هل يتفوّق ماء جوز الهند على المشروبات الرياضية؟

منوعات

اليمن العربي

ماء جوز الهند (Coconut Water) نوع جديد من السوائل المُنعشة إستقطبَ نسباً كبيرة من المستهلكين في مختلف أنحاء العالم خلال فترة قصيرة، على رغم أنّ الأبحاث التي أُجريت عليه حتى اليوم لا تزال محدودة. فهل هو مفيد للجسم أو مضرّ؟ وما الفارق بينه وبين المشروبات الرياضية والمُحلّاة؟ من المعلوم أنّ كلّ شيء جديد يُثير فضول الناس، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بمادة غذائية جديدة يُسلَّط الضوء عليها كثيراً، فيتهافتون إلى شرائها حتى قبل معرفة تأثيرها الحقيقي في الجسم. هذا تحديداً ما حصل منذ أن بدأ العلماء بالحديث عن ماء جوز الهند.

ولإطلاع علميّ دقيق على هذا المشروب، أجرت "الجمهورية" حديثاً خاصّاً مع خبيرة التغذية كريستال بدروسيان، التي لفتت بدايةً إلى أنّ "ماء جوز الهند هو عبارة عن سائل مُنعش موجود طبيعياً في وسط ثمرة جوز الهند، يملك مذاقاً حلواً وفي الوقت ذاته شبيهاً بالمكسرات.

إشتهر تحديداً في البلدان الإستوائية ولكنه أصبح أكثر انتشاراً في الولايات المتحدة وغيرها من الدول. إنه ليس عبارة عن ماء تُضاف إليه نكهة جوز الهند، بل هو حتماً السائل الموجود في الثمرة وهو ما يميّزه عن حليب جوز الهند المُستخرج من جوز الهند المبشور".

سعرات حرارية قليلة

وأضافت أنّ "ماء جوز الهند عالي الترطيب لاحتوائه نحو 94 في المئة من المياه، وهو مصدر جيّد للفيتامينات B، والإلكتروليت، والكربوهيدرات على شكل سكّر، والبوتاسيوم بمعدل 4 مرّات أكثر من الموز، ويخلو طبيعياً من الدهون والكولسترول. واللافت أنّ كلّ هذه المغذّيات تُقابلها سعرات حرارية قليلة. بمعنى آخر، إنّ كوباً واحداً من ماء جوز الهند يزوّد الجسم بـ46 كالوري، و6 غ من السكر، و482 ملغ من البوتاسيوم، و43,6 ملغ من الصوديوم، علماً أنّ هذا الأخير يختلف من مُنتَج إلى آخر".

لكن على رغم قلّة وحداته الحرارية، أكّدت بدروسيان أنّ "الإفراط في الكمية المُستهلكة يؤدي حتماً إلى رفع مجموع كالوريهاته ليصبح موازياً للعصائر الأخرى المُحلّاة. ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ كمية السكر المسموحة للنساء تبلغ 100 كالوري، أمّا الرجال فيُسمح لهم بـ150. ما يعني أنه عند حساب السعرات الحرارية الموجودة في مصادر السكر، يجب أن يدخل ضمنها ماء جوز الهند".

أيّ مشروب هو الأفضل؟

وتحدثت بدروسيان عن الاختلافات بين ماء جوز الهند وغيره من السوائل، فقالت إنّ "ماء جوز الهند يحتوي نسبة أقلّ من السكر والسعرات الحرارية، وأكثر من البوتاسيوم والماغنيزيوم والكالسيوم مقارنةً بالصودا وعصائر الفاكهة المعلّبة، وبذلك يُعتبر خياراً جيداً لمن يريد الحصول على مشروب مُحلّ وغير مشبّع بالكالوري"، مشدّدةً على "أهمّية قراءة الملصق الغذائي جيداً، وتفضيل ماء جوز الهند الطبيعي بدلاً من نظيره المُضاف إليه السكر، وإلّا فما من فروقات بينه وبين السوائل الأخرى".

ولدى سؤالها: ماذا عن قدرات ماء جوز الهند الرياضية؟ أجابت: "من المعلوم أنّ ممارسة الرياضة تؤدي إلى خسارة الكثير من المياه والمعادن خصوصاً البوتاسيوم والصوديوم، الأمر الذي يستدعي تعويضها سريعاً.

