خط مصر الأحمر في ليبيا يتصدر واجهة الترتيبات العسكرية

عرب وعالم

اليمن العربي

لا زالت أصداء الخط الأحمر المصري الذي حددته القاهرة في ليبيا، يمثل حائط صد أمام الأطماع الاستعمارية التركية في شمال أفريقيا.

 

الخط الأحمر المصري، كان الأكثر اهتمامًا خلال الأيام القليلة الماضية، بعد إعلان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، عن تقدمه بمقترح لمجلس الأمن، لإرسال مراقبين دوليين إلى ليبيا، لمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار، الذي وقعته اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5 +5) في جنيف، في 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. 

 

وبحسب بوابة "العين الإخبارية"، من المقرر إرسال مراقبين دوليين لمراقبة وقف إطلاق النار في ليبيا، عند مثلث "بن جواد – أبوقرين – سوكنة"، بحسب تصريحات لمندوب السراج في الأمم المتحدة طاهر السني.

 

تصريحات السني أكد فيها أن مقترح الأمين العام للأمم المتحدة يأتي استجابةً لطلب لجنة (5 + 5) بإرسال مراقبين غير عسكريين وغير مسلحين تحت إشراف أممي، وهو ما أكده الجيش الليبي في عدة مناسبات سابقة، معلنًا تأييده للمقترح.

 

خبراء ليبيون تحدثوا لتوضيح أهمية هذا المثلث والفارق الذي يمثله في العمليات العسكرية في ليبيا، مؤكدين أن به مواقع تماس قوات الجيش الوطني الليبي من جهة الشرق، ومواقع ميليشيات حكومة الوفاق من جهة الغرب.

 

مثلث استرتيجي

 

ناصف الفرجاني، المحلل السياسي الليبي، قال إن المثلث الذي جاء ضمن مقترح الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن هو مثلث استرتيجي من عدة زوايا، ومنها الزاوية الامنية والعسكرية.

 

وأوضح الفرجاني، أن المثلث يبدأ من قرية بن جواد التي تعتبر أقرب نقطة لحدود الهلال النفطي ومنها المجمع الصناعي النفطي الضخم راس لانوف وما يجاوره من موانئ نفطية ومنها السدرة وتقع إلى الشرق من سرت (نقطة تمركز الجيش الوطني ومقر اللجنة العسكرية المشتركة).

 

ويمتد حتي قرية بوقرين (الهيشة الجديدة) التي تقع جنوب مصراتة، وغرب سرت وتغتبر نقطة تقاطع الطريق الساحلي الليبي مع طريق فران إلى بلدة سوكنة التي تقع على سفوح جبال السوداء على خط عرض 29,1 وترتفع على مستوى سطح البحر 315 مترًا جنوب شرق طرابلس، بمسافة 600 كيلو متر، وتتبع منطقة الجفرة وسط ليبيا وتوجد بها أحد اكبر المقار القيادية العسكرية وتمركز للجيش الليبي.

 

مراقبة دقيقة

 

أكد الفرجاني أن هذا المثلث يعتبر استرتيجيًا وحساسًا في حال حدوث أي مواجهة أو تحرك من قبل قوات أي من الطرفين وخاصة أمام طموح الميليشيات التابعة لتركيا في الوصول أو حتى إحداث تهديد أمني للحقول والموانئ النفطية.

 

وحذر ناصف الفرجاني من عدم مراقبة هذا المثلث بشكل دقيق ومنع تحرك أي قوات، ما سيؤدي إلى انهيار وقف إطلاق النار، مؤكدًا أن الجيش طالب بأن تنسحب الملسشيات خارج هذا المثلث من نقطة بوقرين، لضمان عدم تسللها إلى فزان عبر نقطة التقاء الطريق الساحلي مع طريق فزان.

 

النقطة الأخطر

 

المحلل العسكري سليمان بو عقرب البرعصي، قال إن مثلث بن جواد – أبوقرين – سوكنة، هو نقطة التماس بين قوات الجيش وعناصر الميليشيات المسلحة، مشيرًا إلى أنه يعد أخطر نقطة، فهو له دلالات عسكرية كبيرة وتم اختياره بعناية من قبل الجيش الوطني الليبي.

