أنجيلا ميركل.. مجد صنعته 4 هزائم في 26 عاما

عرب وعالم

اليمن العربي

خدعوك فقالوا "نحن لا نهزم" لأن الهزيمة تخلق النصر، ولا يوجد في عالمنا شخص صنع مجدا دون تذوق مرارة التراجع.

 

وينطبق هذا على مسيرة مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل التي حاكت قصة نجاح مبهرة في عالم السياسة، بعد أن نجحت في العودة بقوة بعد كل هزيمة كبرى على مدار 26 عاما.

 

وخلال اليومين الماضيين تعرضت ميركل لأزمة صنفتها صحيفة بيلد الألمانية "هزيمة"، لكن المستشارة استطاعت كعادتها قلب المعادلة والخروج أقوى.

 

ويتعلق الأمر بقرار اتخذته ميركل، قبل أيام، لفرض إغلاق مشدد لمدة ٥ أيام في البلاد، في فترة عيد الفصح، لمنع أي زيادة في إصابات كورونا.

 

القرار أثار عاصفة انتقادات شعبية، فضلا عن تحليلات عن صعوبة تطبيقه وتداعياته السلبية على الاقتصاد.

 

لكن ميركل تراجعت عن القرار، وأعلنت إلغاءه الأربعاء الماضي، مبررة ذلك بصعوبات تطبيقه التي لم ينظر إليها وقت اتخاذ القرار.

 

بل قدمت المستشارة الاعتذار مرتين عن "القرار الخطأ"، وطلبت "الغفران" من الشعب، ما وصفه البعض بـ"ضربة قاضية" أنقذتها من تصويت ثقة بالبرلمان.

 

لكن هذه لم تكن "الهزيمة" الأولى التي خرجت منها المستشارة منتصرة، فقصة نجاح ميركل هي قصة هزائمها والمثابرة لتجاوزها.

 

قصة هزائم

 

كوزيرة للبيئة في 1995، حاولت ميركل تقليل عدد السيارات على الطرق الألمانية وفرض حظر قيادة في بعض الأماكن لمواجهة ارتفاع مستويات التلوث وتأثر الأوزون.

 

وفي الواقع، لم تعد ميركل البالغة من العمر 40 عاما، لمشروع القرار بشكل جيد، ولم تجد دعما من الائتلاف الحاكم، وهزم مشروعها في النهاية، ووقفت محدقة في الفراغ والدموع تملأ عينيها. لكنها ثابرت وتجاوزت الهزيمة، وسارت حياتها السياسية للأمام.

 

وفي 2002، أرادت ميركل، رئيسة الحزب الديمقراطي المسيحي في ذلك الوقت، الترشح على منصب المستشار في الانتخابات التشريعية، لكن هيئة الحزب وقفت في طريقها، متحججة بأنها لا تملك موهبة، وتحظى بمعدلات شعبية ضعيفة، ولا تملك فرصة في قيادة الحزب للفوز، وفضلوا عليها إدموند شتوبير "79 عاما".

 

لكن الحزب خسر الانتخابات والسلطة، واستمرت ميركل في طريقها حتى 2005، واقتحمت الانتخابات وفازت بها، وأعادت الديمقراطي المسيحي للحكم كأول سيدة تتولى السلطة في البلاد.

 

مرت الأعوام، واتخذت المرأة الحديدية قرارا إنسانيا شجاعا في 2015، عندما سمحت بدخول مليون لاجئ منحدرين من مناطق الصراعات حول العالم، بلادها، وتحملت سنوات من الانتقادات واللوم، وهزيمة سياسية تمثلت في صعود حزب البديل لأجل ألمانيا "يمين متطرف" ودخوله البرلمان لأول مرة، بخطاب معادٍ للاجئين.

 

ونجحت ميركل مجددا في تدارك الهزيمة، والسيطرة سياسيا على صعود الحزب المتطرف، واحتوائه وإبقاء حزبها في السلطة حتى الآن.

 

وهزيمة الثلاثاء الماضي، ضربت ميركل حتى النخاع؛ فالسيدة المعروف عنها هوسها بالتفاصيل، فشلت في تقييم قوة عادات مواطنيها، وأصدرت قرارا خاطئا بتقييد حريتهم في عيد الفصح، قبل أن تتراجع عنه.

 

لكنها قلبت المعادلة سريعا باعتذارات متتالية، أبهرت خصومها، وحصدت تأييدا واسعا من شعبها، وأعادتها للطريق الصحيح قبل 6 أشهر من انسحابها من المشهد السياسي وتقاعدها، مختتمة 16 عاما في حكم أقوى اقتصاد في أوروبا.