أردوغان يتمدد بأوروبا وأمريكا اللاتينية عبر جواسيسه

عرب وعالم

اليمن العربي

فضحت تقارير ووثائق أوروبية، في السنوات الأخيرة، الأنشطة المشبوهة لمؤسسات "ديانت" التركية تراوحت بين التجسس ونشر التطرف.

 

أخطبوط بثمانية أرجل، وربما أكثر، رأسه في أنقرة، وأذرعه تمتد من أوروبا وصولا إلى أمريكا اللاتينية، يهدف لممارسة نفوذ واسع على الجاليات المسلمة، والتحول إلى ما يشبه "حصان طروادة" في المجتمعات الأخرى.

 

فيما تتمثل الأذرع الأخرى في منظمات ومؤسسات تديرها ديانت وتنتشر في العديد من البلدان حول العالم.

 

أما الأنشطة المشبوهة للمؤسسات التي تحركها "ديانت"، فتراوحت بين التجسس ونشر التطرف وتنفيذ السياسات الاستفزازية لأردوغان، لكن تحرك المخططات التركية إلى أمريكا اللاتينية هو ما يمكن اعتباره شيئا جديدا.

 

وثيقة للبرلمان الألماني تعود إلى فبراير/شباط 2019، وفقا لـ "العين الإخبارية" ، أكدت بدورها أنه "منذ صعود أردوغان لسدة الحكم، تعمل أنقرة على تأسيس منظمات وهياكل لتحقيق هدف أساسي هو محاربة معارضي النظام من الأتراك المقيمين في الخارج، وفرض رؤيته المتطرفة على المجتمع".

 

وضربت الوثيقة مثالا بالاتحاد الإسلامي التركي "ديتيب" وهو منظمة تابعة لـ"ديانت" في ألمانيا، مشيرة إلى أنه منذ محاولة الانقلاب المزعوم في تركيا في يوليو/تموز 2016، ترصد السلطات الألمانية محاولات مكثفة من "ديتيب" لممارسة نفوذ على المجتمع التركي في ألمانيا، والألمان من أصل تركي.

 

الوثيقة قالت أيضا: "خضوع ديتيب لهيئة الشؤون الدينية التركية في أنقرة (ديانت)، معروف للسلطات الألمانية". مضيفة: "ديانت تخضع مباشرة لأردوغان".

 

ولفتت الوثيقة إلى أن "الأئمة الذين ترسلهم ديانت إلى مساجد ديتيب في ألمانيا يتجسسون على الأتراك".

 

وتابعت: "يجمع هؤلاء الأئمة معلومات عن المعارضين الأتراك المقيمين في ألمانيا، وخاصة أعضاء حركة الداعية فتح الله جولن".

 

ووفق تقرير لصحيفة نويه زوريشر السويسرية "خاصة"، فإن السلطات الألمانية وجهت منذ 2016، تهم التجسس إلى 19 إماما أرسلتهم ديانت، بعد أن قاموا بالتجسس وكتابة تقارير موجهة للحكومة التركية عن أعضاء في حركة الداعية جولن.

 

بصفة عامة، تخطط تركيا لبناء منظومة في أمريكا اللاتينية انطلاقًا من الأرجنتين بحجة الدفاع عن مصالح الجاليات المسلمة وتعليم الإسلام، لكنها تعمل بالأساس على تنفيذ أجندة أردوغان.

 

وتتبنى أجندة الرئيس التركي ممارسة نفوذ يصل إلى حد السيطرة على الجاليات المسلمة واستغلالها كورقة ضغط على الدول المستضيفة، وفق مراقبين.

 

وقبل أيام، أهدت هيئة الشؤون الدينية التركية، 7 آلاف كتاب ديني بينها نسخ قرآن مترجمة للإسبانية، إلى المسلمين في الأرجنتين، بحجة دعم تعلم الإسلام من مصادر وصفتها بــ«الصحيحة».

