فورين بوليسي: أردوغان مستعد لتدمير الاقتصاد من أجل إلغاء خصومه

عرب وعالم

اليمن العربي

رأى المدير البارز في برنامج تركيا بمؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات، والنائب السابق في البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري التركي، أيكان إرديمير في موقع مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مستعد لتدمير الاقتصاد إذا حقق له ذلك هدف إلغاء خصومه السياسييين.

 

ويشرح الكاتب أن وزارة التجارة التركية ترفع الآن دعوى ضد شركة مساهمة لأنها فعلت ما طلب منها، بتهمة الإخفاق في منح الأولوية للأرباح.

 

ومن شأن صدور حكم لمصلحة الادعاء أن يمكّن الحكومة التركية من وضع يدها على الشركة وأصولها. وستترتب على ذلك عواقب، فمثل هذا الحكم لن يكون مدمراً للحريات الاقتصادية فقط، بل سيدق المسمار الأخير في نعش الملكية الخاصة التركية، وسيخلق سابقة تمكن أردوغان من إلغاء خصومه السياسيين، ما يفرض عبئاً مالياً لا أحد يستطيع تحمله بمن فيهم أردوغان.

 

والشركة المعنية بالدعوى هي "أناضولو كولتور"، التي تعتبر من المؤسسات الرائدة في الفنون والثقافة وأسسها عثمان كافالا، المقاول والمحسن التركي البارز.

 

ومنذ تأسيس الشركة الخاصة في 2002، بات كافالا راعياً كريماً لعدد من المبادرات التي تسعى إلى توثيق واستعادة مناطق تراثية للأقليات، ومشاريع المصالحة بين الطوائف في أنحاء تركيا، وكانت هذه  الجهود سبب فوز كافالا بعدد من الجوائز، بينها الجائزة الأوروبية للتراث، ولكنها وضعته في الوقت نفسه على لائحة المستهدفين من أردوغان.

 

وتعتبر "أناضولو كولتور" رمزاً لكل ما يحتقره أردوغان، فهي شركة ترفض أن تصبح وكيلاً له وأن تتبنى خطه الإيديولوجي. وتشكل جهود كافالا الدؤوبة لحماية ،وإبراز التنوع في تركيا، سواءً كان عرقياً أو دينياً، أو جنسياً، ولتعزيز التعددية من خلال مشاريع شعبية، تهديداً مباشراً لمخيلة أردوغان عن أمة من الرجال وزوجاتهم وبناتهم المطيعات.

 

وبالنسبة إلى الرئيس التركي، فإن الحرب ضد "أناضولو كولتور" هي حرب وجود ثقافية تهدد أسس مشروعه العرقي الديني.

ووجد الرئيس التركي طرقاً لاستهداف خصمه الإيديولوجي بذرائع عملية، ويصر، دون دليل، على أن كافالا "مول إرهابيين" في تظاهرات حديقة غيزي في اسطنبول، سلسلة الاحتجاجات التي نُظمت في أنحاء تركيا وأسفرت عن هز حزب العدالة والتنمية الحاكم في 2013.

واعتقلت السلطات كافالا في 2017. ورغم تبرئته في محكمة تركية، وإصدار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حكماً لمصلحته، أُبقي في الحبس الإنفرادي في سجن شديد الحراسة قرب اسطنبول لمدة 3 أعوام.

وحتى الآن، يبدو أن رأي أردوغان في كافالا كان له وزن أثقل رغم غياب أي دليل ضده. ووجهت له اتهامات جديدة هي "محاولة إطاحة النظام الدستوري" بعد ساعات فقط من تبرئته مجدداً في فبراير (شباط) 2020، ما قد يؤدي إلى الحكم عليه بالسجن مدى الحياة، دون حق الحصول على الإفراج المشروط.

 

لا يبدو أن الحكومة التركية اكتفت بسجن كافالا، إذ تريد أنقرة السيطرة على "أناضولو كولتور" وإغلاقها نهائياً.

 

ونقب مجلس التحقيقات في الجرائم المالية في سجلات للشركة تعود إلى عشرة أعوام وفي سجلاتها المصرفية دون جدوى. ولم يتمكن المفتشون الحكوميون من العثور على أدنى مخالفة، وهو أمر غير مستغرب إذا أخذنا في الاعتبار أن مجلس مديري "أناضولو كولتور" يضم شخصيات ذات سمعة حسنة لها سجلات متميزة في أداء واجباتها الائتمانية في قطاعات مختلفة.

وبالنسبة إلى تركيا التي تعاني عجزاً مزمناً في حساباتها الجارية، وارتفاعاً مطرداً في البطالة، فإن المزيد من العبث في السوق، قد يتبين لاحقاً أنه وسيلة مكلفة لتكميم أفواه المعارضين، وتقريب الموالين. وهذا أمر غير حكيم. في الواقع، ذلك أن الهجوم الشامل على عثمان كافالا قد يرتد قريباً بطريقة تجعل الرئيس التركي الذي يحكم بطريقة حديدية، يندم