سياسة أردوغان.. بذخ العائلة قبل راحة الأتراك

عرب وعالم

اليمن العربي

 

شكلت العقوبات الاقتصادية عنواناً بارزاً لمحصلة العام 2020 في تركيا، كما أن سياسات أنقرة الخارجية كانت في أغلبها هذا العام مجال خلاف حتى مع حلفائها، كل هذه العوامل أثقلت كاهل المواطن التركي اقتصادياً، إلا أن طرفاً وحداً بدا غير آبه بما يجري، وهو الرئيس رجب طيب أردوغان.

 

يدفع المواطن التركي ضريبة السياسات المتهورة التي يتبعها أردوغان التي تقود إلى أزمات مُلحة تنعكس بالأساس على الاقتصاد التركي، وعلى الرغم من كل ذلك، يبدو واضحاً أن الرئيس التركي يرفض الذهاب إلى خيار الحصول على مساعدة من صندوق النقد الدولي.

 

في 2018، تباها أردوغان أن بلاده سددت جميع ديونها المستحقة لصندوق النقد الدولي، وأنها "طوت دفتر ديون الصندوق بلا رجعة"، ولكن كان ذلك قبل أن تبدأ تركيا بـ "حملتها العثمانية" عندما كان الاقتصاد التركي يعتبر من بين الأقوى إقليمياً.

 

إلا أن الإحجام عن طلب المساعدة من الصندوق اليوم قد لا يكون بسبب سياسة "طوي دفتر الديون بلا رجعة" أكثر من الخوف بكشف الارتباطات المشبوهة بين أردوغان وأفراد من عائلته بملفات فساد واسعة، نجحت في سحب السيولة والثقة من السوق التركي، ودرت أموالاً طائلة على الرئيس وبعض من حاشيته.

 

إذ أن صندوق النقد الدولي ليس جمعية توزع المال يميناً ويساراً، بل لديه شروط معينة تتطلب تنفيذها لضمان إمكانية تسديد المبالغ المتوجبة عبر إصلاحات هيكلية وتطوير للعمل الإداري الرشيد داخل الدولة، وبالتالي أسلوب قد يقوض قبضة أردوغان.

 

صندوق الثروة السيادية في تركيا، الذي يعمل بمثابة ميزانية موازية للرئيس التركي، لا يخضع لتدقيق البرلمان أو محكمة الحسابات الختامية. وذهب أحد المدققين الماليين للإشارة إلى أنه ليس هناك معلومات دقيقة عن كميات الأموال التي يديرها الرئيس التركي، وبالتالي لا يمكن إخضاع هذه الميزانية للتدقيق الصحيح.

 

وصدر في 2017 تقرير عن ثاني أكبر بنك مقرض في ألمانيا حول أرقام النمو المريبة في تركيا بعنوان "تركيا - هل تمزح معي؟".

 

فعلى سبيل المثال، نقلت مجلة "فورن بوليسي" أنه في 2012 تم افتتاح مطار ظافر في مقاطعة كوتاهية غرب تركيا بإدارة قطب مقاولات قريب من أردوغان ساعده الرئيس في الحصول على عدة منافذ إعلامية. لقد توقّعت الحكومة 7.6 مليون مسافر خلال السنوات السبع الأولى من تشغيل المطار الذي لا يزيد عدد المسافرين من خلاله سنوياً عن 300.000 مسافر.

 

وبالتالي فإن مجيء صندوق النقد الدولي سيتطلب من أردوغان أن يفقد السيطرة على الصفقات المشبوهة التي توسط فيها هو وأعوانه بمرور الوقت.

 

وكان مسؤول سابق بوزارة الدفاع الأمريكية مايكل روبن، ذكر هناك مجموعة من الأسئلة التي لا يمكن لأي صحافي أن يطرحها على أردوغان، ومن بين تلك كيف استطاع أن يجمع ثروته على الرغم من أنه كان فقيراً.

 

ويشير روبن إلى أن الرئيس التركي ولد في عائلة فقيرة نسبياً، وكان أردوغان يذهب لبيع بعض الوجبات الخفيفة في بعض الأحيان لجني المال .

 

ومن المعروف أن أردوغان واجه 13 تحقيقاً بالفساد عندما كان رئيس بلدية اسطنبول، وكانت السفارة الأمريكية ذكرت سابقاً أنه يمتلك 8 حسابات مالية على الأقل في سويسرا.

 

وكان تقرير لصحيفة "دايلي مايل" ذكر أن أردوغان يعتبر السياسي الأكثر ثراءاً في تركيا، على الرغم من التشكيك الذي وصفته الصحيفة مقارنة بالأرقام التي ذكرتها صحيفة "بيلد" الألمانية عن دخله "المتواضع"، مسلطة الضوء على أفراد العائلة التي عمد أردوغان إلى توظيفهم في السنوات الماضية إما داخل المناصب الحكومية أو عبر إعطائهم عقود عمل، كما تبين ذلك من الثروات التي جمعها ابن الرئيس التركي، أحمد، بسبب الدعم من المشاريع الحكومية.

 

واعتبرت الصفقات المشبوهة على عهد أردوغان من بين القضايا المثارة دوماً من قبل الحلفاء قبل الأعداء السياسيين في الداخل.

 

وهذا ما انكشف في يونيو (حزيران) الماضي، عندما أصدرت محكمة تركية قراراً بحجب محتوى موقع شهير للتواصل الاجتماعي في الداخل التركي، عندما طرح مؤيدو أردوغان قبل المعارضين مجموعة من الأسئلة تتعلق بحقيبة اليد التي تقتنيها أمينة أردوغان التي قدّرت قيمتها بـ50 ألف دولار، والتي اعتبرها العديد من الأتراك إشارة واضحة على مدى البذخ الذي يعيش فيه أردوغان والذي يتوزع على حاشيته وأفراد عائلته، بدلاً من أن تصرف تلك الأموال بشكل عادل على الشعب الذي بات اليوم يعيش تحت ثقل العقوبات الاقتصادية المتلاحقة وسط ضعف قيمة الليرة التركية