مجلة أمريكية: حملة القمع ضد الأكراد تمثل اللعبة السياسية لنظام أردوغان

عرب وعالم

اليمن العربي

قالت مجلة ”فورين بوليسي“ الأمريكية، إن حملة القمع التي يشنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضد حزب الشعوب الديمقراطي، الموالي للأكراد، تمثل اللعبة السياسية الأخيرة لنظام أردوغان، الذي يشبه مريض سرطان في مرحلته الأخيرة.

 

وأضافت في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني أن ”تركيا تتحرك نحو حظر ثاني أكبر حزب معارض في البلاد، وهو حزب الشعوب الديمقراطي، المؤيد للأكراد، فيما يُرى على نطاق واسع أنه المسمار الأخير للحكومة التي استنزفت كل الخيارات الأخرى مع التراجع الشديد في الدعم الشعبي، بينما يواجه حزب العدالة والتنمية الحاكم معركة حامية الوطيس خلال الانتخابات العامة المقبلة“.

 

ومضت تقول: ”على خلفية اتهام حزب الشعوب الديمقراطي بوجود علاقات بينه وبين حزب العمال الكردستاني، قامت حكومة الرئيس أردوغان باعتقال الآلاف من مسؤولي الحزب خلال السنوات الأخيرة، ومن بينهم أكثر من 700 خلال الشهر الماضي، وتم الإطاحة بمعظم العمداء المنتخبين التابعين للحزب، وعدد آخر من أعضاء البرلمان، من مناصبهم“.

 

وتابعت: ”حملة القمع الأخيرة على حزب الشعوب الديمقراطي جاءت نتيجة الصدام الذي وقع الشهر الماضي في المنطقة التي يديرها الأكراد شمال العراق، حيث قُتل 13 جنديا وشرطيا تركيا في عملية كانت تستهدف تحريرهم من الاختطاف“.

 

وقال حزب العمال الكردستاني، الذي تحاربه الحكومة التركية منذ الثمانينيات، وتصنّفه تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منظمة إرهابية، إن الرهائن قُتلوا في غارات جوية تركية.

 

منذ ذلك الحادث، فإن دعوات إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي، والقائمة بالفعل منذ عام 2002، اكتسبت زخما إضافيا، والأسبوع الماضي جدد ”دولت بهجلي“، زعيم حزب الحركة القومية التركية، وهو جزء من الائتلاف الحاكم في تركيا، إلى جانب حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه أردوغان، دعوته بالإغلاق الفوري للحزب، ونصح بتطبيق إجراءات تمنع ظهوره مرة أخرى تحت مسمى مختلف.

 

ورأت المجلة الأمريكية أن الهجوم الذي يشنّه أردوغان على حزب الشعوب الديمقراطي يظهر إلى أي مدى تعاني حكومته مع الأزمة الاقتصادية، تراجع شعبيتها الانتخابية، والانقسامات الحزبية، والتوترات المتصاعدة مع الولايات المتحدة، والمواجهة البحرية المحفوفة بالمخاطر في البحر المتوسط مع زملاء في حلف شمال الأطلسي ”الناتو“.

 

وقالت إن الاقتصاد التركي المترنح -في ضوء هبوط قيمة العملة، وارتفاع التضخم، ووصول معدلات البطالة إلى مستويات قياسية- أدى بشكل خاص إلى إضعاف أردوغان وحزبه، وكلاهما يحكم البلاد، بصورة أو بأخرى، منذ عام 2002.

 

ونقلت عن ”أيكان إرديمير“، المدير البارز لبرنامج تركيا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، والنائب السابق في البرلمان التركي عن حزب الشعب الجمهوري المعارض، قوله: ”يبدو أن إثارة التحيز العنصري ضد حزب الشعوب الديمقراطي ونوابه المنتخبين بمثابة الملاذ الأخير للائتلاف الحاكم الذي استنزف كل البدائل الأخرى“.

