"بمناورة إخوانية".. كيف تستعد حركة النهضة لضرب الرئيس التونسي؟

عرب وعالم

اليمن العربي

بعد سنوات من المماطلة والتعطيل المقصودين، يتقدم مسار إرساء محكمة دستورية في تونس، لكن على طريقة إخوانية تستهدف رئيس البلاد.

وبعد أن صادقت الكتل النيابية بالبرلمان التونسي، قبل يومين، على تعديلات قانون المحكمة الدستورية، يتضح لمتابعي الشأن العام المحلي أن الأحزاب التي افتكت الأغلبية البرلمانية وارتهنت المؤسسة الدستورية الأعلى شأنا في تونس طيلة سنوات، تريد اليوم مواصلة معركتها من أجل كسر عظام الرئاسة التونسية وشخص رأسها قيس سعيد.

سعيد الذي أعلن إطلاق حوار وطني شبابي على قاعدة مبادرة مشتركة مع مقترح تقدم به وزير المالية الأسبق نزار يعيش، يمعن في الإصرار على رفض دخول أي حوار مع إخوان البلاد وحلفائهم مهما كانت الظروف.

رئيس تونس المنتخب بأغلبية شعبية فاقت الـ70 بالمئة من الناخبين سنة 2019، يراهن على دعم مواطني وشبابي كاسح، يكسر شوكة حركة النهضة المستولية، منذ عقد، على الشأن العام وتسييره والمتحكمة مباشرة في حكومة هشام المشيشي الحالية، حسب ما أفادت به مصادر مقربة من الرئاسة التونسية.

ويحدد الدستور التونسي الثاني لعام 2014 مسؤولية المحكمة الدستورية في فصل الخلافات والنزاعات المتعلقة بصلاحيات السلطات والمؤسسات، باعتبارها الجهة القانونية العليا، ما جعل حركة النهضة وداعميها يحرصون خلال سنوات طويلة على تمييع ملفها ليظل ورقة ضغط بأيديهم كما يؤكده محللون.

ويقضي القانون في تونس بتجميع أصوات 145 نائبا لانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، وهو ما حرصت النهضة على عدم تحقيقه حتى الآن، وفق نواب مستقلين ومتحزبين في المعارضة، وبحسب مختصين في الشأن السياسي، وفي إطار حلحلة هذا الوضع جاءت مساعي تعديل القانون المصادق عليه من أجل خفض عدد النواب.

ولئن يبدي نواب الكتل المساندة للإخوان رغبة في حل أزمة المحكمة الدستورية من أجل ما يدعون أنه محاولة لحل أزمة تونس العامة، تستعمل النهضة ملف المحكمة ورقة ضغط لغلق باب التفكير والمبادرة أمام قيس سعيد وحشره في زاوية صلاحياته المحدودة عبر فرض خياراتها في تركيبة المحكمة.

النائب عن كتلة حزب "قلب تونس"، الداعم للإخوان، أسامة الخليفي، قال في الصدد: "نحن ذاهبون لتحديد جلسة لانتخاب المحكمة الدستورية في أجل قريب،  وهذا الاستحقاق فيه حل للأزمة السياسية والأزمة الدستورية القائمة".

ويأتي التوجه نحو انتخاب المحكمة في وقت متأخر جدا، وفق خبراء ومختصين، حيث أكدت أستاذة القانون الدستوري منال الصيادي، أن تأخيرا كبيرا عطل إرساءها رغم حيوية دورها ووجودها منذ سنوات وضرورته، ما يكشف تعمد النهضة ومن يدعمها تجميد ملف إرسائها سابقا من أجل غاياتها الضيقة الماكرة.

وأضافت الصيادي، أن الرئيس التونسي قيس سعيد لم يتردد في التمسك بالمناهج والخيارات التسييرية القانونية، وفي العمل على اعتماد الدستور حصرا لإدارة البلاد فيما له من صلاحيات ضبطها دستور 2014، ما جعل الإخوان يجتهدون في محاولة حصر عمله ومحاصرته، عبر فتح باب انتخاب أعضاء المحكمة بأقل عدد أصوات، وتجميع أصوات نواب كتل الحزام البرلماني الحاكم حول أسماء اختارتها النهضة ومساندوها.

في الأثناء، يحذر مراقبون من أن قرار الإخوان حول مصير المحكمة الدستورية وتركيبتها، سلاح قاتل ستحارب به حركة "النهضة" قيس سعيد، في محاولة لتجميده بقرطاج حتى تخلو لها ساحة التلاعب بمصير البلاد وشعبها.