لماذا تحرك ماكرون ضد نشاط أنقرة؟.. تقارير استخباراتية تكشف السبب

عرب وعالم

اليمن العربي

كشفت وسائل إعلام فرنسية عن مخطط تركي يقوده حزب العدالة والتنمية الحاكم يهدف لاختراق فرنسا "دينياً وسياسياً وأمنياً" عبر عملاء "إخوان".

 

ونشرت صحيفة "لوجورنال دو ديمانش" الفرنسية، تحقيقاً صحفياً مطولاً ومثيراً نقلا عن المخابرات الفرنسية العامة، فضحت فيه مخطط الرئيس التركي رجب أردوغان للتسلل واختراق فرنسا عبر أنشطة مشبوهة وتجسسية.

 

وبعنوان "كيف تسلل الرئيس التركي رجب أردوغان إلى فرنسا"، كشفت الصحيفة الفرنسية عن تلقي قصر الرئاسة الفرنسية "الإيليزيه" تقارير أمنية منذ أكتوبر/تشرين الأول 2020 من جهازي الأمن الخارجي (DGSE) والداخلي (DGSI) التابعين لجهاز المخابرات وكذا المخابرات التابعة للشرطة، قدمت فيها أدلة دامغة عن إشراف أردوغان عبر عملائه وجواسيسه من حزبه الحاكم المقيمين في فرنسا.

 

وأفاد تحقيق بأن التقارير الاستخباراتية العديدة التي وصلت إلى مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "حذرت من التأثير المتزايد للقوة التركية على الأراضي الفرنسية" ووصفتها بأنها "مدعاة للقلق".

 

بداية الخطر التركي – وفق الصحيفة دائما – بدأ عشية زيارة الرئيس التركي رجب أردوغان إلى باريس في 5 يناير/كانون الثاني 2018، عندما أدلى بتصريحات وصفتها بـ"الاستفزازية" أمام أعضاء "المجلس الفرنسي للعبادة الإسلامية"، وذكر فيه أردوغان بأن "مسلمي فرنسا تحت حمايتي.. من يسمكم فقد مسني".

 

وأكدت الصحيفة الفرنسية بأن تلك الكلمات المشفرة كانت بداية لتصعيد تركي ضد فرنسا وصلت إلى خرق الرئيس التركي كل الأعراف الدبلوماسية أو كما نعتته بـ"رئيس الدولة العثماني" عندما وجه انتقادات لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون حول السياسة الفرنسية لمحاربة التطرف الديني.

 

صحيفة "لوجورنال دو ديمانش" الفرنسية أماطت اللثام عن المخطط التركي الذي يستهدف أمن فرنسا وفقاً للتقارير الاستخباراتية الأخيرة، وفق "أهداف تسلل استراتيجية حقيقية".

 

وكشفت عن أن المخطط "تتم إدارته من أنقرة" في إشارة واضحة إلى إشراف الرئيس التركي رجب أردوغان على المخطط، وكذا السفارة التركية في باريس وجهاز الاستعلامات التركي المعروف اختصارا باسم "MIT"، ومصلحة التجسس التابعة للمخابرات التركية.

 

كما أشارت إلى ما أسمته "عوامل التأثير التركية" في عملية تجسسها واختراقها والتي تعمل بشكل أساسي مع المهاجرين الأتراك وبشكل خاص من إخوان ينتمون إلى حزب "العدالة والتنمية" الحاكم الذي يقوده أردوغان.

 

وكذا من قبل "المنظمات الإسلامية" التابعة أو الممولة من النظام التركي، مشيرة في السياق إلى "تدخلها مؤخرا في الحياة السياسية المحلية من خلال تقديم الدعم للمسؤولين المنتخبين".

 

ونقلا عن التقارير الاستخباراتية، كشفت التحقيق الفرنسي المطول عن الدور التجسسي الذي يقوم به "المعلمون الأتراك الخاضعون لحزب العدالة والتنمية في المدارس الفرنسية".

