بيان عسكري يربك نظام اردوغان

عرب وعالم

اليمن العربي

شهدت تركيا، الأحد، أحداثًا ساخنة تمثلت في قيام ضباط متقاعدين بالبحرية التركية بالتحذير من المساس باتفاقية "مونترو" الدولية، فيما انتاب النظام الحاكم حالة من الذعر وصلت حد وصفهم بـ"الانقلابيين".

 

ووفق ما ذكرته العديد من وسائل الإعلام التركية، فقد وقع 103 أدميرال متقاعد على بيان طالبوا فيه النظام بالالتزام باتفاقية "مونترو" والتراجع عن تنفيذ مشروع "قناة إسطنبول".

 

واتفاقية "مونترو" دخلت حيز التنفيذ في عام 1936، بهدف تنظيم حركة مرور السفن عبر المضائق التركية إلى البحر الأسود، وفترة بقائها في هذا البحر، وتشمل سفن الدول المطلة (أوكرانيا وروسيا وجورجيا وتركيا وبلغاريا ورومانيا) على البحر الأسود وغير المطلة.

 

وحذر الضباط المتقاعدون من المساس بالاتفاقية، خاصة مع استكمال الرئيس، رجب طيب أردوغان، لمشروع قناة إسطنبول التي تهدف إلى تقليل المرور في مضيق إسطنبول.

 

فيما يرى خبراء أن الهدف الرئيسي للقناة هو الالتفاف حول اتفاقية "مونترو" التي تحد من عدد وأطنان السفن من القوى غير المطلة على البحر الأسود التي يمكنها الدخول عبر البوسفور، وهو ما يهدد الاتفاقية التي يعتبرها الضباط المتقاعدون نصرًا عسكريًا تاريخيًا حققه مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك.

 

وجاء في البيان، الذي أصدره الضباط المتقاعدون، "من المثير للقلق أن اتفاقية مونترو قد تم فتحها للنقاش في نطاق كل من قناة إسطنبول والمعاهدات الدولية. لقد حمت اتفاقية مونترو حقوق تركيا بأفضل طريقة. ويجب على البلاد أن تحافظ على التزامها بتلك الاتفاقية التي مكنتها من سلوك دور حيادي في الحرب العالمية الثانية».

 

وتابع البيان: "من الضروري أن يحافظ الجيش التركي بجد على القيم الأساسية للدستور، والتي لا يمكن تغييرها ولا يمكن اقتراح تغييرها".

 

وأضاف: "ندين ابتعاد القوات البحرية التركية عن هذه القيم وعن المسار المعاصر الذي رسمه (مؤسس الجمهورية مصطفى كمال) أتاتورك. من الضروري تدريب عناصر قيادة القوات البحرية، الذين لهم ماض مجيد ينبثق من حضن الأمة التركية والذين هم حماة الوطن الأم والوطن الأزرق، تماشياً مع مبادئ ثورة أتاتورك".

 

وأكدوا على وقوفهم "إلى جانب البحارة الأتراك الذين يعملون منذ فترة طويلة، والذين يعملون بإخلاص في كل ركن من أركان بلادنا في البحر والبر والجو وفي منطقة الأمن الداخلي وخارج الحدود، والذين يعملون بقلب وروح لحماية حقوقنا».

 

وردًا على هذه التطورات، أعلن مكتب المدعي العام بالعاصمة أنقرة، فتح التحقيق مع الموقعين على البيان.

 

ووفق ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "جمهورييت" المعارضة، أصدر مكتب المدعي العام أمرًا باستدعاء المطلوبين للتحقيق معهم وأخذ أقوالهم.

 

بدوره، أكد أمين عام حزب العدالة والتنمية، فاتح شاهين، أن اللجنة المركزية بالحزب تجتمع، الإثنين، برئاسة أردوغان، لمناقشة تداعيات البيان.

 

وقال فاتح شاهين إن "الحزب قرر الاجتماع اليوم بدلًا من الخميس، لتقييم الوضع بشأن البيان".

 

كما أدان المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية، عمر جليك، البيان قائلا: إن "ما فعله الضباط المتقاعدون هو قلة احترام للإرادة الوطنية وللزي الذي ارتدوه لفترة، متابعًا: «هذا دليل على أن هذه العقلية تتوق إلى نظام الوصاية".

 

وأضاف في تغريدة له: "ندين هذه اللغة البدائية المستخدمة ضد الإدارة السياسية المنتخبة، ومن غير المقبول أن يصدر بعض الأميرالات المتقاعدين بيانًا بهذه اللغة والأسلوب يذكرنا بأحداث الماضي السيئة والقبيحة".

 

فيما هاجم نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، نعمان قورتولموش، البيان، والموقعين عليه.

 

كما اعتبرت الرئاسة التركية البيان "تمهيدًا لانقلاب جديد"، وقال مدير دائرة الاتصالات في الرئاسة، فخر الدين آلطون: "ما الأمر، اجتمع العديد من الأدميرالات المتقاعدين وكتبوا (بيانًا)! كما تحمس عناصر الطابور الخامس على الفور (في إشار إلى المعارضة التركية)".

 

من جانبها، هاجمت وزارة الدفاع التركية، الموقعين على البيان، وقالت في بيان صادر عنها: "من الواضح أن إصدار مثل هذا البيان لن يؤدي إلا إلى الإضرار بالديمقراطية، والتأثير سلبًا على الروح المعنوية لأفراد القوات المسلحة التركية".

 

وأضافت أن "من حق القوات المسلحة التركية حماية حقوقها ومصالحها في شرق المتوسط وسوريا والعراق وقبرص وأذربيجان، والعديد من المناطق الأخرى الجغرافية تحت قيادة رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان".

 

وأشارت إلى أن "نشر هذا البيان لن يفيد سوى الأعداء فقط"، مؤكدة أنه "لا يمكن لأحد أن يستخدم القوات المسلحة التركية أداة للطموحات الشخصية".

 

وفي سياق ردود الأفعال، انتقد زعيم المعارضة التركية كمال قليجدار أوغلو سياسات حكومة بلاده بعد إصدار البيان.

 

وقال قليجدار أوغلو، زعيم الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في البلاد إن "الأجندات المزيفة لا تصمد كثيرًا، جدول الأعمال الحقيقي هو طاولة الشعب التركي، سأواجه أردوغان الخبير الاقتصادي المشهور بالدمار الاقتصادي الذي تسبب فيه، وسوف أشارك هنا قصص شبابنا الذين أظلمتم مستقبلهم".

 

أما علي باباجان، رئيس حزب الديمقراطية والتقدم المعارض، نائب رئيس الوزراء الأسبق، فقال في تغريدة على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إن «تصميم الحكومة المستمر على إشراك مؤسسات الدولة في حملاتها المصطنعة يضر بمستقبلنا، والحل هو تطبيق الديمقراطية الكاملة».

 

ميرال أكشينار، زعيمة حزب الخير المعارض، قالت هي الأخرى إن "البيان نتاج انقطاع الديمقراطية عن تركيا، مشيرة في تصريحات صحفية إلى أن " «المعارضة التركية بعيدة عن الأجندة المصطنعة وسياسة الاستقطاب».

 

ووصفت أكشنار البيان بأنه "هراء"  وقالت «زاد في تركيا السخف، يجب علينا مناقشة مشاكل الشباب العاطلين عن العمل والأطفال العاجزين عن التعلم والتجار المفلسين»