أردوغان يبحث عن موطئ قدم جديد في السودان بعد خسارة البشير

عرب وعالم

اليمن العربي

بعد ما يقرب من عامين على عزل الرئيس السوداني عمر البشير وفقدان تركيا صديقها القوي الذي سمح لها بالتدخل في السودان والسيطرة على موارده، مازالت أنقرة تبحث عن مدخل جديد لوضع قدميها مجدداً في الخرطوم.

 

ورأى خبراء سياسيون أن النظام التركي برئاسة رجب طيب أردوغان لم يجد وسيلة ملائمة لأطماعه إلا فكرة استخدام المساعدات الإنسانية لإعادة تنشيط آليات التغلغل في المجتمع السوداني حتى تستطيع التواجد في هذا البلد الإفريقي الهام.

 

ووزع الهلال الأحمر التركي، بالتنسيق مع نظيره السوداني، مساعدات إنسانية على محتاجين في العاصمة الخرطوم تشمل طروداً غذائية على المحتاجين في ريف منطقة "الفكي هاشم"، حيث شارك السفير التركي لدى الخرطوم عرفان نذير أوغلو في توزيع تلك المساعدات الإنسانية.

 

وذكرت صحيفة "أحوال تركية" أن هذا التحرك تحت عناوين إنسانية، بينما تشهد العاصمة السودانية احتجاجات على شح غاز الطهي وعلى ضوء أزمات اقتصادية ومالية وأمنية وهي البيئة المفضلة بالنسبة للنظام التركي الذي دأب على توظيف تدخلاته الإنسانية لصالح أجندة جيوسياسية قائمة على التمدد والتوسع الخارجي، مستفيداً من أذرع محلية تعمل على تسهيل مهمته".

 

وأوضحت الصحيفة أن النفوذ التركي في السودان انحسر عقب عزل الرئيس البشير إلا من بقايا أنصار الرئيس المعزول والمعتقل على ذمة قضايا فساد مالي وسياسي والتورط في دعم أنشطة إرهابية والتي تتحرك بين الحين والآخر لإثارة الفوضى، ولم تجد تركيا سبيلاً لاستعادة نفوذها في السودان إلا عبر منافذ إنسانية أو دينية أو ثقافية وهي عناوين تشير في ظاهرها إلى البعد الإنساني والخيري، إلا أن أهدافها غير المعلنة تتصل أساساً بإيجاد موطئ قدم ثابت واستقطاب المزيد من الموالين خدمة لأجندة التمدد وترسيخ النفوذ.

 

وفي دلالة على حجم ما كان عليه النفوذ التركي في السودان، كان الرئيس المعزول عمر البشير قد فرطّ لنظيره التركي خلال زيارة للخرطوم في العام 2017، في جزيرة سواكن الاستراتيجية على الساحل الغربي للبحر الأحمر شرقي السودان.

 

وفرطت السودان في الجزيرة الاستراتيجية التي تحمل أهمية تاريخية ورمزية للأتراك كونها كانت تدار مباشرة من السلطان العثماني، في الوقت الذي يمثل فيه التمدد التركي في المنطقة خطراً على الأمن القومي العربي حيث يشكل البحر الأحمر مجالاً حيوياً لأمن كل من مصر والسعودية، بحسب الصحيفة التركية.

 

ورأت المحللة السودانية منى عبد الفتاح في صحيفة إندبندنت عربية أنه عند قيام ثورة ديسمبر(كانون الأول) 2018، كانت جماعة الإخوان في السودان بين مصدِّقٍ ومكِّذب لنجاح الثورة، وبالتالي إبعادهم عن الحكم الذي ظلوا يسيطرون عليه لثلاثة عقود.

 

وأوضحت عبد الفتاح أنه مع اقتراب نهاية حكمهم، تسابقت قيادات الجماعة وناشطوها في الوصول إلى بوابة الخروج. أما الوجهة فتقسَّمت بين بريطانيا التي أُشيع أنَّ لعددٍ منهم مدخرات مصرفية فيها، بينما قدم البعض الآخر طلبات اللجوء السياسي. وكانت هناك محطة أخرى هي ماليزيا، ثم تركيا التي شكَّلت الوجهة المفضلة لمسؤولي الحزب الحاكم السابق، نظراً إلى امتلاك بعض هؤلاء استثمارات هناك.

 

وأشارت إلى أن تركيا تحاول فرض معادلاتٍ جديدةٍ على موازين القوى في المشهد العربي، من ضمن مشروع توسعي كبير، ولعل ذلك يوضحه ما جاء على لسان ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في لقاء تلفزيوني عُرض عبر قناة فضائية تابعة لتنظيم "الإخوان"، إذ قال إن "إسقاط الخلافة العثمانية تسبَّب في فراغٍ سياسيٍّ في المنطقة، وإنشاء جماعة الإخوان المسلمين كان نوعاً من الإنقاذ للأمة الإسلامية".

 

وتعمل السلطة الانتقالية في السودان على تفكيك شبكة العلاقات المعقدة التي أقامها الرئيس المعزول مع تركيا وإعادة بنائها بما يحفظ سيادة وأمن السودان