بعيدا عن قضية التهجير.. معلومات قد لا تعرفها عن يهود اليمن (تقرير بالصور)

تقارير وتحقيقات

يهود اليمن
يهود اليمن

اليمن العربي- نجلاء حسن


تطغى قضيتي التهجير وأصول اليهود اليمنيين على كل حديث يدور عنهم، الأمر الذي تختفي معه معالم أخرى عن حياتهم نحاول اليوم الحديث عنها.

 

فلهؤلاء أسلوب حياة وأن كان يتقارب في الظاهر مع حياة اليمنيين الآخرين إلا أن تفاصيل تميزهم بإعتبار اعتناقهم اليهودية، ولمحاولاتهم الجادة الحفاظ على هويتهم اليمنية في بلدان المهجر.

 

العلوم الدينية وطقوسها

 

إذا يهتم اليهود بتعليم أبنائهم العلوم الدينية في سن مبكرة وتذكر المصادر أن الأطفال يتوجهون إلى تعلم العلوم الدينية وهم في الثالثة من العمر.

 

وتخصص لذلك أيام الأسبوع من الأحد وحتى الخميس وذلك من طلوع الشمس وحتى غروبها، أما في يوم الجمعة فيكتفي بتلقي الدروس حتى الظهيرة، فيما يكون يوم السبت يوم عيدهم وهو يوم مقدس لديهم ويتداول فيه اليوم عبارة " شبات شالوم" والتي تعني بالعربية "سبت مبارك".

 

وبعد أن كان اليهود منتشرين في قرى ومناطق مختلفة في صنعاء وعدن وحضرموت وذمار وإب وصعدة، قبل نحو خمسين عاماً أو أكثر، أصبحوا منحصرين ولأسباب مختلفة في منطقة صغيرة هي ريدة التابعة لمحافظة عمران.

 

وتوجد هناك مدرسة "الشبزي" وهي المدرسة التي يتلقى فيها أطفال اليهود تعليمهم، حيث بنتها لهم الجمعية اليهودية العالمية والتي تتخذ من امريكا مقراً لها، فأطفال اليهود لا ينخرطون في التعليم النظامي في المدارس الحكومية، كما تسهل ذات الجمعية لمعظمهم السفر إلى أمريكا للدراسة وتعلم اليهودية في رحلات يعود معظمهم بعدها إلى اليمن كمعلمين.

 

الوحيديون الذين لهم لحن وترتيل عند قراءة المزمور

 

ويسمح اليهود اليمنيين لأطفالهم دون "سن البار متسفا" وهو بلوغ الطفل الذكر سن 13 عاماً  والأنثى 12 عاماً وهو سن التكليف بالواجبات الدينية، يسمح لهم بتلاوة التوراة والصعود على المنبر يعقبه قراءة الترجمة بالآرامية، ويرتل اليهود في اليمن كتب التوراة بألحانهم الخاصة المختلفة في أعيادهم الدينية وهم الوحيديون الذين لهم لحن وترتيل عند قراءة المزمور.

 

الجلوس على الأرض حين حضورهم الكنس

 

وبجانب تمسكهم بتلقين أطفالهم التعاليم الدينية ما يمكن كل يهودي يمني من قراءة التوارة بالنطق والنغم الصحيح، يتميز يهود اليمنيين بجلوسهم على الأرض حين حضورهم المعابد والتي تعرف بالكنيس وتجمع كنس، كما يسجد هؤلاء في صلوات الصبح والظهيرة يومياً، ولأن هذه الكنس غير موجودة مقارنة بوجود مكان للتعليم، فإن اليهود يؤدون صلواتهم في منازلهم.

 

أزيائهم التقليدية

 

لا يوجد اختلاف كبير بين الزي اليمني التقليدي وما يرتديه من يعتنقون اليهودية منهم في الظهور العام، إلا ان اليهود الرجال لا يرتدون الجنبية، وهي جزء هام من تفاصيل الزي الرجالي اليمني، ويقال أن الأمام يحي حميد الدين هو من منعهم من ارتدائها، وهو من طلب منهم تظفير خصل على جانبي وجههم ليميزهم عن بقية اليمنيين من المسلمين، لكن لا يوجد مصادر تؤكد هذه المعلومة.

