العراق يطارد أمواله المهربة.. قصة 500 مليار دولار خرجت ولم تعد

اقتصاد

اليمن العربي

يحاول العراق تحريك جميع المسارات والجهود سواء المحلية منها أو الخارجية لاستعادة أمواله المهربة، التي قدرت بنحو 500 مليار دولار.

 

وكانت بغداد استضافت خلال منتصف الشهر الجاري مؤتمرا دولياً لاسترداد الأموال العراقية المهربة إلى الخارج، حضره عدد من وزراء العدل ورؤساء مجالس القضاء والأجهزة الرقابية في العديد من الدول العربية.

 

وخرج المؤتمر الذي انعقد على مدى يومين ببيان ختامي على شكل توصيات مقسمة ضمن 18 نقطة، من أهمها التشجيع على عقد اتفاقيات ثنائية بين الدول، مما يساعد العراق على استعادة أمواله، فضلا عن أهمية قيام بغداد بإصدار أدلة إرشادية تبسط آلية استرداد الأموال.

 

والخميس الماضي، جاء خطاب رئيس الجمهورية العراقية برهم صالح خلال انعقاد أعمال الجمعية العمومية للأم المتحدة، في دورتها الـ76، في سياق محاربة الفساد وكونه لا يقل شأناً عن خطر الإرهاب.

 

الفساد وضياع الثروات

 

ويعاني العراق منذ عام 2003، من تفشي الفساد في أغلب مؤسساته وسوء إدارة، مما أسفر عن ضياع ثروات طائلة على مشاريع وهمية وعمليات غسل أموال يتهم جهات نافذة بالوقوف خلفها.

 

ورغم الجهود التي يبذلها العراق في استرجاع أمواله المهربة خارج البلاد، والتي تترواح بحسب تقديرات ما بين (350 - 500) مليار دولار، إلا أنه لم يحصل منها إلا على القليل.

 

ويتطلع بعض المراقبين والمعنيين بذلك الشأن إلى جهود حكومية من شأنها إيقاف نزيف الفساد داخلياً والضغط خارجياً لاسترجاع الأموال المهربة .

 

يقول المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر صالح، إن "استرداد الأموال المهربة، ملف شائك ويحتاج إلى تعاون دولي حقيقي وإلى متابعة قانونية وفنية وتعاون دولي في هذا المجال".

 

أوراق الضغط

 

ويوضح صالح، إن "العراق و خلال 3 عقود، استنزف أموالا طائلة عبر عمليات تهريب واستيلاء غير شرعي وهو ما يفرض على صناع القرار في بغداد تنسيق الجهود مع الخارج عبر لجان مشتركة بغية الوصول إلى تلك الأموال".

 

وبشأن أهمية انعقاد مؤتمر بغداد لاسترداد أمواله المهربة، يؤكد صالح، إن مثل تلك الخطوات "ستكون بمثابة ورقة ضغط على حركة الفساد عبر الدول والبنوك العالمية".

 

ولفت إلى أن "نتائج المؤتمر ثبتت دعائم مهمة في طريق استرجاع تلك الأموال من خلال تشجيع الكثير من الدول على توقيع اتفاقيات ثنائية مع بغداد خاصة أن نسخة من توصيات المؤتمر أرسلت إلى الأمم المتحدة من أجل وضعها ضمن الآليات التي يمكن اتباعها في استعادة أموال العراق بالتعاون مع المجتمع الدولي".

 

معوقات الاسترداد

 

مع كل المساعي التي تبذل من قبل دوائر النزاهة ولجان استرداد الأموال المهربة في العراق، تقف عوائق عدة تحول دون تمكين الفرق المختصة من وضع خارطة طريق للوصول إلى الثروات المنهوبة.

 

عبد الرحمن المشهداني، أستاذ الاقتصاد في الجامعة العراقية، يعرض جملة من الأسباب والثغرات التي تؤخر المضي باستكمال ذلك الملف من بينها جوانب تتعلق بأطر داخلية وخارجية.

 

ويؤكد المشهداني، أن "العراق ومنذ سنوات يطارد أمواله المهربة ولا يزال للآن في أولى الخطوات كون الخطوات التي يتبعها غير مسنودة ببعض الأطر القانونية والبروتوكولية".

 

ويشير إلى أن "الإشكالية الحقيقية تتمثل في ضرورة اتباع العراق الخطوات القانونية التي تشمل إجراء تحقيقات قضائية محلية تصل إلى أحكام قضائية قطعية".

 

وتابع: "بعد تلك المرحلة يجب على الحكومة ووزارة الخارجية مخاطبة الإنتربول الدولي ووزارات الخارجية الأجنبية من أجل الشروع في الإجراءات القضائية بتلك الدول".

 

مشروع استرداد الأموال

 

وكان رئيس الجمهورية العراقي، برهم صالح، قد اقترح في مايو/ أيار، الماضي، مشروع قانون على مجلس النواب العراقي يهدف إلى استرداد الأموال التي خرجت من العراق عن طريق الفساد، وأعلن صالح حينها أنه خرج من العراق على الأقل 150 مليار دولار عن طريق الفساد.

 

من جانبه يقول الخبير القانوني طارق حرب، إن "القوانين المختلفة في الدول لا تمنع استرداد الأموال المهربة، ولكن هناك عوائق أخرى".

 

وأضاف "نحتاج إلى اتفاقيات ثنائية لاحقا أو نلجأ الى مجلس الأمن لمساعدتنا في إصدار قرار بشأن استرداد هذه الأموال".

 

وأوضح: "ليس هناك قوانين مختلفة بين الدولة كما يشاع تمنع استرداد الأموال المهربة من العراق وإنما نحتاج إلى تعاون والتزام للطلبات الصادرة من القضاء العراقي باسترداد الأموال".

 

وقالت عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، ندى جودت، إن عودة الأموال المهربة تتطلب وجود الإرادة الحكومية الحقيقية قبل الشروع بخلق شراكات واتفاقيات خارجية.

 

وأضافت: "الأجدر بالعراق التحرك نحو تحصين موارده من الداخل من خلال مكافحة الفساد وإحكام سيطرته على قنواته في المنافذ الحدودية ومزاد بيع العملة وغيرها".