 

واعتبرت الصحيفة بأن أنقرة "خانت التعاون الجيد" مع باريس، واستحضرت تصريحاً لرئيس الوزراء الفرنسي الأسبق مانويل فالس (2012 – 2014) والذي تحدث فيه عن حجم التنسيق بين بلاده وتركيا لـ"مراقبة نشاطات حزب العمال الكردستاني المعارض للنظام التركي" على الأراضي الفرنسية، وكذا التعاون بينهما فيما يتعلق بحركة اللاجئين ومكافحة الإرهاب.

 

غير أنها استشهدت بتصريح آخر لـ"فالس" وصف فيه خداع أردوغان لفرنسا بـ"خدعة أردوغان المزدوجة"، مشددا على أن "الحرب الأهلية في سوريا سرعان ما كشفت عن وجه أردوغان ونواياه الحقيقية".

 

وأبرزت الصحيفة الفرنسية قدرة النظام التركي على اختراق الداخل الفرنسي عبر 650 جمعية ينسقها اتحاد كنفدرالي "تسيطر عليها الجالية التركية" في فرنسا وألمانيا وبلجيكا وهولندا ودول أخرى.

 

وشددت الصحيفة على أن "بقاء استيلاء أردوغان على السلطة في تركيا يعني بقاء سيطرة عملائه على الجمعيات في أوروبا عامة وفرنسا تحديدا"، والتي عدتها بـ"القبضة الحديدية لأردوغان في أوروبا".

 

وفي جزء آخر من التحقيق الصحفي لـ"لوجورنال دو ديمانش"، عرجت الصحيفة الفرنسية على تركيز النظام التركي على المدى الطويل في الاستثمار بشكل كبير في "بناء شبكة من المدارس لتعليم الأطفال وفقاً لمبادئ حزب العدالة والتنمية" الإخواني الذي أسسه ويقوده أردوغان.

 

واعتبرت الصحيفة بأن "تعليم أطفال مزدوجي الجنسية أطروحات إخوانية من دولة أجنبية يشكل تهديدا للدولة الفرنسية"، خصوصاً وأن من يشرف على التدريس من الأتراك الإخوان وجميعه تابعون لحزب "العدالة والتنمية" في إطار نظام "تدريس اللغة وثقافة الأصل" المعروفة اختصارا بـ"Elco"، والذي تشرف عليه مؤسسة "معارف" التركية المشبوهة التي تنشط في أكثر من 60 دولة وتقود "حرب أرودغان الناعمة المشبوهة".

 

وأشارت إلى سعي الرئيس الفرنسي إلى وقف نشاط النظام التعليمي التركي على الأراضي الفرنسية، لا سيما وأن هدفها الحقيقي "تعليم مبني على الخط الإخواني الذي ينادي به حزب العدالة والتنمية" وفق ما ورد في التحقيق الصحفي.

 

واعتبرت الصحيفة بأن مدارس مؤسسة "معارف" التركية تعد "وكرا لنشر الأيديولوجية الإخوانية" لحزب أردوغان، والأخطر أنها "أماكن لجمع المعلومات الاستخباراتية".

 

ورجحت تقارير المخابرات الفرنسية الموجهة لـ"الإيليزية" بأن يكون "المدرسون الأتراك يقومون بجمع معلومات استخباراتية" أو أنهم "يوفرون غطاء لضباط المخابرات التركية".

 

تحقيق الصحيفة الفرنسية المثير، كشف أيضا عن منظمة تركية مشبوهة أخرى تنشط في الأراضي الفرنسية وتخضع لـ"تحقيق مدقق" من قبل الأجهزة الأمنية الفرنسية.

 

وأشارت إلى ما يسمى "الاتحاد الدولي للديمقراطيين" (UID) الذي أنشأ في 2006 ويملك فرعاً له في فرنسا، ويشرف على 7 جمعيات محلية تشكل "لوبي ضغط لصالح سياسات وأطروحات الرئيس التركي وحزبه الإخواني"، و"يعمل على تبييض صورة تركيا في فرنسا ودعم أردوغان".

 

ويقود الفرع "فرانكو تركي" يبلغ من العمر 32 عاماً ومعظم أعضائها من الشباب الأتراك، بالإضافة إلى قسم نسوي يقوده دبلوماسي تركي سابق ومهاجر حالياً في فرنسا، دون أن تذكر الصحيفة أسمائهم.

