كيف تمزق تركيا النسيج المغربي؟

تقارير وتحقيقات

اليمن العربي

تعاني الأسواق المغربية من إغراق تركي، وسياسات توسعية غير مسبوقة من قبل الشركات التركية، تحوطا لرسوم إغراق يدرسها مجلس النواب المغربي وذلك على حساب المنتجات المحلية، دون احترام أعراف التنافس التجاري.

 

وصدرت تركيا بضائع قيمتها 2.2 مليار دولار إلى المغرب العام الماضي، مما تسبب في عجز تجاري للرباط ودفع بعض المشرعين ومسؤولي الصناعة المغاربة للشكوى من المنافسة غير العادلة.

 

وصدرت تركيا العام الماضي منسوجات بنحو 18 مليار دولار، وهو ما يمثل 10% من إجمالي صادراتها، وفقا لمجموعة صناعية. وبلغ إجمالي الصادرات إلى الجزائر 1.9 مليار دولار.

 

ومطلع العام الجاري، دق وزير الصناعة والتجارة والاستثمار المغربي حفيظ العلمي، ناقوس الخطر بخصوص الغزو التركي للأسواق المغربية، ما يُهدد المنتجات المغربية، ومعها مئات الشركات التي تُشغل عشرات الآلاف من المغاربة.

 

ويُعاني أصحاب محلات المواد الاستهلاكية العامة، أو كما يصطلح عليهم محليا بـ"مول الحانوت"، من الانتشار الصارخ لمحلات BIM التُركية، والتي تستهدف بشكل أساسي الأحياء الشعبية، وتُشكل مُنافساً شرساً لأصحاب هاته المحلات.

 

وتسببت هذه المحلات في إغلاق عشرات من المتاجر الصغيرة في كُل حي مغربي، خاصة أنها تُقدم عروضاً مُغرية لجذب الزبناء إليها، على حساب التجار الصغار.

 

وسبق لمولاي الحفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي أن كشف في وقت سابق، أن محلات BIM تُؤدي إلى إغلاق ما يناهز 60 متجرا صغيرا في كل حي.

 

وعلى رغم من إجبار الحُكومة المغربية لهذه المتاجر، على أن يكون نصف معروضاتها من المنتجات المغربية، إلا أن ذلك لم يحل دون تهديدها لقوت العشرات من التجار الذين صار الخوف يُحاصرهم من بوار تجارتهم.

 

ويرى التُجار المغاربة، أن هذه المتاجر لو كانت تتواجد خارج الأحياء الشعبية على غرار باقي الأسواق الكبرى، لكان تأثيرها محدوداً، إلا أن تغلغلها الكبير وسط الأحياء الشعبية، يطعن التاجر المغربي البسيط في مقتل.

 

وفي نفس السياق، يسود تخوف من أن تكون هذه المتاجر مُجرد مُقدمة لغزو متاجر أخرى للأسواق المغربية وخاصة الأحياء الشعبية، وهو الشيء الذي يُشكل تهديداً حقيقياً بالتشرد للآلاف من التُجار البُسطاء.

 

ولا تقتصر سياسات الإغراق التركية على مجال المواد الأساسية والغذائية، بل تمتد إلى مجالات أخرى كانت تشهد ازدهاراً في المملكة، إلا أن الكساد صار عُنواناً لها مع المنافسة غير الشريفة للمنتجات التركية.

 

وفي هذا الصدد، تنتشر العديد من ماركات الألبسة التُركية في الأسواق المغربية، سواء من خلال محلات تجارية أو عبر شبكة الأنترنت، مُقدمة عروضا لا تحترم قواعد التنافس التجاري المعمول بها.

 

وبحسب المعطيات الرسمية، فإن الصادرات التركية نحو المملكة المغربية في قطاع النسيج، عرفت ارتفاعا بنسبة 175% بين عامي 2013 و2017، مما أضر بمصالح المنتجين المحليين.

 

محمد التازي، رئيس الجمعية المغربية لصناعات النسيج والألبسة، دق ناقوس الخطر في تصريح لـ"العين الإخبارية"، موضحاً أن الإغراق التركي أدى لإفلاس العديد من الشركات المغربية المتخصصة في النسيج، وشرد عدداً لا بأس منه من العاملين.

 

وبحسب المعطيات التي كشف عنه التازي، فإن قطاع النسيج كان يقدم حوالي نصف مليون فرصة عمل، إلا أنه وخلال خمس سنوات فقط، تراجع هذا الرقم لينحصر في مائة ألف فرصة عمل.

 

ومن أجل وقف النزيف الذي تسبب به الإغراق التركي للأسواق المغربية، قررت المملكة المغربية تعديل الاتفاق التجاري الذي يجمع بين البلدين، بغرض الحفاظ على تنافسية السوق ومحاربة الاحتكار التركي.

 

وفي هذا الصدد، شرعت الحكومة المغربية في فرض إجراءات مشددة على الواردات التركية بعد الضرر الكبير الذي تسببت فيه مُنتجات هذه الأخيرة لنظيرتها المغربية.

 

ومن خلال تطبيق اتفاق يهم تعديل اتفاقية التبادل الحر مع تركيا، سيتم فرض الرسوم الجمركية على المنتجات التركية المدرجة بالملحق الأول للاتفاق الثنائي لتبلغ 90% من قيمة الرسوم الجمركية المطبقة وفق "الدولة الأكثر رعاية" الجاري بها العمل.

 

ودخل هذا التعديل حيز التطبيق المملكة المغربية، في أعقاب مصادقة البرلمان بغرفتيه على هذا التعديل، والذي أحيل عليه من لدن المجلس الحُكومي، الذي ناقشه وصادق عليه في أعقاب مُصادقة المجلس الوزاري برئاسة عاهل البلاد على هذا التعديل.

 

يأتي القرار بعد عجز كبير في الميزان التجاري بين البلدين، إذ كشف تقرير مرفق بقانون مالية العام الجاري، أن العجز انتقل من 4.4 مليار درهم (1 دولار = 9.75 درهم) سنة 2006، عام بداية تطبيق الاتفاق، إلى 16 مليار درهم سنة 2018