هل تقضي زيارة أوباما لهيروشيما على تاريخ واشنطن الأسود في اليابان (تقرير)

تقارير وتحقيقات

الهجوم النووي الأمريكي
الهجوم النووي الأمريكي

في أول زيارة يقوم بها رئيس أمريكي لايزال يمارس مهام سلطاته، يبدأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما اليوم الجمعة زيارة تاريخية إلى مدينة هيروشيما اليابانية في سابقة من نوعها، حيث أثارت الزيارة تساؤلات كثيرة أبرز هذه الأسئلة (هل تقضي زيارة أوباما لهيروشيما على تاريخ واشنطن الأسود في اليابان؟)

 

قصة الهجوم النووي

 

شنت الولايات المتحدة أول هجوم نووي ضد الإمبراطورية اليابانية في نهاية الحرب العالمية الثانية في أغسطس 1945، حيث قامت الولايات المتحدة بقصف مدينتي هيروشيما وناجازاكي باستخدام قنابل نووية بسبب رفض اليابان تنفيذ إعلان مؤتمر بوتسدام.

 

 وكان نص البيان أن تستسلم اليابان استسلاما كاملا بدون أي شروط، إلا أن رئيس الوزراء الياباني سوزوكي رفض هذا التقرير وتجاهل المهلة التي حدَّدها إعلان بوتسدام، وبموجب الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأمريكي هاري ترومان، قامت الولايات المتحدة بإطلاق السلاح النووي الولد الصغير على مدينة هيروشيما (يوم الاثنين 27 شعبان عام 1364 هـ / الموافق 6 أغسطس عام 1945 م).

 

ثم تلاها إطلاق قنبلة الرجل البدين على مدينة ناجازاكي في التاسع من شهر أغسطس، وكانت هذه الهجمات هي الوحيدة التي تمت باستخدام الأسلحة النووية في تاريخ الحرب.

 

 

قتلت القنابل ما يصل إلى 140000 شخص في هيروشيما، و80000 في ناغازاكي بحلول نهاية عام 1945، حيث مات ما يقرب من نصف هذا الرقم في نفس اليوم الذي تمت فيه التفجيرات. ومن بين هؤلاء، مات 15-20 ٪ متأثرين بالجروح أو بسبب آثار الحروق، والصدمات، والحروق الإشعاعية، يضاعفها الأمراض، وسوء التغذية والتسمم الإشعاعي.

 

ومنذ ذلك الحين، توفي عدد كبير بسبب سرطان الدم (231 حالة) والسرطانات الصلبة (334 حالة)، تأتي نتيجة التعرض للإشعاعات المنبثقة من القنابل، وكانت معظم الوفيات من المدنيين في المدينتين.

 

استسلام اليابان وألمانيا

 

وبعد ستة أيام من تفجير القنبلة على ناغازاكي، في الخامس عشر من أغسطس، أعلنت اليابان استسلامها لقوات الحلفاء، حيث وقعت وثيقة الاستسلام في الثاني من شهر سبتمبر، مما أنهي الحرب في المحيط الهادئ رسمياً، ومن ثم نهاية الحرب العالمية الثانية، كما وقعت ألمانيا وثيقة الاستسلام في السابع من مايو، مما أنهى الحرب في أوروبا.

 

 

لا تهدف إلى استرجاع ذكريات الماضي المؤلمة

 

وتأتي زيارة أوباما على هامش قمة مجموعة السبع التي تستضيفها اليابان وتركز على مخاطر السلاح النووي، ويؤكد أوباما أن زيارته لهيروشيما لا تهدف إلى استرجاع ذكريات الماضي المؤلمة بل إنها تركز بالأساس على مخاطر الحرب وإظهار الاحترام لضحايا التفجيرات وضرورة العمل لتحقيق السلام وتعزيز عالم خال من الأسلحة النووية.