وتُعتبر المشروبات الرياضية وسيلة فعّالة لتزويد الجسم بهذه المواد، جنباً إلى السكر لتوفير الطاقة. صحيحٌ أنّ السعرات الحرارية الموجودة في هذه السوائل شبيهة تقريباً بتلك التي يؤمّنها ماء جوز الهند، إلّا أنّ هذا الأخير يحتوي كمية أقلّ من السكر والصوديوم، في مقابل جرعة أكبر من البوتاسيوم. كلّ عبوة من المشروب الرياضي تؤمّن 50 كالوري، و14 غ من السكر، و30 ملغ من البوتاسيوم، و110 ملغ من الصوديوم".

وعمّا إذا كان يمكن اعتبار ماء جوز الهند بديلاً جيداً للمشروبات الرياضية، أجابت بدروسيان: "لا مانع من الاستعانة بماء جوز الهند لتعويض العناصر الغذائية التي يخسرها الجسم خلال النشاط البدني، خصوصاً في حال الاستمتاع بمذاقه. فبالنسبة إلى الرياضيين العاديين، لا شكّ في أنّ ماء جوز الهند يُعتبر أفضل من المياه لأنه يمنح أجسامهم البوتاسيوم والقليل من السكر. لكن بما أنه يفتقر إلى الجرعة ذاتها من السكر والصوديوم الموجودة في المشروبات الرياضية، فإنّه لن يُفيد الأشخاص الذين يمارسون رياضة مكثّفة وشديدة.

باختصار، إنّ الرياضة لأقلّ من ساعة تكفيها المياه، والتمارين المعتدلة لأكثر من ساعة يُلائمها ماء جوز الهند، أمّا الرياضيون بامتياز فيحتاجون إلى المشروبات الرياضية، علماً أنّ بعضهم يمزجون أحياناً ماء جوز الهند مع ملح البحر للحصول على ترطيب جيّد، أو مع بودرة البروتين لتوفير الالتئام والانتعاش بعد الرياضة. فضلاً عن أنه يمكن شرب ماء جوز الهند حتى قبل القيام بأيّ نشاط للحصول على طاقة جيّدة بسعرات حرارية ضئيلة".

منافع مُحتمَلة

وتابعت حديثها: "أظهر بحث أُجريَ عام 2007 أنّ ماء جوز الهند المُضاف إليه الصوديوم قد يكون مفيداً، كالمشروب الرياضي، في ترطيب الجسم وإعادة تزويده بالعناصر المهمّة التي قد خسرها. كذلك بيّنت دراسات أخرى أنّ ماء جوز الهند يساهم في خفض شعور الرياضيين بالغثيان وأوجاع المعدة، ما يعني أنه يسهّل قدرتهم على الشرب والترطيب أكثر من المشروبات الرياضية".

وفي ما يخصّ أبرز خصائص ماء جوز الهند الصحّية، أوضحت بدروسيان أنّ "عدداً غير كاف من الأبحاث أظهر أنّ هذا المشروب قد يساعد على خفض احتمال الإصابة ببعض المشكلات الصحّية كحصى الكِلى، والسرطان، والنوبات القلبية.

كذلك أظهرت دراسة أخرى أنه قد يقلّص معدل ضغط الدم عند 75 في المئة من مرضى الضغط. لا بدّ من التشديد على أنّ كل هذه النتائج ليست مؤكّدة 100 في المئة، وبحاجة إلى مزيد من التدقيق العلمي، وبالتالي لا يمكن تصديقها".

وختاماً علّقت: "إذا كنتم تستمتعون بمذاق ماء جوز الهند ووضعكم المادي يسمح لكم بشرائه، بما أنه أكثر كلفة من المشروبات الأخرى، فلا مانع من الاستعانة به باعتدال للحصول على العناصر الغذائية المهمّة في مقابل سعرات حرارية قليلة. فهو طريقة جيّدة لإضافة البوتاسيوم إلى الغذاء، وضمان ترطيب جيّد للأشخاص الذين لا يحبّون المياه.

لكن لا بدّ من التذكير بوجود مصادر أخرى عديدة للبوتاسيوم كالبطاطا الحلوة، والموز، والأفوكا، والفاكهة المجففة، والخضار الورقية الخضراء... فإذا كنتم لا تحبّون ماء جوز الهند، إعلموا أنه ليس السبيل الوحيد للحصول على البوتاسيوم، وبالتالي لستم مُرغمين على إدخاله إلى غذائكم".