مليشيا الحوثي ترفض المبادرة السعودية بإملاءات إيران

أخبار محلية

اليمن العربي

عبرت ميليشيا الحوثي الإيرانية عن رفضها لمبادرة السلام السعودية في اليمن منذ اليوم الأول لإطلاقها، وشكل رفض الميليشيا المستمر للعملية رغم الوساطات الدولية دليلاً على سعيها لإطالة أمد الحرب والزج باليمن في أتون الخراب، سعياً لتطبيق إملاءات إيران السياسية دون اكتراث بما نتج وينتج عنها.

ووفق صحف عربية صادرة اليوم الأحد، فإن الحرس الثوري الإيراني يعارض مبادرة السلام السعودية في اليمن، ويرفض تعامل الرئيس حسن روحاني إيجابياً معه، مما أثر على موقف طهران الرسمي من المبادرة.

سبب الرفض الحوثي

يتساءل الكاتب الصحافي عبدالله العتبي في مقال له بصحيفة "الشرق الأوسط"، عن السبب الذي يمنع ميليشيا الحوثي عن الاستجابة لأي مبادرة سلامٍ في اليمن؟

ويقول العتيبي، هذا سؤال مهمٌ يكشف طبيعة الصراع الدائر في اليمن للعالم، ويضع النقاط على الحروف، وهو ما تسلط الضوء عليه هذه المبادرة السعودية، كما أنه يمثل ما يجب أن تطرحه الدول الغربية وأمريكا والمؤسسات الدولية كالأمم المتحدة، بدلاً من التهجم غير المنطقي وغير الواقعي على الأوضاع في اليمن.

ويجيب على سؤاله قائلاً، "يمتنع الحوثي لأسباب كثيرة، منها، أنه لا يمثل الشعب اليمني ولا الدولة اليمنية، بل يمثل النظام الإيراني، والنظام الإيراني غير معني بتاتاً باليمن دولة وشعباً، بل هو على استعدادٍ تامٍ لإحراق اليمن وشعبه في سبيل مصالحه".

ويضيف الصحافي العتيبي، ومنها أنَّ الحوثي يمثل ميليشيا آيديولوجية مسلحة، والآيديولوجيا عمياء لا تحسن السياسة، وهي ترى في طاعة الولي الفقيه طاعة عمياء، فالحوثية في تطورها التاريخي عبر عقودٍ استطاعت تحويل المذهب الزيدي الكريم عبر المدرسة الجارودية، إلى الخمينية، أي الإسلام السياسي الشيعي. ومنها النهم المستمر لجمع الأموال اليمنية بأي سبيلٍ، والتقاط اللقمة من أفواه اليمنيين كباراً ونساء وأطفالاً من دون وازعٍ من دينٍ أو رادعٍ من خلقٍ، ومنها الإصرار على استهداف السعودية عسكرياً بالصواريخ الباليستية والمسيرات.

ميليشيا تعشق الحروب

في صحيفة "عكاظ" السعودية، يقول الكاتب حمود أبو طالب في مقال له: كان احتمالاً وارداً أن ترفض ميليشيا الحوثيين المبادرة السعودية؛ لأنها تهيئ فرصة للسلام في اليمن، وهذا لا ينسجم مع تكوينها وأهدافها. هي ليست حزباً سياسياً اختلف مع بقية المكونات السياسية الوطنية من أجل مصلحة عليا، وإنما ورم سرطاني نبت في الجسد السياسي اليمني ولم يتم استئصاله مبكراً فاستشرى حتى سرطن اليمن كله. هي مجرد ميليشيا لا تستطيع الاستمرار إلا في ظل الصراعات والحروب، وحالة السلم تهدد وجودها وتزيحها من المشهد، والأسوأ أنها لا تملك قراراً ذاتياً بعد أن أصبحت تابعة لدولة أجنبية تحركها كما تشاء.

ويضيف أبو طالب، المملكة بكل تأكيد تعرف هذه الحقيقة وهي تقدم مبادرتها الأخيرة؛ لذا قد يتساءل البعض: وما الفائدة من تقديم مبادرة متوقع مسبقاً أن الحوثيين سيرفضونها؟ الجواب باختصار: إن الملف اليمني أصبح ملفاً أممياً ودولياً تكتنفه كثير من المغالطات المتعمدة بسبب تشكيل التحالف لإعادة الحكومة الشرعية واستعادة الدولة وإحلال السلام في اليمن، ولأن المملكة تؤكد منذ بدء الأزمة على الحل السياسي كخيار أول وأساسي، ومهدت لذلك بأكثر من مبادرة، وما الأخيرة إلا تأكيد على تمسكها بهذا الخيار. وأيضاً فقد أوصل الحوثيون اليمن إلى الدرك الأسفل من المعاناة الإنسانية، والمملكة تحرص على عدم تفاقم هذه المعاناة من أجل الشعب اليمني بتكرار طرح الفرص لإنهاء الحرب وإحلال السلام.

ويقول أيضاً، إن المملكة بمبادرتها الأخيرة وضعت المجتمع الدولي أمام مسؤوليته في التعامل مع هذه الميليشيا، وعندما ترد على المبادرة السعودية الأخيرة بإرسال المسيرات المفخخة لاستهداف مرافق حيوية كالجامعات ومصفاة بترول وغيرها من الأهداف المدنية، فإنها بذلك تعلن تمردها وتحديها للمجتمع الدولي الذي كان ينتظر فرجة أمل، وتثبت أن مشروعها هو تدمير اليمن لمصلحة الراعي الإيراني الذي يريد الهيمنة عليه وإضافته إلى بؤر الفوضى والإرهاب التي صنعها في أماكن أخرى، وأنها لن تتوقف عن استهداف المملكة؛ لأنها مجرد ذراع تنفيذية لتوجيهات طهران.