 

لكن توزيع هذه الكتب تحول إلى حدث سياسي، إذ قالت هيئة الشؤون الدينية التركية إن السفير التركي لدى الأرجنتين، شفيق فورال ألتاي، ورئيس المركز الإسلامي الأرجنتيني، أنيبال بشير بكير، حضرا حفل تسليم الكتب بمسجد الأحمد بالعاصمة بوينس آيرس.

 

كما شارك في الحفل عبر الإنترنت، مدير عام العلاقات الخارجية برئاسة الشؤون الدينية أرداي أتالاي، ما يعكس الهدف الحقيقي من هذه الخطوة.

 

لكن الوجود التركي في أمريكا اللاتينية، وفي الأرجنتين على وجه التحديد؛ ضربة البداية في مشروع أنقرة، لا يتوقف فقط على توزيع الكتب الدينية.

 

وتتعاون هيئة الشؤون الدينية مع العديد من الجمعيات الخيرية التركية في الأرجنتين مثل الوكالة التركية للتعاون والتنسيق "تيكا"، وجمعية "حسنة" الدولية للمساعدات الإنسانية، لتنفيذ سياستها.

 

وقبل أشهر، قامت "ديانت" بتوزيع لحوم أضاحي بالوكالة، بالتعاون مع جمعية حسنة لأكثر من 3 آلاف شخص في الأرجنتين، خلال أيام عيد الأضحى الماضي.

 

و"حسنة" هي جمعية تركية ترتبط بالحكومة وتملك صلات شخصية بحركة الرؤية الوطنية "ميللي غوورش"، تمتد نشاطاتها إلى أكثر من 10 دول في أوروبا، بالإضافة إلى كندا وأستراليا وغيرها.

 

ومؤخرا، قامت الجمعية بتوسيع خدماتها من خلال شبكة ممتدة حول العالم.

 

وبخلاف "حسنة" و"تيكا"، تملك "ديانت" ذراع قوية في الأرجنتين، هو المركز الإسلامي الذي يترأسه أنيبال بشير بكير، وبدأ ممارسة نشاطاته عام 1926 في البلد اللاتيني.

 

وعلى مدار عقود، أنشأ المركز، المدرسة العربية الإسلامية التي تضم حاليا قرابة 400 طالب، إضافة إلى تشييده جامع الأحمد، الذي يعد الأول المبني على الطراز المعماري الإسلامي في الأرجنتين.

 

وقبل وصول أردوغان للسلطة، كانت "ديانت" والمراكز التابعة لها، تؤدي أدوار دينية وخيرية ولا تنفذ أجندة سياسية، لكن الأمر تغير في ظل النظام الحالي.

 

وتحولت الجمعيات الدينية والخيرية إلى أدوات لتنفيذ سياسية خارجية استفزازية، ونهج قمعي تجاه المعارضين، وفق الوثيقة الألمانية سالفة الذكر.

 

والمركز الإسلامي في الأرجنتين لا يختلف عن "ديتيب"، إذ تعين "ديانت" الأئمة التابعين لهما، والذين تحولوا في السنوات الأخيرة إلى جواسيس على المعارضين الأتراك في الشتات.

 

ووفق دراسة "سياسة الشتات التركية الجديدة" الصادرة عن المعهد الألماني للسياسة الدولية "خاص"، فإن تركيا تعمل من خلال الجمعيات الدينية والثقافية الخاضعة لها، على تنفيذ سياستها الخارجية الجديدة الرامية لممارسة نفوذ على الشتات التركي في الخارج، والمسلمين بشكل عام.

 

وتعيق السياسة التركية تجاه الأتراك والمسلمين، اندماجهم في الدول المستضيفة، وتخلق مجتمعات موازية تهدد تماسك هذه الدول من الناحية الاجتماعية، فضلا عن التحديات الأمنية والسياسية الناجمة عن أنشطة الجمعيات التركية في التجسس على المعارضين