"أزمة ديون" تطارد واشنطن والعالم يخشى "مأساة تاريخية"

اقتصاد

اليمن العربي

نجت الولايات المتحدة من "إفلاس تاريخي" بعد أن تمكن الحزب الديمقراطي الحاكم من انتزاع موافقة بشق الأنفس على رفع سقف الدين.

 

والخميس الماضي، وافق مجلس الشيوخ الأمريكي على تشريع بزيادة مؤقتة في سقف الدين للحكومة الاتحادية في أكبر قوة اقتصادية بالعالم.

 

ولم يصوت لمصلحة النص إلا أعضاء المجلس الديمقراطيون وعددهم 50 سيناتورا، في حين صوت ضده 48 سيناتورا جمهوريا بينما امتنع السيناتوران الباقيان عن التصويت.

 

وجاء التصويت في أعقاب صراع على مدى أسابيع بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وقد جنب البلاد خطر الوقوع لأول مرة في تاريخها في هوة التخلف عن السداد.

 

فرار "مؤقت" من الإفلاس

 

والقرار جنب واشنطن مخاطر عجز تاريخي عن السداد في وقت لاحق هذا الشهر، غير أنه أجل قرارا بشأن حل أطول أمدا حتى مطلع ديسمبر/كانون الأول.

 

وجاء تصويت المجلس بعد مواجهة على مدى شهور مع اقتراب موعد 18 أكتوبر/تشرين الأول الذي توقعت وزارة الخزانة أنها لن تتمكن بحلوله من الوفاء بالتزاماتها.

 

ويزيد التشريع سقف الدين الحالي البالغ 28.4 تريليون دولار بواقع 480 مليار دولار، وهو مبلغ من المتوقع أن ينفد بحلول الثالث من ديسمبر كانون الأول.

 

ويعني هذا أن واشنطن ستواجه موقفا مشابها ولن تتمكن من سداد مديونياتها عقب الثالث من ديسمبر/ كانون الأول، مال لم تتوصل إلى اتفاق جديد لرفع السقف.

 

لعبة خطيرة

 

والثالث من ديسمبر/كانون الأول هو أيضا نفس اليوم الذي ينتهي فيه التمويل لمعظم البرامج الاتحادية بموجب إجراء لسد الفجوة تم إقراره هذا الشهر بعد مواجهة بين الحزبين أيضا.

 

ويعني هذا أنه سيتعين على الكونجرس المنقسم بشدة مواجهة التحديين المتمثلين في التوصل إلى حل وسط بشأن الإنفاق حتى سبتمبر/أيلول 2022، وأيضا تجنب أزمة جديدة بشأن سقف الدين.

 

ويُحال مشروع القانون الذي أقره مجلس الشيوخ بعد ذلك إلى مجلس النواب، وبخروجه انتقلت كرة إقرار مشروع القانون إلى المجلس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون والذي يتوقع أن يصوت على النص منتصف الأسبوع الجاري، ليحال بعدها إلى الرئيس جو بايدن للمصادقة عليه ونشره قانونا نافذا.

 

وإذا كان هذا الاتفاق الموقت قد طمأن بورصة وول ستريت التي أغلقت جلسة الخميس على ارتفاع، إلا أنه لم يهدئ التوتر بين الحزبين في الكابيتول هيل، ولا أرضى بالكامل البيت الأبيض.

 

وقال زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر إن "الجمهوريين لعبوا لعبة خطيرة ومحفوفة بالمخاطر"، منددا برفض المعارضة الجمهورية الموافقة على رفع سقف الدين لمدة أطول.

 

وأضاف "ما نحتاج إليه الآن هو حل طويل الأمد، حتى لا نشهد هذه المأساة الخطرة بانتظام، ونأمل أن ينضم إلينا الجمهوريون في ذلك".

 

أزمة سقف الدين الأمريكي

 

وليست المرة الأولى التي تصل فيها الحكومة الأمريكية إلى سقف الاقتراض، فقد تم رفعه أكثر من 70 مرة منذ عام 1962، إلى أن تم تعليق العمل بآلية رفع السقف في 2019.

 

وتم تجاوز السقف باستخدام صلاحيات وزير الخزانة، ولكن هذه الصلاحية ستنتهي هذا الشهر.

 

والحكومة الأمريكية تقترض باستمرار وقد ازدادت حدة الاقتراض بسبب تداعيات فيروس كورونا منذ 2020 على يد الرئيس الجمهوري دونالد ترمب، ثم الرئيس جو بايدن الذي توسع في البرامج الاقتصادية وبرامج الدعم المختلفة.

 

مأساة تاريخية للعالم

 

خلال العقود الثلاثة الماضية تم اعتبار سندات الخزانة الأمريكية ضمن أكثر أشكال الاستثمار سلامة وعائداً ثابتاً، ولذلك فإن كافة البلدان الغنية والبنوك المركزية في العالم تقريباً استثمرت مئات المليارات في هذه السندات التي لم تكن محلّ شك في يوم من الأيام.

 

وبالإضافة إلى استثمارات البلدان الصناعية المتقدمة، كبريطانيا وألمانيا وفرنسا واليابان، فقد انضمت أيضاً وبصورة مكثفة البلدان الصاعدة، كالصين والبرازيل وروسيا والبلدان المصدرة للنفط، إلى قائمة المستثمرين في سندات الخزانة الأمريكية.

 

بل إن بعض البلدان الصاعدة تجاوزت البلدان الصناعية في حجم الديون المترتبة لها على الولايات المتحدة.

 

ومن هنا تكمن خطورة تخلف واشنطن عن السداد، وهي خطوة قد تؤدي إلى خفض التصنيف السيادي للولايات المتحدة الأمريكية.

 

وسيؤثر ذلك على كافة الاقتصادات الفاعلة في العالم، الأمر الذي دفع صندوق النقد الدولي إلى وصف هذا الأمر منذ نحو 10 أعوام بأنه "حدث خطير جداً جداً".