 

وأضاف ”إرديمير“: ”الضغط المتصاعد على حزب الشعوب الديمقراطي يمثل انعكاسا للوضع الكئيب الذي يعانيه الاقتصاد التركي، والارتفاع الدرامي في نسبة البطالة والفقر، وهو ما يؤدي إلى تآكل دعم الناخبين للائتلاف الحاكم“.

 

وفي استطلاع للرأي أجراه مركز Avrasya التركي للأبحاث، فإن 32.5% فقط من الناخبين قالوا إنهم سيدعمون حزب العدالة والتنمية في حالة إجراء الانتخابات فورا، في تراجع غير مسبوق، في حين حصل حزب الشعب الجمهوري على 28%.

 

وتابعت المجلة الأمريكية: ”إذا كانت المعركة الحالية التي يخوضها أردوغان ضد حزب الشعوب الديمقراطي لها علاقة بالوضع الاقتصادي، فإن صراعه مع الحزب يعود إلى عام 2015، عندما وجه الحزب ضربة موجعة بحصوله على أكثر من 10% من أصوات الناخبين، ما منحه الحق في الحصول على تمثيل برلماني؛ ما تسبب في تحطيم الأغلبية الحزبية للعدالة والتنمية في البرلمان“.

 

وردا على ذلك، انسحبت الحكومة التركية من مباحثات السلام مع حزب العمال الكردستاني،؛ ما تسبب في إشعال العنف في معظم المناطق الكردية الواقعة جنوب شرق تركيا. في العام التالي اعتقلت أنقرة ”صلاح الدين ديمرتاس“، رئيس حزب الشعوب الديمقراطي.

 

ورغم الحكم الملزم الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فإن ”ديمرتاس“ يواجه السجن لمدة 142 عاما في حالة إدانته بجرائم متعلقة بالإرهاب، على خلفية مشاركته المزعومة في مظاهرات عنيفة عام 2014.

 

ونقلت عن ”بيرك إيسين“، الأستاذ المساعد للعلوم السياسية في ”جامعة سابانجي“، قوله: ”مع وجود ترامب في البيت الأبيض، كان أردوغان يستطيع الحصول على صفقات من الإدارة الأمريكية، وإيجاد نوع من التوازن للضغط الذي يتعرض له من الكونغرس. ولكن مع انتخاب بايدن، فإنه سيكون من المستحيل على أردوغان أن يفعل ما سبق“.

 

وأضاف ”إيسين“: ”نحن نشاهد الموت البطيء لنظام أردوغان. لن يسقط هذا النظام بفعل ضربة واحدة كبيرة، ولكنه سيموت نتيجة تعرضه للانهيار بفعل الأزمات العديدة التي يواجهها“.

 

وتابعت ”فورين بوليسي“: ”من المقرر إجراء الانتخابات العامة التركية في عام 2023، ولكن يعتقد البعض أنه يمكن تقديمها إلى مطلع العام المقبل، وتقوم الحكومة التركية، استعدادا للانتخابات المقبلة، بتقسيم التصويت لصالح المعارضة، من خلال تشويه حزب الشعوب الديمقراطي بالإرهاب.

 

وفي الوقت ذاته، فإن حملة القمع التي يمارسها نظام أردوغان ضد الحزب تعزز موقعه لدى القوميين الأتراك، إذ يريد حزب الحركة القومية المشاركة في الحكم، طالما أن حصوله على الأغلبية أمر مستبعد.

 

ورغم أن أردوغان من المتوقع أن يقوم بمراجعة خيارات أخرى قبل اتخاذ قرار الإغلاق الكامل لحزب الشعوب الديمقراطي، فإنه مع حزب العدالة والتنمية يقتربان من اللجوء إلى ”الخيار النووي“، بحسب ما يراه ”بيرك إيسين“.

 

وختمت تقريرها: ”إنه مثل السرطان في مرحلته الأخيرة، كما يقول ”بيرك إيسين“، يمكن أن تتأكد من الحياة لمدة 6 أشهر، وتستطيع الحكومة التركية الاستعانة بخطط لإطالة أمد بقائها في السلطة لشهور أو سنوات قليلة مقبلة، ولكن في النهاية فإنها لن تستطيع التخلص من المصير المحتوم“