معركة كهرباء لبنان.. الغاز المصري يطرد وقود إيران "المسموم"

اقتصاد

اليمن العربي

تقف أزمة الكهرباء التي يعاني منها لبنان على أعتاب الحل بعد وصول الخطة الأمريكية التي تشمل مصر والأردن وسوريا، لمرحلتها الأخيرة.

 

وتتلخص الخطة الأمريكية في توفير كميات من الغاز المصري للأردن، تمكّنه من إنتاج كميات إضافية من الكهرباء، لوضعها في الشبكة التي تربط الأردن بلبنان عبر سوريا.

 

من ناحية أخرى، كانت إيران تسعى لمد لبنان بالوقود، حيث تحركت السفن في البحر، ولكنها حتى الآن لم تصل إلى لبنان، لكنها في النهاية لا تمثل حلا نهائيا للأزمة.

 

وتسعى إيران لتزويد لبنان بالنفط، فيما يبدو في ظاهره أنه مساعدات من أجل حل أزمة الوقود والكهرباء، لكن هذه المساعدات تحمل في طياتها "سوء نية" من قبل طهران التي تسعى إلى جر لبنان لعقوبات دولية.

 

وتقع إيران تحت عقوبات أمريكية صارمة، حيث أعادت واشنطن فرض حزمتي عقوبات على طهران في أغسطس/آب، ونوفمبر/تشرين الثاني عام 2018، ضمن حملة الضغط القصوى التي تهدف من خلالها إلى تغيير سلوك النظام الإيراني العدائي وإجباره على الجلوس لطاولة مفاوضات.

 

واستهدفت العقوبات الأمريكية ضد طهران قطاعات عديدة من بينها تجارة النفط، بالإضافة إلى فرض عقوبات على التحويلات الرئيسية للريال الإيراني، أو حسابات مصرفية خارج إيران، أو بنوك تخضع لنفوذ الريال الإيراني.

 

نص العقوبات الأمريكية، يؤكد أن حصول لبنان على النفط الإيراني يضع بيروت تحت طائلة العقوبات الأمريكية.

 

لكن نجاح الخطة الأمريكية يضمن وقف وقود إيران المسموم، ويضمن وصول الغاز المصري إلى لبنان، في معركة كهرباء لبنان.

 

دمشق ترحب

 

والسبت بدأت الخطة الأمريكية تصل لمراحلها الأخيرة، بعد أن رحبت دمشق بـ"طلب" لبنان إمرار الغاز والطاقة الكهربائية من مصر والأردن عبر أراضيها وأبدت استعداداً "لتلبيته" للتخفيف من وطأة أزمة طاقة يعانيها لبنان منذ أشهر وذلك في أول زيارة لوفد وزاري لبناني رفيع المستوى لسوريا منذ اندلاع النزاع فيها قبل 10 سنوات.

 

ويشهد لبنان منذ أشهر شحاً في المحروقات ينعكس على مختلف القطاعات من مستشفيات وأفران واتصالات ومواد غذائية، وذلك على وقع أزمة اقتصادية تتفاقم منذ عامين وصنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.

 

كما تعاني سوريا بدورها أزمة طاقة كهربائية حادة جراء النزاع الدائر فيها منذ 2011 فاقمتها العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

 

استثناء لبنان من عقوبات سوريا

 

والشهر الماضي، أعلنت الرئاسة اللبنانية تبلغها موافقة واشنطن على مساعدة لبنان لاستجرار الطاقة الكهربائية والغاز من مصر والأردن مروراً بسوريا فلبنان. ويعني التعهد الأمريكي عملياً، موافقة واشنطن على استثناء لبنان من العقوبات المفروضة على سوريا والتي تحظر إجراء أي تعاملات مالية أو تجارية معها.

 

ووصل الوفد اللبناني المؤلف من نائبة رئيس حكومة تصريف الأعمال وزيرة الدفاع والخارجية زينة عكر ووزير المال غازي وزني ووزير الطاقة ريمون غجر والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، صباحاً إلى سوريا. وعقد لقاء في مقر الخارجية السورية بحضور وزيري الخارجية فيصل المقداد والنفط بسام طعمة.

 

وتُعد هذه الزيارة الحكومية اللبنانية الرسمية الأولى إلى سوريا منذ اندلاع النزاع، إذ اتبع لبنان رسمياً مبدأ "النأي بالنفس" من الحرب، وحافظ البلدان على علاقات دبلوماسية بينهما، لكن الزيارات الرسمية تراجعت إلى حدّ كبير، واقتصرت على مبادرات فردية من وزراء وشخصيات عامة.

 

فريق فني مشترك

 

وخلال مؤتمر صحفي بحضور المجتمعين قال الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني-السوري الذي يضم ممثلين للبلدين، نصري خوري: "طالب الجانب اللبناني بإمكانية مساعدة سوريا للبنان في تمرير الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر الاراضي السورية، ورحب الجانب السوري بالطلب وأكد استعداد سوريا لتلبية ذلك".

