سوريا تستعد لأول انتخابات رئاسية في كل أراضيها منذ 2011

عرب وعالم

اليمن العربي

بعد التجمعات والفعاليات الانتخابية التي اجتاحت شوارع دمشق خلال الأيام الأخيرة، خيم الصمت والهدوء اليوم جميع الأرجاء قبل انطلاع عملية التصويت الأربعاء، في أول انتخابات رئاسية منذ استعادة الحكومة السيطرة على معظم أنحاء سوريا بعد سنوات من النزاع المسلح.

ويحق التصويت لأكثر من 18 مليون سوري داخل وخارج البلاد في انتخابات يظهر الرئيس الحالي بشار الأسد فيها كمرشح أوفر حظاً، بينما يواجه نائب وزير الشؤون البرلمانية السابق عبد الله سلوم عبد الله والزعيم المعارض محمود مرعي.

وأكملت السلطات بالفعل الاستعدادات اللوجستية في إجمالي 12102 مركز اقتراع أقيمت في مختلف المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة، التي استعادت السيطرة على معظم أراضي البلاد خلال السنوات الأخيرة.

وقدر وزير الداخلية السوري محمد الرحمون في مؤتمر صحفي عقده اليوم بالعاصمة عدد الأشخاص الذين لهم حق التصويت في مرحلتي العملية بإجمالي 18107109 ناخبين.

في المقابل، ترفض المعارضة في المنفى والأمم المتحدة وبلدان مختلفة العملية إزاء عدم الالتزام بعملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة.

وأوضحت عضوة اللجنة القضائية العليا للانتخابات هبة سيف الدين، أن القائمين على كل مركز اقتراع سيفتحون صناديق الاقتراع بحضور ممثلين عن المرشحين "للتأكد من أنها فارغة" قبل فتح بدء التصويت في المدارس.

ويجب على الناخبين تقديم بطاقة هويتهم أو وثيقة عسكرية من أجل الحصول على مظروف "موقع ومختوم" والمضي قدماً في إيداع بطاقة الاقتراع في صندوق بعد ملئها.

الصمت الانتخابي

وخلال الصمت الانتخابي الذي حددته السلطات باليوم السابق للعملية، يقوم المواطنون بتقييم وتحديد أولوياتهم عند اختيار الرئيس المقبل للبلاد بعد 11 عاماً من الصراع المسلح وسط أزمة اقتصادية خطيرة.

وفي هذا الصدد، يقول شاب يدعى وليد (34 عاماً) يعمل سائق سيارة أجرة، "لقد سئمت الحرب التي حرمتني من أهم مرحلة في حياتي...يجب أن أشعر بالتغيير لأتمكن من القول إن هناك مرحلة جديدة يمكنني فيها أن أكون متفائلاً بشأنها".

ويتوق أبو علي (82 عاماً) الذي يدير مركزاً تجارياً في دمشق أيضاً إلى نهاية النزاع حتى يتمكن من مشاهدة إعادة إعمار البلاد ورؤية أحفاده يعيشون بأمان "دون تهديدات".

وأكد المسن: "لقد عشت كل الحروب والانقلابات والمصائب. شاركت في حرب أكتوبر (عام 1973 عندما واجهت سوريا إسرائيل) وكنت سعيداً لوجودي في المقدمة للدفاع عن بلدي، لكنني تعبت من كل هذا".

وبالنسبة للمهندس الشاب مرح البالغ من العمر 29 عاماً، فإن الأمر الأكثر إلحاحاً هو النقص في المنتجات الأساسية مثل الوقود والأدوية والخبز، وهو النقص الذي تعزيه الحكومة إلى عقوبات الولايات المتحدة، ما يأتي وسط انخفاض قوي في قيمة العملة المحلية.

وقال، "نحن مشغولون بالبحث عن الديزل والبنزين والتفكير في فواتير الكهرباء وما سنأكله مع الزيادة الكبيرة في الأسعار".

الانتخابات الأولى منذ عام 2011

على بعد كيلومترات قليلة من دمشق، ستشارك بلدة دوما للمرة الأولى في انتخابات رئاسية منذ احتجاجات 2011، إذ لم تكن ضمن سيطرة الحكومة حتى 2018 -أي بعد أربع سنوات من انتخابات 2014- حين استعاد الجيش السوري السيطرة على المنطقة التي كانت في أيدي الجماعات المسلحة.

وحتى وقت قريب نسبياً، كانت دوما آخر معقل للمعارضين في منطقة الغوطة الشرقية وواحدة من أكثر المناطق تضرراً خلال السنوات الأولى من الصراع، لذلك تمثل الانتخابات بالنسبة لسكانها أملاً في إعادة الإعمار والحصول على الخدمات الأساسية.

وفي هذا الصدد، قالت واحدة من سكان هذه المنطقة تدعى أم عمر وتبلغ من العمر 45 عاماً "آمل أن تتحسن الخدمات الرسمية في دوماً بحيث يفتحون المراكز الصحية اللازمة والتمكن من اصطحاب ابني إذا مرض...أكثر ما يهمني في هذه الانتخابات هو حياة ابني".

وفي المدينة، حيث لا يستطيع الدخول في الوقت الحالي سوى المقيمين الحاصلين على تصريح خاص، يوجد نقص في الشوارع المرصوفة والمخابز وحتى السيطرة على "احتكار البضائع" من قبل التجار بعد انتهاء "الحرب الوحشية"، بحسب مواطن آخر طلب عدم ذكر اسمه.

وكانت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية قد اتهمت الحكومة السورية باستخدام أسلحة كيماوية في هجوم على دوما عام 2018، الأمر الذي نفته دمشق بشكل قاطع.