متاهة قاتلة وحياة على خط النار.. يمنيون رفضوا النزوح متحدِين إرهاب الحوثي

أخبار محلية

اليمن العربي

في الشريط الفاصل بين مناطق سيطرة الحكومة اليمنية والحوثيين، هناك من اختار البقاء مكرها قرب خط النار.

 

أحياء مهجورة منذ سنين، وقرى أُجبر سكانها على النزوح، تبدو خاوية على عروشها، إلا أن حياة خفية تدب من حين إلى آخر، متحديةً أوامر القتل العشوائي للإرهاب الحوثي.

 

ولا تحتكم مليشيا الحوثي المدعومة إيرانيا لأي معاهدات دولية لحماية المدنيين أثناء النزاعات، لذلك ليس هناك خطوط تماس واضحة بعيدة عن التجمعات السكانية الكثيفة. 

 

وفي حين يمتد الموت الحوثي حتى أقصى مدى ناري بعيد عن خطوط المواجهات العسكرية؛ قرر العديد من اليمنيين عدم المخاطرة بالنزوح إلى المجهول مفضلين البقاء في منازلهم رغم خطورة الموقف.

 

كذلك يخشى الكثير من اليمنيين أن تتحول منازلهم إلى ثكنات ومواقع عسكرية لمليشيا الحوثي إذا تم مغادرتها.

 

المسنة فاطمة

 

منذ ما يقارب 6 سنوات لا يزال من تبقى من سكان حي الزهراء في تعز يواجهون الموت اليومي والحصار الذي تفرضه مليشيا الحوثي الإرهابية.

 

ويقع حي شرقي مدينة تعز المحاصرة من 3 اتجهات، ورغم سقوط قذائف الحوثيين من حين لآخر على مقربة إلى الحي؛ يرفض العديد من السكان، بينهم المسنة فاطمة، مغادرة منازلهم. 

 

ويسلك سكان الحي طرقا محددة لتجنب عمليات القصف والقنص، ولهذا الغرض وُضعت لافتات تحذيرية وحواجز أسمنتية في أنحاء الحي، لكن التنقل داخل الحي وخارجه لا يزال خطرا.

 

وتلجأ المسنة فاطمة التي تقطن أطراف الحي إلى تخزين الطعام والماء بسبب صعوبة الوصول إلى منزلها وخطورة موقعه، وعدم مقدرتها على مغادرة الحي لكبر سنها.

 

وتحتفظ فاطمة بأجزاء من بقايا القذائف الحوثية التي سقطت على منزلها ودمرت أجزاء منه.

 

حي الربصة

 

وفي مناطق سيطرة الحوثيين بالأطراف الشرقية لمدينة الحديدة، تفرض مليشيا الحوثي طوقا أمنيا خانقا على مداخل حي الربصة.

 

وتعرض سكان حي الربصة إلى مضايقات عديدة من قبل مليشيا الحوثي التي قامت بتهجير السكان في أنحاء واسعة من الحي بهدف تحويله إلى منطقة عسكرية بعد أن نصبت مرابض المدفعية بين المنازل ونشرت القناصة على الأسطح. 

 

وامتدت مضايقات الحوثيين إلى قصف الحي بقذائف الهاون وارتكاب عدة مجازر ألصقها إعلام المليشيا الانقلابية بالقوات المشتركة.

 

ويرفض عبدالله غالب منذ أكثر من 3 أعوام مغادرة منزله الكائن في حي الربصة خوفا من تعرضه للنهب والتخريب من قبل عناصر المليشيا الحوثية مثل عشرات المنازل الأخرى.

 

ورغم وقوع المنزل في منطقة بعيدة نسبيا عن خطوط المواجهات، إلا أن غالب لا يزال يتعرض للتهديدات والاتهام برصد مواقع الحوثيين وإرسال معلومات عسكرية.

 

ويقول عبدالله، إنه يضطر للمرور عبر حواجز تفتيش أمنية تابعة للحوثيين وفحص هويته الثبوتية لكي يدخل إلى الحي ويصل إلى منزله.

 

ويضيف: "ليس لي مكان آخر أذهب إليه، ولا أستطيع تحمل أعباء النزوح، أفضل البقاء هنا والموت في منزلي".

 

المتاهة القاتلة

 

في القرى الفاصلة بين مديريتي زبيد والتحيتا في محافظة الحديدة يضطر السكان للمشي عبر طرق فرعية غير واضحة المعالم أصبحت بمثابة متاهة قاتلة.

 

ولجأ الحوثيون إلى تلغيم كافة القرى الواقعة قرب خطوط النار نظرا لطبيعة المنطقة السهلية المفتوحة على امتداد البصر، حيث يعمل علي إسماعيل في إحدى أخطر المهن حول العالم.

 

ويعمل إسماعيل سائقا بالأجرة على متن دراجة نارية لتوصيل الأهالي عبر متاهة الألغام التي يحفظها عن ظهر قلب رغم استمرار سقوط المواطنين جراء الألغام الحوثية بشكل يومي.

 

ويقول إسماعيل، إنه لا مجال للخطأ هنا، فهو مؤتمن على أرواح الناس منذ أن حولت مليشيا الحوثي قراهم إلى خطوط نيران عريضة التهمت المئات من أبناء منطقته.

 

وأضاف أنه لا يكاد يمر يومان أو ثلاثة دون سقوط ضحية جراء الألغام التي زرعتها مليشيا الحوثي بكثافة، مؤكدا أنه لا يفكر في النزوح وترك منزله، مشيرا إلى أن الكثير من أهالي قريته عادوا إلى منازلهم وفضلوا البقاء لمواجهة مصيرهم.