ذاكرة الرئيس "العطاس" تغضب أعداء الحقيقة

اليمن العربي

 لم أكن مخطئا عندما تركت العنان لتوقعاتي ولم أروضها، حين استبقت الحلقة الثانية من ذاكرة الرئيس حيدر العطاس في "الذاكرة السياسية" عبر شاشة العربية، التي بثت لاحقا مساء الجمعه 20 اغسطس 2021، وقلت بأنها ستكون حلقة مثيرة، وان الرجل سيميط اللثام عن معلومات دقيقة ومنها أيضا خطيرة تتعلق بمجريات الأوضاع في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وتلك الصراعات التي توجت بأحداث 13 يناير 1986 الدموية، وتناول العطاس الحيثيات والمعطيات التي أوصلت بقيادات الحزب الاشتراكي الى التناحر، واثارة الحرب الأهلية التي توصف بأنها الاكثر بشاعة في المنطقة.

 

استعرض العطاس بدايات الصراع بين قيادات نظام مابعد الاستقلال الوطني، وكيفية تصفية عدد من القيادات والرموز السياسية، والتخلص من البعض منها بالازاحة مثل الرئيس قحطان محمد الشعبي، مبينا ان أقوى اسباب ازاحته كان قانون الجنسية، وكيف ان المتشددين اليساريين أصروا على التسمية التي يريدونها للدولة الوليدة، ورفضهم لجميع المقترحات التي تقدم بها الآخرون دون حتى مناقشتها.

 

كان العطاس صريحا ودقيقا في كلامه، ولم أسمع مسؤلا يمنيا يتحدث بكل ذلك الوضوح والصراحة كما فعل العطاس في هذه الحلقة، حيث قال ان كثير من القيادات السياسية الكبرى في تلك الحقبة لم يكونوا يفهمون من السياسة الا قشورها، ويعني بذلك نقص خبراتهم السياسية وتعاملهم مع القضايا السياسية بالعواطف، واندفاعهم وحماسهم الذي لا يتوافق مع كونهم قادة دولة.

 

وعن أحداث يناير المشؤمة، حمل العطاس المسؤلية في البدء باطلاق النار الرئيس علي ناصر محمد، كون من نفذ عملية تصفية اعضاء المكتب السياسي هم حراسته الشخصية ومرافقيه، الا انه لم يعفي الآخرين من تحمل المسؤلية أيضا، لأنهم لم يقبلوا بكل الحلول للتهدئة والتصالح، ما خلق جو عدائي وتوتر شديد انتهى بانفجار الأوضاع.

 

تعرض عند حديثه عن احداث يناير الدموية لعدد من الأسماء التي كانت خلف دفع الرئيس علي ناصر الى تصفية رفاقه، فمن خلال معرفته الجيدة بعلي ناصر يقول العطاس انه لا يميل للعنف، ولكن هناك من دفعه للاقدام على ذلك، وذكر محمد علي أحمد وأحمد مساعد حسين، قائلا كانا الأكثر تشددا وهما عسكريان عنيفان، ولم ينسى العطاس الدافعين بجريمة يناير من الخارج، فذكر الرئيس الراحل علي عبدالله صالح والرئيس الاثيوبي الراحل منجستو هيلا مريام، الى جانب عدد من رموز اليسار العربي أمثال نايف حواتمه الذي وصفه بأكثرهم زرعا للفتنة، وجورج حبش وآخرين قال عنهم جميعا انه لم يكن يرتاح لهم من أول، بسبب أدوارهم السلبية في جنوب اليمن ومناطق عربية أخرى.

 

على الرغم من الوقت المحدود للمقابلة والمقدرة بـ25 دقيقة فقط، الا ان المرء ليعجز أن يلم ويحصي كل المعلومات والأفكار التي يستعرضها شخصية سياسية وقيادية مثل الرئيس حيدر ابوبكر العطاس.

 

هناك حلقات أخرى من الذاكرة السياسية مع الرئيس العطاس، وسيظل الناس مترقبين لموعد بثها مساء كل جمعة، وستكون للعطاس اطلالات بمعلومات يكشف عنها ظلت مخفية أو لا يعلمها الا القلة من الناس، وأؤكد هنا مرة أخرى، ان كل حلقة من الحلقات القادمة ستكون أكثر اثارة من سابقاتها، وكل مانتمناه هو أن يتلقى الجميع بمن فيهم من يتم ذكر اسمائهم، أو حتى القوى والتيارات السياسية الناشطة اليوم في الساحة، أن يتلقوا كلام الرئيس العطاس بأنه استعراض لأحداث مضت، وان يتم الاستفادة منها وعدم تكرار الاخطاء، لأن الهدف من سرد التاريخ هو العظة والاعتبار، وندعوا الغاضبين من صراحة ووضوح الرئيس العطاس، الى أن يؤكدوا على انهم ساسة وقادة حقيقيين، وأن يلجموا كلابهم من النباح في وجه رجل لم تتلطخ يديه بدماء الناس، وظل طوال تاريخه رمزا للوسطية والتقريب بين الجميع، الى جانب انه كان ولا يزال رمزا جنوبيا ظل حاملا لقضية شعبه في كل المحافل والمواقع.

 

سننتظر الحلقة الثالثة من ذاكرة الرئيس العطاس على قناة العربية، وحتى يحين موعدها على الجميع ربط الأحزمة.