 

ومن المهام الخطرة أيضا للاتحاد "الدعاية الإيديولوجية لنشر الإسلام السياسي" في إشارة للفكر الإخواني المتطرف، تشرف عليه حركتان تركيتان وهما ""لجنة التنسيق للمسلمين الأتراك في فرنسا"، و"ميلو غوروس".

 

وأوضحت الصحيفة أن ضباط المخابرات الفرنسية لاحظوا بأنها تهدف من خلال نشاطها إلى "التأثير على الهيئات الرسمية للإسلام في فرنسا"، ويقودها شخصية تركية مشبوهة تدعى "أحمد أوغراس" قالت إنه "حاول نفي علاقته بأردوغان لكنه يصفه بالنموذج للديمقراطية".

 

كما أورد التحقيق الصحفي لـ"لوجورنال دو ديمانش" الفرنسية حقائق مثيرة أخرى عن الخطر الذي بات يشكله المخطط التركي المشبوه على فرنسا.

 

وتحدث عن تمكن أنصار أردوغان من عرقة صياغة "ميثاق القيم الجمهورية" الذي دعا الرئيس الفرنسي إلى تأسيسه.

 

وهو العقد الذي تبحث السلطات الفرنسية توقيعه مع مجلس الديانة الإسلامية والتي تعد أعلى هيئة تمثل المسلمين في فرنسا، في سياق التوجهات الفرنسية الجديدة نحو صياغة ما تعتبره "إسلاماً فرنسياً".

 

وكشفت الصحيفة الفرنسية عن الدور المشبوه والمناورات التي قامت بها الجمعيات التركية الإخوانية، قادتها حركة "مللي جوروش" والتي تعني "الرؤية الوطنية" عبر أمينها العام في ألمانيا المدعو "بكير ألتاس".

 

وأشارت إلى دخول "ألتاس" في اتصالات سرية داخل "المجلس الفرنسي للعبادة الإسلامية"، وأعطى توجيهات لممثليه عبر الهاتف لـ"إفشال المناقشات" الدائرة حول ميثاق القيم الجمهورية.

 

واستنادا إلى المعلومات الاستخباراتية الفرنسية فإن "المجلس الفرنسي للعبادة الإسلامية" تدير بين 250 و2500 دور عبادة في فرنسا، مشيرة إلى أنها "مرتبطة بشكل مباشر بمديرية الشؤون الدينية القوية في أنقرة".

 

وخلص التحقيق الصحفي للجريدة الفرنسية إلى أن النزعة الإخوانية الجنونية لنظام أردوغان باتت "تؤثر على الحياة السياسية الفرنسية من خلال الاعتماد على المرشحين ثنائيي القومية في الانتخابات المحلية".

 

ووصفت تركيز النظام التركي على الزج بمزدوجي الجنسية في الانتخابات البلدية التي جرت ربيع 2020 بـ"الهجوم الخفي"، وذكرت من بينها مناطق "الألزاس" القريبة من ألمانيا.

 

وبناء على تقرير استخباراتي نقلت محتواه صحيفة "لوجورنال دو ديمانش"، فقد حذر من "التأثير التركي المتزايد على القرارات السياسية" في بعض المجتمعات الأوروبية بينها فرنسا.

 

وأشارت إلى "حيلة خبث تركية انتخابية" ضمن مخطط الرئيس التركي للتغلغل في السياسة الداخلية الفرنسية، من خلال وجود المرشحين "الفرنسيين الأتراك" في أكبر عدد من القوائم في نفس المدينة، وهو ما يضمن فوز مرشح تركي واحد على الأقل في كل قائمة انتخابية "يمكنه المساهمة في الدفاع عن سياسات أردوغان".

 

وانتهى الحقيق الصحفي إلى ما استخلص إليه خبراء المخابرات الفرنسية إلى ما عدته "مناورات تركية خطرة" أدت في النهاية إلى انتخاب عدد كبير من الأعضاء الأتراك في المجالس البلدية المعروفين بتعاطفهم مع نظام أردوغان، والأخطر لعلاقاتهم مع قوى التأثير التركية على الأراضي الفرنسية والذي أسمتهم بـ"أحصنة طروادة"