أقدم نادي موناكو، المعروف بتصديره إلى عالم كرة القدم أسماء لامعة بحجم كيليان مبابي أو تييري هنري، على تغيير فلسفته والتكيف مع العصر الجديد، بعدما وسع أذرعه لتصل إلى أمريكا اللاتينية وصمم خطة لتأهيل لاعبين قادرين على تلبية المتطلبات البدنية لكرة القدم الحديثة.

فنادي إمارة موناكو التي يقطنها 35 ألف شخص فقط، لم يصدر لعالم كرة القدم النجمين هنري ومبابي فقط، فهناك بطلا العالم مع فرنسا في 1998، إيمانويل بيتي وديفيد تريزيجيه، وكذلك بطل العالم مع "الديوك" في 2018، غبريل سيديبي، جميعهم تأهلوا في صفوف ناشئي هذا النادي.

وجذب هذا النادي أيضاً أساطير في دول أخرى، مثل المكسيكي رافا ماركيز والكولومبيين راداميل فالكاو وخاميس رودريغيز، إضافة لليبيري جورج وايا والألماني يورغن كلينسمان، الذين ساهموا في تعزيز التاريخ الكبير للفريق الأبيض والأحمر، المتوج ثماني مرات بالدوري الفرنسي والذي تأهل لنهائي دوري الأبطال في 2004.

ويقول نائب رئيس موناكو، أوليغ بيتروف  "فرنسا في حد ذاتها مصدر ضخم لتصدير المواهب، لكن هناك أيضاً دول أخرى مثل إسبانيا والبرتغال، تعد سوقاً مثيراً للاهتمام. لدينا أيضاً ألمانيا وبريطانيا وبلجيكا، والآن أيضا في البرازيل".

وتعد البرازيل، البلد الأكثر تصديراً للاعبي كرة القدم في العالم، هي نقطة الانطلاق الجديدة لكشافي موناكو نحو اللاعبين اللاتينيين، حيث يقول المسؤول "نريد التوسع منذ هناك لدول أخرى في أمريكا اللاتينية، حيث توجد مواهب رائعة. الفكرة هي تأهيل اللاعبين وتحقيق مبيعات كبيرة من خلالهم".

ويعد بيتروف هو اليد اليمنى للملياردير الروسي ديمتري ريبولوفليف، الذي استحوذ على النادي في عام 2011، عندما كان يلعب بدوري الدرجة الثانية وكان قريباً من الهبوط للدرجة الثالثة.

وبعد فترة من التوسع، شملت استثمارات ضخمة كبيع فالكاو (43 مليون يورو)، وخاميس (45 مليون يورو) وجواو موتينيو (25 مليون يورو)، استعاد النادي جوهره كصانع للنجوم وبائع جيد للصفقات.

ومنذ موسم 2011-2012 بدأ النادي في الخروج رابحاً من صفقات الشراء والبيع، ووصلت الأرباح إلى نحو مليار يورو حتى الموسم الحالي.

فنادي الإمارة باع برناردو سيلفا وبنيامين ميندي إلى مانشستر سيتي مقابل 50 و57.5 مليون يورو على التوالي، ووافق على رحيل النجم العالمي كيليان مبابي إلى باريس سان جيرمان مقابل 180 مليون يورو، ثم أعطى الضوء الأخضر لرحيل توماس ليمار إلى أتلتيكو مدريد مقابل 72 مليون يورو، كل هؤلاء يمثلون دليلاً على المنهج الاستثماري الناجح لموناكو.

لاعب المستقبل
تغير نموذج اللاعب الذي يسعى موناكو لضمه مع الحداثة في كرة القدم، التي أصبحت تحتاج للاعب التكتيكي والبدني بشكل متزايد، في ظل ارتفاع قدرة الفرق على الضغط على الخصم لوقت أطول في المباراة.

ومنذ عام ونصف، مع تولي الإنجليزي بول ميتشيل منصب المدير الرياضي للنادي، تغير التوجه داخل أكاديمية موناكو، التي تعد واحدة من أفضل مراكز التأهيل في فرنسا.

فميتشيل، الذي يتأثر بالمنهج الصارم الذي تطبقه أندية مثل رد بول، سعى إلى خلق "بيئة مناسبة" لإطلاق لاعبي كرة قدم يمتلكون المزيد من القدرات البدنية، التي تساعدهم في مواجهة الكثافة المتزايدة للأندية المنافسة التي تلعب على الضغط المتقدم.

وقال المسؤول "إدارة موناكو كانت تبحث عن مراجعة كاملة للجانب الفني ولنموذج العمل، بدءاً من الإدارة الفنية"، وذلك بالتعاقد مع المدرب نيكو كوفاك في عام 2020.

وأضاف ِ"نتفهم أنه لا يوجد لاعب يشبه لاعبا آخر، لكن ما نبحث عنه هو أن يتناسب اللاعب الذي ينضم إلينا مع مبادئنا الخاصة المتمثلة في طريقة عملنا وكذلك أسلوب لعبنا".

وتابع "ما هي الصفقة الكبيرة الأخرى؟ بالتأكيد ستكون مسألة وقت. علينا أن نكون أكثر جاهزية وأفضل مما كنا عليه في الماضي. أتمنى بالطبع أن نتعاقد مع كيليان مبابي جديد أو تييري هنري جديد".