محللة سياسية : سياسات أردوغان أدّت إلى عزل تركيا

عرب وعالم

اليمن العربي

هل فقدت أنقرة تأثيرها ونفوذها في واشنطن؟ إلى أيّ حدّ ساهمت سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان في عزل بلاده في العاصمة الأميركية؟ وكيف وصل الأمر إلى هذا الحدّ من التوتّر بين البلدين؟ هل يستطيع أردوغان الرد بقوة كبيرة على اعتراف الرئيس جو بايدن بالإبادة الجماعية للأرمن وسط تصاعد حالات كوفيد-19والأزمة الاقتصادية في بلاده؟

 

كتبت المحللة كريستينا جوفانوفسكي لوكالة أنباء ميديا لاين نقلاً عن محللين أن اعتراف الرئيس الأميركي جو بايدن بعمليات القتل الجماعي للأرمن في ظل الإمبراطورية العثمانية باعتبارها إبادة جماعية يشير إلى فقدان تركيا نفوذها وتأثيرها على واشنطن.

 

واستشهدت جوفانوفسكي بمحللين أشاروا إلى انخفاض مستوى العلاقات بين أنقرة وواشنطن، في ضوء حقيقة أن الإدارات السابقة تجنبت استخدام المصطلح حتى لا تزعج تركيا الحليفة في حلف الناتو.

 

وتابع بايدن يوم السبت ما تعهد به في حملته الانتخابية بالاعتراف رسميًا بأن الفظائع التي ارتكبتها الإمبراطورية العثمانية ضد الأرمن منذ أكثر من قرن هي إبادة جماعية، وهي خطوة شاركها مع نظيره التركي في أول مكالمة هاتفية بينهما يوم السبت منذ تولى بايدن منصبه.

 

وفي هذا السياق قال أيكان إردمير، مدير برنامج تركيا لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها واشنطن، لميديا لاين: "في نهاية المطاف، أدت سياسات حكومة أردوغان إلى عزل تركيا في واشنطن". وأضاف إنّ الأمر انتهى بتركيا بلا أصدقاء للدفاع عن موقفها في واشنطن.

 

وهناك خلاف بين تركيا والولايات المتحدة حول سلسلة من القضايا، بما في ذلك شراء تركيا لأنظمة جوية روسية من طراز إس-400، وموقف تركيا ضد مجموعة من اللاعبين الإقليميين في ليبيا التي مزقتها الحرب، ودعم الولايات المتحدة لوحدات حماية الشعب الكردية السورية، بالإضافة إلى عدّة مسائل أخرى.

 

وبحسب ألان ماكوفسكي، الزميل البارز للأمن القومي والسياسة الدولية في مركز التقدم الأميركي بواشنطن، فإن التدهور يزداد في العلاقات بين واشنطن وأنقرة ويتصاعد مع إعلان بايدن الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن يوم السبت.

 

وقال ماكوفسكي: "بدأت الولايات المتحدة في التحوط من رهاناتها قليلاً.. لا يزال الناس يرون أن تركيا مهمة من الناحية الاستراتيجية، لكنني أعتقد أن تركيا فقدت حق النقض (الفيتو) في مناطق معينة في الولايات المتحدة، بما في ذلك هذه القضية".

 

وأشار مايكل روبين، الباحث الأميركي في معهد أمريكان إنتربرايز، يوم السبت إلى أن عدد أعضاء كتلة الكونغرس في تركيا بالكونغرس بلغ 79، مقارنة بـ 125 للكتلة الأرمنية.

 

وقال روبن على تويتر، "لقد فشلت تركيا في واشنطن"، مستذكراً تغريدة تعود إلى عام 2012 من قبل السفير التركي السابق لدى الولايات المتحدة، نامق تان، الذي أكد أن تجمع تركيا في مجلس النواب الأميركي قد وصل إلى 136 في ذلك الوقت.

 

وقال بيرك إيسن، الأستاذ المساعد في العلوم السياسية بجامعة سابانجي في إسطنبول، لميديا لاين: "الاعتراف بالإبادة الجماعي يكون بمثابة ضربة كبيرة للحكومة التركية".

 

ويسعى الأرمن للحصول على اعتراف دولي بالفظائع التي ارتكبت خلال الحرب العالمية الأولى ويقولون إنها خلفت 1.5 مليون قتيل من شعبهم.

 

وتتفق الغالبية العظمى من المؤرخين غير الأتراك على أن يوم 24 أبريل 1915 كان بداية جريمة قتل جماعي ممنهج وطرد للأرمن المدنيين من قبل حكومة الإمبراطورية العثمانية، وهو ما يتوافق مع تعريف الإبادة الجماعية، وهو ادعاء ترفضه أنقرة.

 

ودعا عضو البرلمان الأوروبي مانفريد ويبر تركيا يوم السبت إلى مواجهة التاريخ والاعتراف الكامل بواقع الإبادة الجماعية.

 

وأصدر رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، بيانًا في يوم ذكرى الإبادة الجماعية للأرمن قال فيه: "اليوم في يوم ذكرى الإبادة الجماعية للأرمن، ننضم إلى الجاليات الأرمينية في كندا وحول العالم لتذكر أولئك الذين فقدوا حياتهم والذين عانوا من الأعمال الحمقاء التي ارتكبت بحق الشعب الأرميني. كما نكرم أحفادهم وجميع أولئك الذين ما زالوا يعيشون مع الألم والصدمة والخسارة من هذه المأساة".

 

وأصدر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بيانًا على موقع تويتر بمناسبة ذكرى الإبادة الجماعية للأرمن قال فيه: "في 24 أبريل، يوم ذكرى الإبادة الجماعية للأرمن، لا ننسى. سنقاتل معا ضد الإنكار والكراهية والعنف." وأضاف ماكرون: "إن الشعب الفرنسي والشعب الأرميني مرتبطان إلى الأبد".

 

ووضعت الرئيسة اليونانية كاترينا ساكيلاروبولو إكليلا من الزهور يوم السبت على ضريح الجندي المجهول في أثينا لإحياء الذكرى 106 للإبادة الجماعية للأرمن، وقالت "مرت مائة وستة أعوام منذ بداية الإبادة المنهجية لمليون ونصف المليون أرمني خلال السنوات الأخيرة للإمبراطورية العثمانية. وأضافت: "إنها مأساة حسمت العقود الأولى من القرن العشرين بشكل لا يُمحى، إبادة جماعية دمرت نواة مسيحية مزدهرة في جنوب القوقاز وكادت تقضي على شعب قديم".