الرئيس التركي يتجه لتقييد مواقع التواصل الاجتماعي

عرب وعالم

اليمن العربي

جدد حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا تأكيده على تمرير قانون ظاهره "تنظيم" وسائل التواصل وباطنه رقابة تخنق الحريات.

 

تأكيد جديد قديم جاء على لسان عمر جليك، المتحدث باسم الحزب الحاكم الذي يتزعمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال مؤتمر صحفي عقده عقب اجتماع اللجنة المركزية لحزبه، وفق ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "جمهورييت" المعارضة.

 

وتطرق جليك في تصريحاته إلى مسودة قانون تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي التي قدمها الحزب للبرلمان في وقت سابق.

 

وزعم جليك أن "العنوان الأول لذلك (السعي لتمرير القانون)، هو حماية المواطن من الأخبار الكاذبة"، مضيفًا أن "الأخبار المزيفة تنتشر بسهولة بالغة هنا. هناك حاجة للتنظيم في هذا الصدد".

 

وأردف قائلا "عقدنا جلستين حول هذا الموضوع. لكن لا يمكننا القول إنه تم التوصل إلى نتيجة خلال تلك الاجتماعات، الموضوع الأهم هو حماية مواطنينا والديمقراطية من الأخبار الكاذبة".

 

واستطرد جليك قائلا "يجب ألا ننسى أننا نرى الدول الأجنبية والمنظمات الإرهابية تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مكثف للغاية".

 

وتابع: "أهم شيء هو إعداد اللوائح التي تحتاجها وسائل التواصل الاجتماعي. بالنظر إلى جميع وجهات النظر هذه، فهذا ضروري. وصلت معظم هذه الوسائل إلى قوة تتجاوز الدول".

 

وانتهى حزب العدالة والتنمية من مسودة التنظيم القانوني لوسائل التواصل الاجتماعي، وتقرر فيها فرض عقوبة في قانون العقوبات التركي لمن يصنعون أخبارًا كاذبة وينشرونها أو يهينون أشخاصًا على وسائل التواصل الاجتماعي.

 

ووفق موقع "كي آر تي"، تقرر في اللائحة الجديدة التي أعدها الحزب، أن يحاكم المتهمون بإهانة شخص على وسائل التواصل الاجتماعي بالسجن لمدة تتراوح من 3 أشهر إلى عامين، ويواجه الذين ينشرون ويصدرون أخبارًا كاذبة عقوبات بالسجن من سنة إلى 5 سنوات.

 

وفي أغسطس/آب الماضي، سلط كاتب تركي الضوء على حملة الرئيس أردوغان، لخنق وسائل الإعلام المستقلة في البلاد.

 

وقال الكاتب ياوز بايدر، في دراسة له، إن "تحركات أردوغان في هذا الصدد تستهدف وسائل التواصل الاجتماعي التي أعرب مرارًا وتكرارًا عن ازدرائه لها، والمواقع الإخبارية الصغيرة التي تزداد شعبية على الإنترنت، والتي يتم شيطنتها بشدة من قبل وسائل الإعلام الموالية للحكومة وأتباعها".

 

ولفت إلى أن أردوغان قال في مؤتمر صحفي في ختام زيارته الأخيرة لجمهورية شمال قبرص التركية، ردًا على سؤال على وسائل التواصل الاجتماعي: "سنتخذ إجراءات ضد الإرهاب الفظيع. اعتبارًا من أكتوبر (تشرين الأول)، سيجري العمل لمعالجة هذه (القضية) في البرلمان".

 

واعتبر أن "هذا التصريح يأتي في أعقاب تقارير متكررة بأن حكومته تعتزم إنشاء هيئة، ربما تسمى: المجلس الأعلى لوسائل التواصل الاجتماعي، للحد من الازدحام في المكان، وهو ما يُنظر إليه على أنه أداة مكثفة للتعبير عن الانتقادات والمعارضة لسياساته القمعية".

 

وأضاف بايدر قائلا "في وقت واحد تقريبًا، تم إطلاق حملة تشهير من قبل العديد من المواقع الإخبارية المزعومة، متهمة عددًا من وسائل الإعلام المستقلة ومواقع المنظمات غير الحكومية بتلقي تمويل أجنبي من مصادر دولية، بما في ذلك المؤسسات والجهات المانحة الخاصة والمساهمين من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، وتشمل هذه المنافذ منصة الصحافة المستقلة (P24) وبيانيت وميديا سكوب وسيربيست".

