تسريبات "الرواتب الخيالية" بالأردن تثير الجدل في ظل عجز مالي متفاقم

اقتصاد

اليمن العربي

قدمت الحكومة الأردنية موازنتها العامة للبرلمان الشهر الماضي، بعجز متوقع يقدر بـ 2 مليار دينار (2.89 مليار دولار)، بالتزامن مع تسريبات كشفت حجم رواتب مسؤولين يصفها مواطنون بـ“الخيالية“، وتعيينات أخرى كانت من نصيب ”أبناء متنفذين“.

 

وأثارت التسريبات المتعلقة برواتب متنفذين وصفها ناشطون بـ“الخيالية“ جدلا على نطاق واسع، تحدث عن التناقض بين الأوضاع المالية الصعبة التي تعاني منها المملكة والتي كان لجائحة كورونا دور كبير في مفاقمتها، والدعوات المتكررة لضبط الإنفاق وترشيده، مع البذخ الكبير في رواتب فئات معينة في الدولة.

 

وقدرت الحكومة موازنة العام الحالي والتي وصفتها بـ“الأصعب على الأردن“ بإجمالي نفقات يبلغ 9.93 مليارات دينار (14 مليار دولار)، مع إيرادات تبلغ   7.8 مليارات دينار (11.1 مليار دولار)، فيما بلغ عجز الموازنة بعد المنح 2.05 مليار دينار.

 

وخلال الأيام الثلاثة الماضية، فجرت تصريحات للرئيس التنفيذي لشركة مصفاة البترول الأردنية -شركة مساهمة عامة-، عبد الكريم العلاوين، جدلا واسعا في البلاد.

 

العلاوين، برر للجنة المالية في مجلس النواب، قيمة راتبه الذي يتقاضاه من الشركة، ردا على ما نشر على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن ذلك، خصوصا في ظل خسائر كبيرة منيت بها المصفاة العام الماضي.

 

وقال إنه يتقاضى راتبا يقدر بـ 10871 ديناراً قرابة 15300 دولار.

 

بدوره، خرج النائب محمد الفايز، وفند ما أدلى به العلاوين، بشأن راتبه.

 

وقال الفايز في حديث لموقع إخباري محلي، إن الراتب الرسمي للرئيس التنفيذي لشركة المصفاة هو 10 آلاف دينار، لكنه يتقاضى بالفعل 27 ألف دينار، تم تخفيضها لـ 24 ألف دينار.

 

واستغرب الفايز، من حجم الرواتب الكبيرة في شركة المصفاة بين القيادات العليا، معتبرا أن هذه المصروفات تشبه مصروفات الدول الخليجية الغنية بالنفط، وتدلل على أنها ”بلد شوربة“ على حد وصفه.

 

وسبق ذلك، الجدل الذي أثاره راتب رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية، خالد طوقان، حيث تم تداول معلومات على أنه يتجاوز الـ 27 ألف دينار، قبل أن يخرج في تصريح تلفزيوني ويقول إن ”ذلك غير صحيح“، مشيرا إلى أنه ”يتقاضى 5 آلاف دينار لا غير“.

 

وفي ذات السياق، أثار تعيين نجل رئيس الوزراء الأسبق، فايز الطراونة، في منصب قيادي برئاسة الوزراء الجدل بشأن تعيينات الفئات العليا في الدولة.

 

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، بأن زيد الطراونة، يتقاضى راتبا قدره 4 آلاف دينار، قبل أن يتم التساؤل عن خضوع هذا التعيين للقوانين والأنظمة وشروط التنافس للمواطنين العاديين.

 

النائب فواز الزعبي، فجر في تصريح تلفزيوني مفاجأة قبل أسابيع، عندما قال إن راتب الطراونة 8 آلاف دينار وليس 4 آلاف، فيما حول النائب الشاب ينال فريحات، سؤاله حول هذا التعيين إلى استجواب للحكومة خلال جلسة رقابية.

 

و تفاعل مواطنون على مواقع التواصل الاجتماعي مع الأحاديث عن رواتب المسؤولين التي وصفوها بـ“الخيالية“ و“المجحفة“.

 

وأشاروا إلى أن ”كل هذه التسريبات تأتي بالتزامن مع أزمة الرواتب التي يعاني غالبية الموظفين في الأردن منها“.

 

من جهته، كتب الصحفي حازم الخالدي عبر صفحته على فيسبوك: ”في الأردن الحد الأدنى للأجور للعامل 260 دينارا…محدود. أما الحد الأعلى للأجور ..مفتوح؛ كل واحد وبركة ايده“.

 

وكتب حساب لمواطن يدعى ”كساسبة“ على ”تويتر“،: ”بدل ما تسأل ليش راتبه 10 آلاف دينار.. أسأل ليش راتبك 300 نيرة“، في إشارة إلى الرواتب المتدنية لأغلب المواطنين.

 

وكتب مواطن آخر: ”27 ألف دينار أردني راتب واحد بالبلد من الحيتان صانع المعجزات وهذا المبلغ راتب 50 واحد من أبناء الحراثين يعيلون 10 أفراد يساوي 500 فرد تصور قمة الفساد“.

 

وأشار المواطن أسامة القيسي، إلى أن ”راتب مدير شركة المصفاة الأردنية الشهري، البالغ أربعة وعشرين ألف دينار أردني“، هو ”حلم  العمر وفرصة لا تعوض، بالنسبة لجل الشباب الاردني الطامح، المثقل بالهموم والأحزان. فحصوله عليه، لمرة واحدة بالحياة فقط لا غير، وليس شهريا، كفيل بتغير مجرى حياتهم بمجملها“.

 

ورفعت الحكومة الحد الأدنى للأجور منذ مطلع العام الجاري من 220 إلى 260 دينارا، إلا أن مراقبين لا يرون بها أي أثر في ظل ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة والتضخم وارتفاع معدلات الفقر.

 

وكان البنك الدولي أفاد بأن أكثر من مليون مواطن يعيشون تحت خط الفقر في الأردن الذي يبلغ عدد سكانه 10 ملايين نسمة، فيما يعيش 300 ألف آخرون بالقرب من خط الفقر.