 

واتفق الجانبان على متابعة الأمور الفنية عبر فريق فني مشترك.

 

وقال طعمة للصحفيين إن الهدف من الفريق المشترك هو تحديد "جاهزية البنى التحتية ومدى سلامتها"، لأن "سواء كانت الغازية أو الكهربائية تعرضت لأضرار كبيرة" خلال النزاع و"تكلفت عملية إعادتها أو إبقائها في حالة الجاهزية مبالغ كبيرة جداً".

 

نقل الغاز عبر الخط العربي

 

ومن المفترض أن ينقل الغاز عبر ما يُعرف بـ"الخط العربي"، من الحدود الأردنية جنوباً إلى وسط سوريا ومنها إلى محطة لقياس الكمية قرب الحدود اللبنانية السورية ثم إلى لبنان.

 

وسيُعقد، وفق وزير الطاقة اللبناني ريمون غجر، الأسبوع المقبل في الأردن اجتماع رباعي بين سوريا والأردن ومصر ولبنان لبحث "المواضيع التقنية والفنية والمالية ولنضع برنامج عمل وجدولا زمنيا".

 

ويتفاوض لبنان منذ أكثر من سنة مع القاهرة لاستجرار الغاز عبر الأردن وسوريا، وفق ما كان مصدر مطلع على الملف أفاد فرانس برس، لكن العقوبات الأمريكية على سوريا، وآخرها قانون قيصر، شكلت على الدوام عقبة أمام الاتفاق.

 

وأوضح غجر "أننا نستطيع أن نستفيد من الغاز المصري والكهرباء الأردنية، هذا الموضوع ليس جديداً فنياً، وكنا نبحثه لكن كانت هناك موانع، وكانت هناك الاستثناءات المطلوبة من الأمريكيين الذين هم بادروا عندما رأوا صعوبة الوضع في لبنان".

 

أزمة الليرة

 

خلال عامين، فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار. وقدرت الأمم المتحدة أن 78% من السكان باتوا يعيشون في الفقر.

 

وجراء أزمة المحروقات الحادة، تراجعت قدرة مؤسسة الكهرباء على توفير التغذية لكافة المناطق، ما أدى إلى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يومياً. ولم تعد المولدات الخاصة قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء.

 

طوابير الوقود

 

ويقف المواطنون يومياً لساعات طويلة أمام محطات الوقود لتعبئة خزانات سياراتهم. وحذرت المستشفيات مراراً من نفاد المحروقات ومخاطره على حياة المرضى.

 

وفي سوريا، استنزفت سنوات الحرب قطاعي الطاقة والكهرباء مع خروج أبرز حقول النفط والغاز عن سيطرة دمشق من جهة وتضرّر محطات توليد وأنابيب في المعارك من جهة أخرى.

 

وتشهد مناطق سيطرة الحكومة ساعات تقنين طويلة، وصلت خلال الأشهر الماضية إلى نحو عشرين ساعة يومياً، بسبب عدم توافر الفيول والغاز اللازمين لتشغيل محطات التوليد. وتحول العقوبات الاقتصادية دون وصول باخرات النفط بشكل منتظم إليها.

 

موافقة أمريكية

 

وخلال زيارة إلى بيروت لوفد من مجلس الشيوخ الأمريكي، قال السيناتور كريس مورفي إن أي وقود يمر عبر سوريا قد يكون عرضة للعقوبات، "لذلك، فإننا نعمل على تحديد ما إذا كان بإمكاننا تسهيل النقل (إلى لبنان) من دون تطبيق العقوبات الأمريكية".

 

وأضاف "لا نعتقد أن لبنان يحتاج للاعتماد على ناقلات الوقود الإيرانية من أجل حل الأزمة".

 

وتبلغ لبنان استعداد واشنطن لمساعدته لاستجرار الغاز المصري، بعيد إعلان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله أن "سفينة أولى" محملة بمادة المازوت ستتوجه إلى لبنان من إيران، الداعم الأول للحزب والتي تفرض عليها واشنطن عقوبات اقتصادية.

 

وغادرت السفينة الموانئ الإيرانية قبل نحو أسبوعين، ولا تزال في مياه البحر الأحمر، وفق موقع "تانكرز تراكر" المتخصص في مراقبة حركة السفن.

 

ومن المتوقع أن تتوجه السفينة إلى سوريا لتفريغ حمولتها قبل نقلها براً إلى لبنان، فيما لم يصدر أي تصريح رسمي لبناني حول الشحنات الإيرانية، التي اثارت جدلاً سياسياً.

 

وإثر إعلان واشنطن، وعد نصرالله بشحنات وقود إضافية من إيران. وقد أبحرت سفينة ثانية قبل أيام.

 

وأثار إرسال سفن ايرانية محملة بالمحروقات إلى لبنان مخاوف خصوصاً بعدما تعرضت سفن مرتبطة بإيران وإسرائيل لهجمات في الأشهر الماضية، اتهم كل طرف الآخر بالوقوف خلف بعضها أقله.