قآاني، القائد بمليشيات الحرس الثوري الإيرني، خشية التدخل أو الضغط في تغيير مجرى نتائج الانتخابات التشريعية العراقية، والتي أعلنت نسبة التصويت فيها مساء الإثنين.

 

وذكر شهود عيان أن مظاهرة انطلقت قرب ساحة الحبوبي، وسط مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار، عقب ساعات من تدوال خبر وصول قائد فيلق القدس الإيراني إلى بغداد.

 

وعبر المتظاهرون عن رفضهم تلك الزيارة التي تتصادف مع إعلان تدريجي من قبل مفوضية الانتخابات لنتائج الانتخابات التشريعية التي جرت يوم الأحد.

 

وأبدى المتظاهرون خشيتهم من تدخل إيران في مجريات النتائج وتغييرها لصالح أحزابها وفصائلها المسلحة في العراق.

 

وكانت مصادر مطلعة أفادت بأن اسماعيل قآاني وصل في زيارة مفاجئة وسرية إلى بغداد، تستهدف لقاء قادة تحالف وقوى سياسية ذات ارتباط بطهران في إطار المتغيرات التي شهدها العراق عقب انتهاء إجراءات الانتخابات التشريعية المبكرة.

 

وغالباً ما توفد طهران شخصيات مسؤولة تضطلع بمهام صنع وتوجيه المليشيات في العراق بالتزامن مع أي متغيرات طارئة تعيشها بغداد.

 

وتتهم الحركات الاحتجاجية في العراق، طهران بالضلوع بجرائم قتل وتصفية طالت أكثر من 600 متظاهر وعشرات المعتقليين الذين لا يعرف مصيرهم حتى الآن.

 

ومثلت الانتخابات التشريعية المبكرة انعطافة في تاريخ الحاضر السياسي العراقي بعد أن أرغمت الانتفاضة الشعبية العارمة التي انطلقت في خريف 2019، رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي إلى تقديم استقالته بعد نحو عام من تسلمه المنصب.