 

دلالات تاريخية

 

وتحمل هذه الزيارة دلالات تاريخية ورمزية مهمة حيث أنها تعكس التغير الملحوظ الذي طرأ على العلاقات الأمريكية اليابانية بعد سنوات من العداء وتدشن مرحلة جديدة بين البلدين، كما أنها تمثل دفعة قوية للجهود الرامية إلى تطهير العالم من الأسلحة النووية مسلطة الضوء على الآثار الكارثية التي تتسبب فيها تلك الأسلحة والدمار الذي تخلفه على حياة ملايين البشر.

 

ردود أفعال متبانية في اليابان

 

وأثارت هذه الزيارة ردود أفعال متبانية في اليابان، فهناك من رحب بشدة بهذه الزيارة معتبرا أنها علامة على الاحترام والصداقة بين الشعبين الأمريكي والياباني وفتح آفاق جديدة في علاقات البلدين.

 

وهناك من أعرب عن استيائه من الزيارة خاصة بعد إعلان البيت الأبيض أن أوباما لن يعتذر لليابان عن استخدام الأسلحة النووية عام 1945 وهو ما دفع عشرات الأفراد مؤخرا للتظاهر أمام النصب التذكاري لضحايا القنبلة الذرية للتنديد بالزيارة.

 

هيروشيما نقطة تحول في التاريخ

 

ومثلت واقعة هيروشيما نقطة تحول في التاريخ الحديث حيث شهدت المدينة - معقل الجيش الياباني وترسانته - في 6 أغسطس عام 1945 أول هجوم نووي في التاريخ، قامت به الولايات المتحدة أثناء الحرب العالمية الثانية وأسفر عن مقتل 140 ألف شخص، منهم من توفى على الفور نتيجة الانفجار والبعض الآخر توفى نتيجة جروح وأمراض تسببت بها الإشعاعات بعد أسابيع أو أشهر أو سنوات من الهجوم.

 

 وبعد ثلاثة أيام من حادثة هيروشيما ألقت الولايات المتحدة قنبلة أخرى على مدينة ناغازاكي، لتستسلم اليابان بعدها بستة أيام واضعة بذلك نهاية لصراع دموي، خلف ذكريات مؤلمة وقاسية وأصبحت تدرس في كتب التاريخ في العالم أجمع، وشكلت ردود أفعال متباينة في كل من الولايات المتحدة واليابان.

 

أراء

 

وفي هذا السياق، يرى غالبية اليابانيين أن قصف المدينتين لم يكن له ما يبرره في حين يرى كثيرون في الولايات المتحدة أن القصف أدى إلى تقصير أمد الحرب وأنقذ أرواح كثيرين من رجال الجيش الأمريكي.

 

وأظهر استطلاع للرأي لمركز بيو للأبحاث في العام الماضي أن 56% من الأمريكيين يعتقدون أن استخدام الأسلحة النووية كان له مبرر في حين 34% لا يرون ذلك. أما في اليابان فإن 79% يرون أنه لم يكن هناك مبرر لاستخدام القنابل النووية، فيما يرى 14% فقط عكس ذلك.

 

حدثا فارقا في تاريخ الحرب الحديثة

 

في ضوء ما سبق يبدو جليا أنه رغم مرور أكثر من سبعين عاما على حادثة هيروشيما غير أنها لاتزال حدثا فارقا في تاريخ الحرب الحديثة ونقطة تحول في حياة أعداد لا حصر لها من اليابانيين نظرا لما تسببت فيه من دمار شامل أصاب أجيالا كثيرة.

 

التاريخ سيسجل لأوباما زيارته لهيروشيما

 

ويرى المراقبون أن التاريخ سيسجل لأوباما زيارته لهيروشيما مؤكدين أنها تأتي في إطار مساعي الرئيس الأمريكي الاستفادة من الأيام المتبقية في فترته الرئاسية لتحقيق تقدم ملموس في بعض القضايا المعقدة بين الولايات المتحدة ودول أخرى في محاولة لتجاوز الخلافات التاريخية مثال على ذلك الاتفاق النووي التاريخي مع إيران الصيف الماضي، وزيارته لكوبا في مارس 2016، ورفع حظر بيع الأسلحة عن فيتنام مؤخرا.