 

وأوضح المحلل العسكري الليبي، أن هذا المثلث يحمي ظهر الجيش، ويضمن مؤخرة آمنة لعناصره، لقربه من خطوط الإمداد، مشيرًا إلى أنه يعد الحائل الوحيد بين سيطرة تركيا على موانئ النفط، وتحكمها في منافذ الشرق والجنوب.

 

حشد الميليشيات

 

وأشار إلى أن تركيا تدرك مدى أهمية هذا المثلث، لذا حاولت في الأيام الأخيرة حشد ميليشياتها وتوحيدهم بغرض استفزاز قوات الجيش، لخرق وقف إطلاق النار، ما يعرقل الاتفاقات المزمع تنفيذها خلال الفترة المقبلة.

 

وحول آلية المراقبة، قال المحلل العسكري الليبي، إنه نظام متعارف عليه دوليا، مشيرًا إلى أنه سيتم استخدام فيه كاميرات وأقمار اصطناعية، لضمان مراقبة صارمة.

 

اختيار الجيش

 

كامل المرعاش، المحلل السياسي الليبي، قال إن هذا المثلث هو من اختيار الجيش الوطني عندما انسحبت قواته من مناطق غرب ليبيا، مؤكدًا أنه تم تحصينه بقوة لمواجهة القوات التركية والمرتزقة السوريين وما تبقى من ميليشيات حكومة السراج.

 

وأوضح المرعاش، أن للمثلث أهمية كبيرة، فضلعه الشمالي (بلدة بن جواد) وهي مدخل مدينة سرت وصولًا إلى الهلال النفطي، ثم بلدة أبوقرين وهي نقطة بداية الضلع الأوسط وهي مفترق الطرق شرقا وجنوبا من مدينة مصراتة، وهي تعد حاجزًا أمام أي محاولة للالتفاف على قوات الجيش المتحصنة في مدينة سرت.

 

وأشار إلى أن الضلع الثالث وهو الجفرة ومدينة هون، له أهمية استراتيجية، حيث توجد قاعدة الجيش الليبي الجوية والأقرب إلى شمال غرب ليبيا، وأيضاً القريبة من أهم حقول إنتاج النفط والغاز في ليبيا في حوض السرير وحوض سرت النفطيين.

 

مواجهة واسعة

 

استبعد المرعاش، انتهاك إطلاق النار في هذا المثلث في المستقبل القريب، مشيرًا إلى أن تركيا تخشي من مواجهة واسعة في ليبيا مع مصر، ما دفعها لكبح جماح بعض مليشيات مصراتة المتطرفة التي سبق وأن أعلنت رفضها لوقف إطلاق النار.

 

وأكد أن سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة وإمكانية عودة التوافق الأمريكي – الأوروبي، سيحد بشكل كبير من مغامرات أردوغان ويحرمه من الفراغ الناتج عن الخلافات التي نشبت في عهد الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب.

 

قبول دولي

 

رضوان الفيتوري، المحلل السياسي الليبي، قال إن المثلث يعد الخط العريض سرت – الجفرة، الذي تحدث عنه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وجعله خطًا أحمر للميليشيات التركية.

 

وأوضح الفيتوري، أن مندوب السراج لا يملك إلا أن يؤيد هذا المقترح بعد أن لاقى قبولا من كل المحافل الدولية، مؤكدًا أن الجيش الليبي رحب ترحيبا تامًا لكي يقيم الحجة على الميليشيات غير المنضبطة.

 

وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، قالت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إن اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، اتفقت خلال اجتماعها الأول بمقرها الجديد في مدينة سرت، على سحب جميع المرتزقة من خطوط القتال كخطوة أولى قبل إخراجهم من الأراضي الليبية.

 

وأكد أحد أعضاء اللجنة العسكرية الليبية المشتركة مختار النقاصة، وقتها، أن "ترتيبات المرحلة الثانية تشمل سحب المرتزقة والمقاتلين الأجانب من المثلث الممتد من بلدة سوكنة في بلدية الجفرة جنوبا إلى بوابة أبوقرين غربا وبوابة بن جواد شرق إلى طرابلس وبنغازي"، وهو المثلث ذاته الذي تعتزم الأمم المتحدة نشر مراقبين فيه.