استقبال رمضان في اليمن: ارتفاع أسعار وتدهور معيشي غير مسبوق (تقرير خاص)

تقارير وتحقيقات

اليمن العربي

يستقبل اليمنيون، رمضان هذا العام في أوضاع متدهورة للغاية، في ظل انهيار العملة والذي انعكس على ارتفاع أسعار المواد الغذائية، التي قسمت ظهر المواطن، وزادته همّاً على كاهله.


ومع استمرار ارتفاع العملات الصعبة (الدولار) ترتفع أسعار مختلف المواد الغذائية والحاجيات الأساسية، فسارع الكثير من التجار للاحتكار، فضلاً عن الارتفاع غير المسبوق في المواد الأساسية.

 

وتدنت مستويات المواطنين المعيشية؛ نتيجة استمرار الحرب منذ أكثر من عام، وتوقف الكثير من الأعمال، وهذا فاقم في ازدياد معدلات الفقر في أوساط الأسر اليمنية.

 

وخلافاً للأعوام السابقة يهل الشهر الفضيل هذا العام، ومدخرات اليمنيين واشكت على الانتهاء - إن لم تكن قد انتهت أصلاً- فالمستوى المعيشي تدنى إلى صورة لم يسبق لها مثيل.

 

وبدأت معظم المحلات التجارية الكبرى (المولات)، بالتنافس للإعلان عن عروضات بمختلف وسائل الإعلام ومحاولة تخفيض بعض أسعار المواد الغذائية، ونشرت لوحات إعلانية في شوارع العاصمة صنعاء.

 

مبالغ إضافية لمستلزمات توفرها الحكومة

 

عن هذا الأمر، يقول لـ"اليمن العربي" الحقوقي نبيل أحمد الخضر، رئيس منظمة ضمانات للحقوق والحريات: "تلاشت مدخرات اليمنيين في  السنوات الأخيرة بسبب الأوضاع السياسية الداخلية ومنها  انقلاب الحوثيين ومن ثم الحرب  على اليمن و بدأ اليمنيون  توفير الخدمات  التي كانت توفرها الحكومة  بشكل يتناسب مع  مقدرتهم  من خلال  القطاع الخاص أو السوق السوداء  وبأثمان مرتفعة مما  أدى الى  أن يصل  العديد من اليمنيين  الى  ما تحت خط الفقر بكثير".

 

وأضاف نبيل: "ومع الارتفاعات المستمرة  في  أسعار  العملات الصعبة كالدولار  ترتفع  أسعار المواد الغذائية وحاجة  المجتمع الى توفير  مبالغ إضافية  لشراء  مستلزمات  لم  يكونوا  يشتروها من قبل  كالديزل  لمولدات الطاقة ووايتات الماء  الذى كان  يأتي اليهم عبر  شبكة  حكومية".


فساد مستشري وأسوأ الأعوام

 

وأشار إلى أن "العديد من المدن اليمنية الآن  لا ترزح فقط في  ظل الصراع  أو  زيادة كمية النازحين  أو  تدنى مستواهم المعيشية  وتلاشى مدخراتهم  المالية   فقط؛ ولكن  أيضا  ترزح  تحت فساد  مستشرى  متمثل في السوق السوداء  التي  تضر  بالمواطنين  لصالح فئة فاسدة تحميها  الميلشيات  في  جميع مدن الجمهورية".


ويرى الخضر الحقوقي نبيل أن "اليمنيين في كل عام يستقبلون رمضان بفرحة غامرة؛ ولكن  يبدو  أن الأعوام  السابقة وهذا العام تحديدا سيكون من أسوأ الأعوام التي تمر على اليمنيين، وخصوصا في الأماكن الحارة  التي مع انقطاع  الكهرباء  سيدخلون  فترة صعبة من الصيام  والجوع".


معونات إنسانية


من جانبها، قالت لـ"اليمن العربي"، المذيعة والإعلامية انتصار الباركي: "إن رمضان لا يشبة سابقيه هذه السنة".


ورأت الباركي بأن "الكثير بات يخافه للزيادة في الأسعار والخوف من استئناف الحرب فيما لو تعثرت مفاوضات الكويت"، مشيرة إلى أن "الأغلبية من الشرائح المجتمعية باتت لاتملك مالا لتشتري مستلزمات رمضان بل الشراء باليومية وهنا اتكلم عن شريحة متوسطي الحال".

 

واختتمت بالقول: "أما الفقراء فهو شهرهم الوحيد الذي يتلقون بة معونات إنسانية"، متسائلة:" لا أعلم هل سيأكلون بهذا الشهر الفضيل أم أنهم سيواصلون صيامهم السنوي؟".


تهافت وتسابق


بدوره، ذكر لـ"اليمن العربي"، المعيد في كلية العلوم بجامعة ذمار، بلال الحكيم، قائلاً: "ما إن ينقضي النصف الأول من شعبان ويقترب شهر الصوم  إلا ويتهافت الناس إلى الاسواق والمراكز التجارية لشراء حاجيات ولوازم شهر رمضان المبارك".


ويضيف الحكيم: "وتجد الباعة يفترشون الأرصفة والأسواق لعرض بضائعهم ويتسابق التجار لعمل العروض والتخفيضات بهذا الموسم والمناسبة العظيمة من كل عام".

 

غياب دولة ووضع كارثي

 

ويرى أن "هذا العام وعلى غير العادة تراجع إقبال الناس بصورة ملحوظة، فبعد التراجع الكبير للريال اليمني أمام الدولار وتسارع التجار وأصحاب رؤوس الأموال إلى رفع الأسعار بمعدلات عالية جداً في ظل غياب كامل للدولة والجهات المختصة".

 

وتابع: "ومع هذا الوضع الصعب والكارثي للبلد منذ أكثر من عام، وجد المواطن نفسة بين مطرقة الإرتفاع المهول للاسعار وبين سندان الفقر والحاجة، لليقتصر البعض من الشعب على شراء الأساسيات والضرورية فقط، في حين ينتظر معظم الشعب المغلوب على أمره معجزةً من السماء تفرج عنه ما وصل إليه".


قدرة شرائية متدهورة


من جهتها، أفادت نبيلة علي صالح، ربة منزل ومعلمة في إحدى المدارس الأهلية بالعاصمة صنعاء، بأن "الوضع المعيشي للناس سئ جدا".

 

وقالت لـ"اليمن العربي": "إن القدرة الشرائية تدهورت؛ نتيجة عدم توفر اﻷعمال"، موضحة أن "الفقر أصبح منتشراً بين اليمنيين بمعدﻻت مرتفعة جدا وهذا يجعل من رمضان والعيد هذا العام همّا شديدا على كواهل اﻷسر اليمنية".