 

ويحرص بعض اليمنيين اليهود أطفالاً وكباراً من الذكور على ارتداء الكوفية اليهودية، فيما يستغني الغالبية عنهم عن تلك الضفائر أو ما يعرف بـ"الزنانير" أو "الأزراف"، كما يرتدي الرجل اليهودي التاليت وهو شال كبير يوضع على الرأس لكن حديثاً لم يعد ذلك رائجاً في أوساط الرجال اليهود، وانتقل ليصبح زي للعريس أو هدية تقدم له.

 

فيما ترتدي النسوة الثياب اليمنية العادية في منازلهن، مع تغطية الرأس بالطرحة مع استخدام جزء منها كلثام أو تركها لتغطية الرقبة فقط، إلا أنهن يحرصن في المناسبات الدينية الخاصة باليهود مثل عيد الفصح، وفي الأعراس على الظهور بالزي اليمني التقليدي.

 

وتتوفر بصورة كبيرة على الانترنت صورا لفتيات يهوديات يرتدين ما يعرف بـ"القرقوش"، وهو غطاء من القماش المنقوش بالخيوط الذهبية والحلي يوضع على الرأس وكان يميز فيما مضى العذروات من الفتيات ولا تخلعه إلا إذا تزوجت، وما تزال اليهوديات اليمنيات يرتدينه حتى اليوم خاصة في المناسبات الدينية، وهن بذلك يحافظن على جزء هام من التراث اليمني.

 

كما تنتشر صوراً لحفلات أعراس يمنية يهودية تظهر فيها العروس والمتواجدين كباراً وصغاراً وهن بالأزياء اليمنية خاصة تلك المزينة بالكثير من الحلي الفضية والقلائد والزهور.

 

الأعراس لدى اليهود

 

وبمناسبة الحديث عن أزياء الأعراس فإن آلية الزواج لدى اليهود اليمنيين لا تختلف نهائياً عما هو في المجتمع اليمني، إلا أن اختلاف الديانات يفرض بعض التفاصيل المتعلقة بمن يقوم بإجراء عقد الزواج وهو الحاخام أو كما يعرف لدى يهود اليمن "العيلوم" هو رجل الدين ذو المستوى الرفيع والاحترام الكبير بين يهود اليمن عامة هو بمثابة المرجع ليهود اليمن في كل شؤون حياتهم.

 

وتوكل إلى العيلوم مهام عديدة بجانب مهمة عقد القران أو حتى الطلاق، فهو من يختن أطفال اليهود، وهو من يقوم بذبح الحيوانات والطيور فلا يجوز تناول أي من اللحوم التي تجيزها الديانة اليهودية ما لم يكن قد تم ذبحها بيد "الحاخام" ويعتبر كبيرهم على الأرض الذي يلجؤون له في كل أمورهم ومشاكلهم وأفراحهم.

 

وتستمر حفلات الزفاف التي يولم لها كما هي العادة لدى بقية اليمنيين لمدة أسبوع، وتحرص العروس على أن تطلي يديها وقدميها بالحناء، كما تنقش بمادة سوداء تعرف بـ"الخضاب" تبقى لمدة أطول وتعد الحنة ذات أهمية خاصة لليهود لورود ذكرها في نصوص توراتية وتلمودية.

 

وتجدر الإشارة إلى أن اليهود يستمعون إلى الأغاني اليمنية واليهودية في هذه المناسبات، ويحضر المتواجدين منهم خارج اليمن وبخاصة الميسورين مطربات يهوديات للغناء في حفلاتهم.

 

المستوى المعيشي والاقتصادي

 

وكان في السابق جل اليهود ميسوري حال بخاصة اشتغلوا في التجارة ، وما تزال مناطق تشهد على وجودهم التجاري القوي، في صنعاء ومنها منطقة القاع والتي كان يسكنها هؤلاء وعرفت بـ"قاع اليهود"، ومحلات تجارية عديدة ضمن مدينة صنعاء القديمة تعرف بالسماسر.


وعمل اليهود اليمنيين سابقاً في عدة صناعات أيضاً أهمها الصياغة وصناعة الخزف وتبييض المنازل والزخرفة والتطريز وحياكة الملابس الدقيقة الصنع وصنع الأقمشة وعمل الصابون وصنع الأسلحة وإصلاحها وعمل السلال، وكان لصياغ الذهب والفضة مهارة فائقة في صنع الحلي الدقيق، واعتبر العمل في المعادن الثمينة من الأعمال المحترمة التي تدر أرباحا وفيرة.