 

الكاتب أشار كذلك إلى أنه "كمتابعة للحملة الجارية، انضم فخر الدين آلطون، رئيس دائرة الاتصال برئاسة الجمهورية التركية، إلى الجوقة، وتعهد بسلسلة من الإجراءات بشأن التمويل الأجنبي للمنظمات الإعلامية، واصفًا أنشطتها بأنها طابور خامس".

 

وبحسب بايدر، قال آلطون "من الواضح أن هناك حاجة إلى تنظيم للمنظمات الإعلامية العاملة في بلادنا بتمويل دول أو مؤسسات أجنبية. سنكمل الترتيبات اللازمة في أقرب وقت ممكن لحماية النظام العام ولضمان حق شعبنا في الحصول على أخبار دقيقة".

 

بايدر تابع قائلا "هذه الحملة ذات المسارين لا تترك مجالاً للشك في تصميم أردوغان ودوائره في السلطة، ومع الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في عام 2023 - إن لم يكن قبل ذلك - يُنظر إلى السيطرة الكاملة على وسائل الإعلام على أنها ضرورية لتعزيز الرقابة، وتأمين الانتخابات دون مراقبة وسائل الإعلام المستقلة".

 

وزاد الكاتب قائلا "من ناحية أخرى، فإن حملات التشهير واستهداف الصحفيين ليست بالأمر الجديد على تركيا. فلسنوات، تعرضت المنافذ الإخبارية المستقلة الناقدة للهجوم بسبب الانتماءات الوهمية، مثل كونها مؤيدة لحزب العمال الكردستاني، ومؤيدة لغولن، وتم التشهير بها بتهمة الخيانة".

 

وذكر الكاتب أن "تركيا لا تزال تحت قيادة أردوغان دولة رائدة في وضع قواعد اللعبة وتقييد حرية الإعلام والخطاب العام. وعندما نقول إن قصتنا مأساوية، فإننا لا نبالغ بأي حال من الأحوال، حيث إن تراجع الحقوق والحريات الأساسية وسيادة القانون في تركيا مركز في هدم الصحافة والاستيلاء على وسائل الإعلام من جهة وتفكيك القضاء وتبعيتها من جهة أخرى".

 

وذكر أن حوالي 95 في المائة من قطاع الإعلام يخضع الآن لسيطرة قصر أردوغان التحريرية إما بشكل مباشر أو غير مباشر.

 

وتابع قائلا "ونتيجة لذلك، يتعرض الجمهور التركي لأخبار غير مسبوقة وتعتيم على التعليقات، وكاد التنوع والخطاب العام الحر يختفيان منذ محاولة الانقلاب غير موجودة. ولم يتبق سوى أقل من حفنة من الصحف الحزبية الصغيرة، والقنوات التلفزيونية الصغيرة غير الفعالة".

 

ووفق الكاتب نفسه، تشير "أحدث بيانات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى أن تركيا أصبحت المنتهك الأكبر في المحكمة. وهي تحتل المرتبة الأولى بين 47 دولة عضوا بمجلس أوروبا في عدد الأحكام الصادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن انتهاكات حرية التعبير في 2020".

 

وعن عدد الصحفيين الموجودين في السجن، قال الكاتب بايدر إن الأرقام تختلف حسب المعايير "فوفقا لمنصة الصحافة المستقلة (بي 24)، هناك ما لا يقل عن 83 صحفيا محتجزون في السجون حتى فبراير (شباط) 2021".

 

وتابع: "وبحسب قاعدة بيانات (الصحفيون المسجونون والمطلوبون في تركيا) التابعة لمركز ستوكهولم للحريات، يوجد 175 صحفيا خلف القضبان و167 مطلوبين، إما في المنفى أو طليقين".

 

ولفت بايدر إلى أن "ما مجموعه 63 صحفيا أدينوا بتهمة إهانة الرئيس، بموجب المادة 299 من القانون الجنائي منذ انتخاب أردوغان رئيسا في أغسطس (آب) 2014. وغالبا ما يُدان الصحفيون بموجب قانون الإرهاب، إما بتهمة دعم منظمة غير قانونية أو الانضمام إليها. ويستخدم قانون البنوك أيضا لمقاضاة المراسلين التجاريين وإدانتهم".

 

كما "أجبِر ما لا يقل عن 160 منفذا إعلاميا على الإغلاق، في أعقاب محاولة الانقلاب في 2016. واعتُمدت تدابير حالة الطوارئ التي فُرضت بعد ذلك لإغلاق وسائل الإعلام المؤيدة لحركة غولن ولإسكات الموالين للأكراد واليساريين وعدد قليل من وكالات الأنباء"، بحسب المصدر نفسه.