مصر والإمارات.. شراكة تاريخية وتنسيق ممتد في العديد من الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية

تقارير وتحقيقات

اليمن العربي

تأتي زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، إلى مصر في هذا التوقيت للتأكيد على التنسيق الممتد بين البلدين.

 

ويحمل توقيت الزيارة العديد من الدلالات التي تؤكد على التنسيق المستمر بين القيادتين في العديد من الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية وغيرها، والتي وصلت إلى مرحلة الشراكة على مستويات متعددة.

 

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في مطار القاهرة، للتأكيد على عمق العلاقات بين البلدين.

 

وتشير التجارب العملية إلى أن التنسيق المصري-الإماراتي والتفاهم بين البلدين بشأن القضايا العربية والإقليمية، دائما ما ينعكس بشكل إيجابي وفاعل على المنطقة العربية، ويجنبها اندلاع العديد من الأزمات.

 

من جانب آخر، فإن دعم مصر أمن واستقرار منطقة الخليج العربي نهج ثابت التزمت به القاهرة وأعاد الرئيس عبدالفتاح السيسي تأكيده الراسخ عليه أكثر من مرة.

 

ويعتبر ملف مكافحة الإرهاب ونبذ التطرف والعنف والتحريض عليهما، ملف يجمع البلدين معا ويرتبط بسياسة كل منهما في العمل السياسي والدبلوماسي والديني.

 

ويترافق مع التوجه، التأكيد على ضرورة حفظ السلم والأمن الإقليمي والدولي، وذلك عبر محاربة الجماعات المتطرفة والإرهابية.

 

وتشير سياسات مصر والإمارات إلى حرصهما على محاربة تلك الجماعات ومكافحة أفكارها الهدامة، كما تحركت القاهرة وأبوظبي نحو التركيز على تجديد الخطاب الديني، والفهم الحقيقي للدين بعيدا عن عوامل المغالاة والتشدد التي تنتهي غالبا بالطريق المؤدي نحو الكراهية والعنف، وأهمية دور التعليم وتعزيز التسامح والسعادة بجانب مشاركة الشباب والدور الإيجابي للأسرة والمرأة والثقافة والوسطية الدينية. في مشاركة واسعة بين الجهات المسؤولة في البلدين.

 

وعلى المسار الاقتصادي، شهدت العلاقات بين البلدين مجموعة من الاتفاقيات والبروتوكولات، أبرزها: اتفاقية للتعاون العلمي والتقني في الميادين الزراعية، اتفاق تبادل تجارى وتعاون اقتصادي وتقني وتشجيع وحماية الاستثمارات، اتفاق إنشاء لجنة عليا مشتركة بين البلدين، اتفاق تعاون مشترك بين الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية واتحاد الغرف التجارية والصناعية بدولة الإمارات، اتفاقية للتعاون المشترك بين الاتحاد التعاوني الاستهلاكي بدولة الإمارات والاتحاد العام للتعاونيات بمصر، اتفاق إنشاء مجلس الأعمال المصري الإماراتي المشترك بين الاتحاد العام للغرف التجارية واتحاد غرف تجارة وصناعة أبوظبي، اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار، اتفاقية التعاون القانوني والقضائي، اتفاقية بشأن الخطوط الجوية، مذكرة تفاهم بين شركة أبوظبي لطاقة المستقبل والهيئة العامة للاستثمار.

 

وبلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين في النصف الأول من 2020، والذي بلغ نحو 3.4 مليار دولار بنمو 20% مقارنة بالفترة ذاتها من 2019، على الرغم من تأثير جائحة كورونا الكبير على حجم التجارة في العالم أجمع.

 

فيما بلغت الاستثمارات الإماراتية المباشرة في مصر، نحو 15 مليار دولار، بينما بلغت استثمارات مصر بالإمارات أكثر من مليار دولار.

 

محطات تاريخية

وشهدت العلاقات الإماراتية المصرية محطات تاريخية على مدار 50 عاما، ستبقى محفورة في سجل التاريخ وذاكرة البلدين، ومن أهمها تلك المساعدات الاقتصادية التي أمر بها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات للقاهرة في عام 1967، عقب نكسة يونيو/حزيران.

 

ثم أعقب ذلك بـ4 أعوام، بداية العلاقات السياسية بين الإمارات ومصر، لينطلق بعدها بأقل من عامين دعم جديد من الإمارات لمصر في حرب أكتوبر 1973.

 

وكما لا ينسى العرب مقولة الشيخ زايد، لا ينساها المصريون حين أطلق مقولته الشهيرة "النفط العربي ليس بأغلى من الدم العربي".

 

وفي عام 1995، أمر الشيخ زايد ببناء مدينة زايد في مصر لإسكان 150 ألف نسمة، وفي عام 2013 جاء الدعم في الظروف الحرجة التي مر بها المصريون، ليكون سياسيا واقتصاديا بعد ثورة 30 يونيو/حزيران.

 

ويسجل التاريخ للشيخ زايد أنه الرجل الذي غرس التوجه نحو مصر بكل الحب والتقدير وتعهد العلاقات الإماراتية-المصرية بالرعاية والعناية، ونسج علاقات بالغة التميز والخصوصية معها.

 

وهناك العديد من المشروعات التي أقامها على أرض مصر، ومن أهمها مدينة الشيخ زايد، وهي إحدى المدن الجديدة التي أنشئت عام ١٩٩٥ بتمويل صندوق أبوظبي للتنمية.

 

كذلك حي الشيخ زايد بمدينتي السويس والإسماعيلية، وهما من الأحياء التي قدمها زايد للمصريين كمساهمة جادة في إزالة آثار العدوان الإسرائيلي على مدن القناة في حرب يونيو/حزيران عام ١٩٦٧.

 

ومنها قناة الشيخ زايد بطول ٥٠ كيلومتراً في توشكى، لزراعة ٤٥٠ ألف فدان، وقدمها رحمه الله هدية لمصر، وترعة الشيخ زايد في منطقة وادي النطرون، وترعة الشيخ زايد شرق قناة السويس في قلب سيناء، والتي تروي ٤٠ ألف فدان، كل ذلك عن إيمان عميق منه بمصر ودورها الحيوي والتاريخي تجاه أمتها العربية.

 

والمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان هو صاحب المقولة الشهيرة "مصر بالنسبة للعرب هي القلب، وإذا مات القلب فلا حياة للعرب".

 

وختاما.. تشهد العلاقات بين جمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة تقدما مستمرا، يعكس تطور العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات، وتأتي زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في هذا التوقيت بما تحمله من نتائج إيجابية للغاية للتأكيد على استمرار شراكة قوية بين قيادة وشعبي البلدين.