 

إلا أنه وبمرور السنوات وتعرض هؤلاء لبعض المضايقات سواء على المستوى الديني أو المعيشي، أصبح معظمهم عاطل عن العمل أو يعمل في مهن لم تعد تدر دخلاً كبيراً، ما جعل الحكومة تخصص لهم عوائد شهرية مالية وتموينات غذائية كان يحصلون عليها كدعم ثابت حتى عام 2011، حين قطعت عنهم بسبب فرض جماعة الحوثي سيطرتها على العاصمة حينها.

 

السياسة في حياة يهود اليمن

 

لا يذكر التاريخ الحديث أي ظهور لليهود اليمنيين في الحياة السياسية، لكنهم كانوا دائما ورقة ضغط تستخدمها المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان بين حين وآخر إذا ما ارتبط الأمر بتعرضهم لأي مضايقات.

 

ونذكر هنا حادثة مقتل اليهودي ماشا يعيش النهاري عام سبتمبر 2008 على يد يمني كان طيار سابق، ورغم صدور حكم بإعدام القاتل، إلا أن الحكم ظل معلقاً لفترات ولم ينفذ.

 

وسبقها تهجير الحوثيين لليهود من محافظة صعدة عام 2007 والمعروفين بهيود "آل سالم" ونقلهم إلى صنعاء للإقامة في "المدينة السكنية" الخاصة تحت حماية السلطات.


كما عادت قضية اليهود إلى السطح بعد مقتل يهودي آخر عام 2013 وهو هاروت زنداني بعد أن أتهمه أحدهم بالسحر، بخاصة وأنه ترافق مع عملية القتل عملية تهجير لليهود من اليمن.

 

ومع كل حراك على المستوى الإنساني ترتفع أصوات مناديه بأن اليهود في خطر، ما يسفر عن رحلات تهجير سرية يغادر بها عدد كبير من اليهود إلى إسرائيل، يعلن عنها بصورة رسمية لاحقاً كان آخرها مارس المنصرم والتي نقل خلالها 19 من يهود اليمن إلى إسرائيل.

 

هذه الرحلة السرية الأحدث حظيت بكثير من الاهتمام بخاصة وأنه ترافق معها نقل مخطوط قديم من التوراه عمره أكثر من 600 عام، ما دفع الكثيرين إلى اعتبار أن تاريخ اليهود في اليمن وضع خاتمته بهذه الرحلة، وهو ما لم يجري التأكد منه.

 

هذه الرحلة أيضاً أعادت اليهود اليمنيين إلى الواجهة ورحلات تهجيرهم على مدى التاريخ إلى ذاكرة لتكتب وسائل إعلام عديدة عن عمليات التهجير السرية التي نقل عبرها الآلاف اليهود اليمنيين والتي أشهرها عملية بساط الريح والتي نقل فيها 52000 يهودي من اليمن إلى إسرائيل.

 

خاتمة

 

هذه العملية وغيرها من عمليات التهجير قلصت بالتأكيد من أعداد اليهود، لدرجة أن وصلت إحصاءاتهم في منتصف الألفية إلى 200 شخص فقط، لكننا نستطيع الجزم بأن هولاء لم تنقطع صلتهم باليمن، ولا يستطيع أحد أن ينفي عنهم يمنيتهم.

 

بخاصة وأنهم ما يزالو محتفظين بتقاليدهم وأعرافهم ولهجتهم المحلية اليمنية ولغتهم العربية وبالتراث من الأغاني والزوامل الشعبية التي ما تزال حاضرة حتى اليوم.


كما ينشط كثير من الشباب اليمنيين اليهود عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وينشرون فعالياتهم التي يمارسون فيها وفي دول المهجر العادات اليمنية وأهمها عادة مضع القات في المقايل، ويظهرون في أعراسهم ومناسباتهم الدينية بالأزياء اليمنية، كما يحتفلون بالأعياد الوطنية.

 

وإليكم بعض الصور ليهود اليمن، حيث حصل عليها اليمن العربي من صفحة يهود اليمن على فيس بوك