المبادرة السعودية تُربك طهران وتعري مليشيا الحوثي أمام العالم

أخبار محلية

اليمن العربي

شكلت المبادرة السعودية، لحل الأزمة اليمنية منعرجاً سياسياً واستراتيجياً مفاجئاً، رغم أنه كان متوقعاً، بحكم الرغبة في إنهاء الحرب ومصالحة اليمنيين، والتي شكلت منذ المبادرة الخليجية، حتى قبل اندلاع الأزمة، محور كل التدخلات السعودية، والخليجية، لرأب الصدع في بوابة البحر الأحمر، شرط منع إيران من التسلل عبرها.

ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم الأربعاء، تعد المبادرة السعودية الجديدة، فرصة أخيرة لميليشيا الحوثي لمراجعة مواقفها والقطع مع التبعية للنظام الإيراني.

قالت صحيفة العرب اللندنية، إن المبادرة السعودية، أربكت ولا شك المتمرّدين الحوثيين وإيران، بسبب توقيتها.

وأوضحت الصحيفة، أن وقف إطلاق النار يعني وقف الهجوم الحوثي على مأرب قبل استكمال الاستيلاء على المحافظة المهمة استراتيجياً، واقتصادياً، وسياسياً، أما إيران فإنها لا تريد حتماً تبريد الصراع العسكري في اليمن وإغلاق جبهة لطالما حرصت على إشعالها لتثقل من خلالها كاهل السعودية غريمتها الكبرى في المنطقة.

وأضافت الصحيفة، أن "إيران لا تريد أن تفقد أياً من أوراقها، بما في ذلك الورقة اليمنية، على الأقل قبل أن تستكمل إعادة ترتيب علاقاتها مع الإدارة الأمريكية الجديدة والتوصل إلى رفع العقوبات الشديدة التي فرضت عليها في عهد الإدارة السابقة، وعلى هذه الخلفية جاء موقف إيران من المبادرة السعودية متطابقا مع موقف الحوثيين في طرحه اشتراطات تحيل على رفض مبطّن للمبادرة".

ولم يستبعد متابعون لشؤون اليمن والمنطقة أن يهيئ الدعم الإقليمي والدولي الواسعين للمبادرة السعودية الأرضية لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لمراجعة موقفها من الملف، وهي التي بدا أنها تورّطت في مواقف طوباوية من الملف اليمني تضمّنت الرهان على تليين مواقف الحوثيين وجلبهم إلى مائدة التفاوض وضمهم إلى مسار سياسي ينهي الصراع الدامي في اليمن سلمياً، بحسب الصحيفة.

من جانبها، قالت صحيفة الرياض في افتتاحيتها، إن "المملكة نقلت كرة السلام في اليمن لملعب الحوثي والمجتمع الدولي، عبر مبادرتها الشجاعة لإنهاء الأزمة اليمنية والتوصل لحل سياسي شامل".

واعتبرت الصحيفة، أن المبادرة بمثابة فرصة أخيرة لميليشيا الحوثي لمراجعة تبعيتها للنظام الإيراني،

وأضافت "المبادرة وضعت جميع الأطراف المعنية بالأزمة إقليمياً ودولياً أمام مسؤولياتها، فطريق الحل واضح عبر الحوار الوطني المفتوح، وبقي أن تقتنع جماعة الحوثي وراعيها الإيراني باستحقاقات السلام، وأن تلتقط واشنطن هذه الفرصة أيضاً لدفع الحوثي للمضي في طريق السلام اليمني المنتظر".

توقيت

وفي أخبار الخليج البحرينية، تساءلت فوزية رشيد، عن توقيت المبادرة التي تتزامن مع تقدم ميداني للجيش والقبائل في مأرب وتعز، على حساب الحوثيين.

وأوضحت أن المبادرة السعودية في هذا التوقيت بالذات "الذي يحقق فيه التحالف الانتصار على الأرض تضع العالم كله أمام مسؤوليته"، ذلك أنها "تضع إيران والحوثيين من جهة، والمجتمع الدولي من جهة أخرى أمام المرآة، وتكشف حقيقة الصوت الدولي المرتفع، حول الحل السياسي والاوضاع الإنسانية الكارثية، لتدعم المبادرة بشكل فعلي، وليس مجرد ترحيب إنشائي لوقف الحرب في اليمن، والمبادرة تقوم بناء على المرجعيات الثلاث السابقة"، معتبرةً أن "الكرة الآن في الملعب الدولي والإيراني، وحيث المبادرة لكشف الوجه الحقيقي لكل هؤلاء، إما القبول بالمبادرة وتنفيذها برعاية الأمم المتحدة، وإما رفض الحوثيين وإيران لها، ومن ثم من حق السعودية والشرعية الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب الحوثي".

وفي صحيفة "الشرق الأوسط"، قال عبد الرحمن الراشد، إن "مساعي السلام بين الفرقاء المتحاربين في اليمن، حتى مع الحوثيين، ليست جديدة"، متسآئلاً "هل هي الفرصة المنتظرة؟".

ويضيف الراشد "الحقيقة أن معظم الجزر المطروح على المائدة للحوثي سبق أن عُرض عليهم العام الماضي، بما في ذلك السماح بدخول السفن وإعادة فتح مطار صنعاء، وافقوا بداية ثم لم يوافقوا" معتبراً أن الوضع الميداني والاستراتيجي الجديد في المنطقة والعالم سيدفع طهران في النهاية لقبول المبادرة.

ويضيف الكاتب "قد نكون أمام حل تاريخي"، ذلك أن الإيرانيين المحاصرين، "نتيجة العقوبات، في ضنك شديد، وللتمهيد للخروج من النفق المظلم يحتاجون إلى مد أيديهم للجيران المعارضين وتسهيل مهمة إدارة بايدن. وعلى الأرض، يدعي الحوثيون أنهم حققوا تطوراً لافتاً في إمطار السعودية بالدرونز والصواريخ الباليستية. وهذا صحيح لكن لا بد من الإشارة إلى أن الدفاعات السعودية أفشلتها، إلى جانب أن الهجمات خدمت وجهة النظر السعودية، بأنها تدافع عن الشرعية وعن نفسها أيضاً، ضد الاتهامات المكررة لها في الغرب، بأنها صاحبة مشروع سياسي في اليمن".

وعليه يعتبر الكاتب أن لمبادرة السلام الجديدة حظوظ ستساعدها على النجاح هذه المرة، ذلك أن "السلام في اليمن مهم للسعوديين وقبلهم لليمنيين، وهي أزمة تغذي خلافات بقية المنطقة. فالمصلحة من السلام عامة، ولا بد أن نجرب المحاولة مرة أخرى".