سفير السعودية بلندن: انسحابنا من اليمن لن ينهي الصراع وقد يتسبب بفصل دموي جديد

أخبار محلية

اليمن العربي

قال الأمير خالد بن بندر آل سعود، سفير السعودية في المملكة المتحدة، إن انسحاب قوات بلاده من اليمن، لن تفضي إلى السلام المنشود في اليمن، مشيرا إلى أن السعودية لا تستطيع أن تنسحب ببساطة من اليمن في الوقت الحالي، مستشهدا باستمرار وجود أكثر من 2000 جندي أمريكي في أفغانستان اليوم، بعد ما يقرب من عشرين عامًا من تدخل أمريكا لأول مرة في ذلك البلد.

 

وأضاف في مقال للرأي نشرته صحيفة "تليجراف" البريطانية: "نحن بحاجة إلى أن نكون واقعيين بشأن ما سيحدث إذا غادرنا من جانب واحد. لن ينتهي الصراع، وقد يبدأ فصلاً دمويًا جديدًا، مع زيادة عدد القتلى من المدنيين، ولن تتمكن المساعدات الإنسانية، المتاح لها أن تتدفق حاليًا إلى المنطقة، من الاستمرار".

 

وقال السفير السعودي، إن بلاده جادة في تحقيق مبادرات السلام التي أعلنتها لحل أزمة اليمن واقتراح آخر لوقف إطلاق النار في ظل تهديد حقيقي بالمجاعة في البلاد.

 

لكنه أكد في أن هناك مجموعة من العقبات يجب تجاوزها أولا، وأضاف قبل أن نتمكن من إيجاد حل للحاضر، نحتاج إلى فهم الماضي.

 

وقال السفير في مستهل المقال: "مثل كل السعوديين، أستشعر بعمق معاناة الشعب اليمني. لقد كان الصراع في تلك الأمة مأساة إنسانية قبل تدخلنا بوقت طويل ولا يزال كذلك على الرغم من بذلنا قصارى جهدنا لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين".

 

وعن علاقات الشعب السعودي باليمني، أوضح: "اليمنيون شعب نشعر معه بعلاقات قرابة عميقة وقوية، وبالتالي فإن ثمن ذلك مؤلم من نواح كثيرة لأمتنا أيضًا"، معقبا: "حتى الآن لم ننجح في إيجاد حل سلمي للشعب اليمني، ونشعر بهذا الفشل بشدة".

 

وتابع: "المملكة العربية السعودية تدخلت في بادئ الأمر لدعم الحكومة اليمنية، بدعم من قرار من مجلس الأمن، ضد منظمة كانت تحاول الإطاحة بالحكومة بوسائل عسكرية. منذ ذلك الحين، حاولنا مرارًا وتكرارًا جلب الحوثيين إلى طاولة المفاوضات، لإيجاد طريق لإنهاء الصراع".

 

واستعرض عدة نقاط لشرح عقبات حل أزمة اليمن، حيث قال إن المملكة أوقفت إطلاق النار بعدما بدأ فيروس كورونا في التأثير على المنطقة، ولكن كان لوقف إطلاق النار تأثير كارثي في اليمن، لأن الحوثيين استغلوه ببساطة لشن حملة عسكرية عدوانية، والاستيلاء على مزيد من الأراضي من الحكومة المنتخبة ديمقراطياً، وتشريد المزيد من اللاجئين.

 

وأكد الأمير خالد في مقاله أن السعودية، ضمن مبادرة إحلال السلام على استعداد لدعم الافتتاح الكامل لكل من ميناء الحديدة ومطار صنعاء، ولكن بشرط أن يلتزم الحوثيون ببنود اتفاقية ستوكهولم الأصلية المتعلقة باستخدام الميناء وأيضا وقف عدوانهم العسكري في المنطقة.

 

ثم أردف معلقا على قرار الولايات المتحدة برفع التصنيف الإرهابي عن الحوثيين: "بينما نتفهم دوافع الإدارة الأمريكية، فقد كان لذلك القرار نتيجة بعيدة تمام البعد عن التأثير الذي كانت تتمناه أمريكا من ورائه".

 

وأفاد السفير أن هذا القرار شجع الحوثيين على شن هجوم عسكري جديد، مما أدى إلى سقوط المزيد من الضحايا المدنيين، كما أنه أدى إلى موجة جديدة من الهجمات بالطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية على المملكة، والتي استهدفت في أغلبها أهدافًا مدنية بشكل عشوائي.

 

وأضاف: "بحساب عدد الضربات في السنوات القليلة الماضية وحدها، هناك أكثر من 800 ضربة صاروخية وبطائرات بدون طيار ضد بلدنا. يتضح من هذا أنه بدون الضغط الدولي المستمر على الحوثيين، لن يعودوا بحسن نية إلى طاولة المفاوضات".

 

وأضاف أن السعودية قطعت على نفسها التزاما تجاه شعب اليمن، مؤكدا أن المملكة في حاجة ماسة لجلب المزيد من المساعدات للبلاد، ولاسيما منطقة الشمال التي مزقتها الحرب، قائلا: "لكن يجب على العالم أن يقدر ما قمنا به بالفعل في هذا الصدد، بتوجيه السعودية ما يقرب من 17 مليار دولار كمساعدات لليمن حتى الآن".

 

وأكد في مقاله أن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يعمل مع 80 شريكًا في سلسلة من المشاريع الإنسانية بقيمة 3.4 مليار دولار؛ حيث تبرعت الرياض بمبلغ 422 مليون دولار من النفط للحكومة اليمنية للحفاظ على تشغيل محطات الطاقة، كما أنفقت 100 مليون دولار على إزالة الألغام الأرضية، بينما كان الحوثيون يزرعون المزيد؛ وأودعوا 2.2 مليار دولار في البنك المركزي اليمني لتمويل الإمدادات الغذائية والمدارس والمستشفيات وغيرها من الخدمات الأساسية.

 

كما أوضح أن المملكة تستطيع تقديم المزيد مع الأمم المتحدة كجزء من المساعدات إلى المنطقة، إلا أنه شدد على أن ”العامل المحدد والحاسم في هذا الأمر هو رفض الحوثيين الخضوع لوقف إطلاق النار.

 

واختتم مقاله، قائلا: "إن بلدي مصمم على إعادة الاستقرار والازدهار والأمن إلى اليمن، ولقد بذلنا جهودًا متكررة وحازمة للقيام بذلك، بما في ذلك مبادرة وقف إطلاق النار الأخيرة. ومع ذلك، ما لم يكن المجتمع الدولي مستعدًا في نفس الوقت لممارسة الضغط على الحوثيين، فإنهم لم يُظهروا حتى الآن لا الإرادة ولا الرغبة في الالتقاء بنا حتى في جزء من طريق رحلة السلام".