تعديل الدستور مناورة جديدة لأردوغان

عرب وعالم

اليمن العربي

يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى كتابة دسنور جديد، مما يثير جدلاً حول نياته الحقيقية وراء خطوة كهذه.

 

وكتبت أمبرين زمان في موقع "مونيتور"، أن أردوغان يدعو إلى كتابة دستور "ديمقراطي" جديد ليحل محل الدستور الحالي، الذي صاغه في الأصل الجنرالات عقب انقلابهم عام 1980.

وقال أردوغان في خطاب ألقاه في 10 فبراير(شباط) الجاري: "أعتقد أن دستورنا الجديد سيعكس الإرادة الشعبية ويتوج الأهداف التي حددناها للذكرى المئوية لجمهوريتنا".

وكلف حزبه، العمل على الدستور الجديد، ودعا أحزاب المعارضة إلى الإنضمام إلى هذا الجهد للتوصل إلى صياغة بحلول 2023، في الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية الحديثة على يد مصطفى كمال أتاتورك. وفي 2023ـ ستجري أيضاً الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة. ومع تدهور شعبيته، فإن أردوغان يواجه احتمال الخسارة للمرة الأولى منذ وصول حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه إلى السلطة عام 2002.

هزيمة حتمية

وعلى غرار يونيو (حزيران) 2019، عندما أعيدت الانتخابات البلدية في مدينة اسطنبول، يبدو أن الهزيمة ستكون حتمية حتى بوجود نظام انتخابي فاسد، عندما تتحد المعارضة ضده. وعلى هذا الأساس، يتحدث أردوغان عن تعديل الدستور–الذي عدل 19 مرة حتى الآن-في محاولة لتقليد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. والهدف من التعديل هو إعادة صياغة بنود في الدستور تصب في مصلحته. كما يستهدف من وراء ذلك، صرف الانتباه عن تصاعد الاستياء من ارتفاع الأسعار، وزيادر الفقر والبطالة والفساد المستشري. ومع تزايد القمع، يعتقل عشرات الآلاف بتهم مزيفة. كما عاد التعذيب خلال التوقيف مع الانتقام. وفي عام 2020، صنفت منظمة "فريدوم هاوس" الأمريكية تركيا في لائحة الدول "غير الحرة" للسنة الخامسة.

وترى زمان أن مأزق أردوغان الحالي هو جزئياً من صنع يديه. فالنظام الرئاسي الذي تم العمل به في آخر تعديل دستوري عام 2017، كان يفترض أن يجعل من أردوغان زعيماً بلا منازع. لكن ذلك جعله معلقاً بخيط رفيع. فمن أجل إعادة انتخابه من الجولة الأولى من الانتخابات، يحتاج أردوغان إلى الفوز بنسبة 50 زائد واحد من الأصوات الشعبية.

وأظهرت الاستطلاعات الأخيرة أن أردوغان يحصل دائماً على أقل من هذه النسبة. واستناداً إلى استطلاع أجرته مؤسسة "ميتروبول" التي تتخذ أنقرة مقراً لها، فإن "التحالف الشعبي" الذي يضم حزب العدالة والتنمية والحركة القومية اليمينية المتطرفة بزعامة دولت بهشتلي، لن يكون قادراً على الحصول على غالبية في البرلمان المؤلف من 600 مقعد.

غالبية الثلثين

وسيتطلب أي تعديل دستوري لهذا الخلل، غالبية من ثلثي النواب، بينما يشغل حزبا أردوغان وبهشتلي معاً 337 مقعداً في البرلمان. إذن كيف السبيل للتغلب على هذا المأزق؟ وإلى أي مدى سيذهب من أجل الاحتفاظ بالسلطة؟

وتواجه تركيا الحديثة هذا النوع من المصاعب، وتنقسم فيها الآراء. ويصر الكثيرون على أن أيام أردوغان في السلطة معدودة، وأنه في طريقه لخسارة الانتخابات المقبلة. بينما يحذر آخرون من أن ضعف أردوغان لا يشكل شيئاً يمكن لمعارضيه التفاخر به. وإذا ما كان ضعفه يعني شيئاً، فإنه سيدفع به إلى التصرف بقسوة زائدة. ويصرون على أن أردوغان البالغ من العمر 66 عاماً سيموت في منصبه.

ويقول نيكولاس دانفورث، المؤرخ والزميل الباحث البارز في المؤسسة الهيلينية للسياسة الأوروبية والخارجية والذي يتابع الشأن التركي عن كثب، إن "أردوغان كسر التقليد في التاريخ التركي. فتركيا عرفت الكثير من الحكام المستبدين، لكنه الأول الذي وصل إلى السلطة بشكل ديموقراطي. وتالياً، من الصعب القول ماذا يعني هذا التاريخ بالنسبة إلى المستقبل".

لعبة أردوغان

وتركز لعبة أردوغان على تفتيت التحالف الثلاثي بين حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي وحزب أيي (الخير) اليميني المحافظ وحزب الشعوب الديموقراطي المؤيد للأكراد، الذين اتحدوا في الانتخابات البلدية عام 2019.

ويتزعم أردوغان حملة لتجريم حزب الشعوب الديموقراطي. وقد جرى احتجاز المئات من مسؤوليه. ولا يبدو أن الحزب قد يتعامل مع أردوغان في حال تودد الأخير للاكراد.

وحاول أردوغان مغازلة زعيمة حزب "أيي" ميرال أكسينير، التي تتقدم في الإستطلاعات على خلفية الإنشقاقات في حركة العمل القومية وحزب العدالة والتنمية. لكن أكسينير رفضت عروض الرئيس التركي.

ويقول دانفورث أن "من المرجح أن يمضي أردوغان في الانتخابات. لكنها لن تكون نزيهة. وفي حال إجرائها، فإن ثمة فرصة أن يخطئ الرئيس التركي في الحسابات وأن يخسر، أو أن يكون حجم التزوير اللازم لفوزه أكبر من أن يمكن تجاهله". وفي هذه المرحلة، يضيف دانفورث أن "ثمة فرصة أن تتحد القوى السياسية كي تقنعه بأن لا مجال أمامه سوى التنحي"