صراع الحرس وروحاني

قالت "الجريدة" الكويتية، إن حكومة روحاني تؤيد المبادرة السعودية التي تشمل وقف إطلاق النار تحت إشراف الأمم المتحدة، وإعادة فتح الخطوط الجوية والبحرية جزئياً، واستكمال العملية السياسية، وتعتبرها خطوة أولى جدية نحو إحلال السلام ووقف الحرب باليمن، لكن "الحرس الثوري" يعارض هذا التحرك السعودي، ويرفض تعامل إيران إيجابياً معه، مما أثر على موقف طهران الرسمي من المبادرة.

وأوضحت الجريدة في تصريحات نقل عن مصدر رفض الكشف عن اسمه، أن الحكومة الإيرانية أعلنت، منذ بداية حرب اليمن، مبادرةً لحل الأزمة من أربعة بنود هي: وقف إطلاق النار أولاً، وفتح باب المساعدات الإنسانية ثانياً، ثم تشكيل طاولة حوار يمنية- يمنية، ليتفق الكل في النهاية على تشكيل حكومة ائتلاف وطنية يمنية.

ولفت إلى أن بنود المبادرة السعودية تشبه، إلى حد بعيد، تلك التي رفعها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد للأمم المتحدة في 2015، مضيفاً أن هناك اتجاهات في الحرس الثوري تسيطر فعلياً على القرار الإيراني في اليمن، تتجاهل أن المبادرة الإيرانية كانت تحظى بدعم المرشد الأعلى علي خامنئي، وتصر على معارضتها من باب مناكفة الحكومة فقط.

وظهر الخلاف بين الجانبين في أول اجتماع للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني بعد بداية العام الإيراني الجديد، وعندما طُرِحت المبادرة السعودية على الطاولة، اعتبر ممثلو الحرس في المجلس، أن الموقف التفاوضي لميليشيا الحوثي، المتحالفة مع طهران، سيصبح أقوى إذا تمكنت من السيطرة على مدينة مأرب آخر جيب للحكومة اليمنية الشرعية في الشمال، وأن معلوماتهم الاستخبارية والميدانية، تدل على أن جبهة القوى اليمنية المناهضة للحوثيين تواجه حالياً خلافات كبيرة، يجب السعي لاستغلالها قبل الدخول في أي مفاوضات.

وانعكس هذا التباين على موقف طهران الرسمي من المبادرة السعودية، فقد أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أنها تدعم أي خطة سلام في اليمن، بينما وصف السفير الإيراني في صنعاء، حسن إيرلو، المحسوب على "الحرس"، الخطوة السعودية بـ"مشروع حرب دائمة، واستمرار الاحتلال، لا إنهاء للحرب".

رسالة للمجتمع الدولي

من جهته، يقول الصحافي عمر علي البدوي في مقال له بصحيفة "العرب" اللندنية، مجدداً، يضع التحالف العربي الأزمة اليمنية في اختبار جديد لوجهة نظر المجتمع الدولي الذي طالما أذعن لسردية مغلوطة تشجع على تحميل وزر المأساة في اليمن للجهود التي يبذلها التحالف العربي لدعم الشرعية، وتبرئة ميليشيات الحوثي من مسؤولية الإمعان في تكبيد اليمنيين تكاليف ومشاق مشروع انقلابي مستبد، بهوية مسترجعة من خارج الزمن.

ويضيف البدوي، طرحت السعودية، وهي قائد التحالف في اليمن، "فرصة" كما درجت على تسميتها أغلب خطابات التأييد من الدول العربية والأجنبية، لتحقيق سلام شامل وعادل، وتشجيع مبادرات الحوار الوطني الذي تنتظم فيه مكونات اليمن للخروج بالبلاد من نفقها المظلم والانخراط في مشروع إعمار مستقبل متحرر من سيطرة القبيلة وحاضن لكل تلوينات البلاد.

ويقول، من الوهلة الأولى، رفَض الحوثيون الانصياع لهذه الدعوة. وبناء على ذاكرة اليمن التي تحتفظ بالكثير من تفاصيل تفريط هذه الجماعة بالفرص للخلاص من المأزق، فالأقرب أنها لن تستجيب لأي دعوة تقلص من حلمها الجنوني للسيطرة وابتلاع البلاد. ولن تتنازل قيد أنملة إذا كان مضمون الدعوات ينطوي على كبح طموحها للاستئثار بحكم البلاد ويزاحم انفرادها بتسيير شؤون اليمن والقبض على مصير أهله.

ويشير إلى أن ما يراد الآن من المبادرة السعودية هو وضع المجتمع الدولي أمام حقيقة الأزمة، وأن ما يثار من غبار معارك هو نتيجة تعنت الحوثي ورفض كل الدعوات لتحقيق شراكة تتسع لكل مكونات البلاد. فاستمرار الأزمة اليمنية هو نتيجة طبيعية لمكابرة الحوثي وإصراره على التفريط بروح آخر مجند يمني مغلوب على أمره تمنطق بمشروع انقلابي لم يضمن له سوى الشقاء.