الأحزاب اليمنية من رذيلة التبعية للحاكم الى جريمة التبعية للأجنبي

اليمن العربي

 طالما كانت الأحزاب السياسية في اليمن عبارة عن يافطة كبيرة، معلقة على مسرح مارس النظام الحاكم على خشبته طوال 25 سنه، تمثيلية باسم الديمقراطية وحرية الرأي، ومثلت هذه الأحزاب طوال تلك الفترة مصادر دخل وثراء لقياداتها، وتحقيق مصالح شخصية لهم، بينما كانت بعيدة تماما عن الشارع وهمومه، ولم تكن في يوم من الأيام مرتبطة بقضايا المواطنين. واليوم وفي ظل الحرب المستعرة، والتي تقترب من اكمال عامها السادس، باتت الأحزاب السياسية اليمنية أكثر بعدا عن قضايا الشعب، بل انها فقدت ماتبقى لها من وظائف حزبية ووطنية، فقد أصبحت قيادات هذه الأحزاب تابعة للأجنبي ومحققة لرغباته، فمنذ أن غادرت الوطن واختارت الهجرة، لم تهتم قيادات الأحزاب الا لضمان مصالحها الخاصة والضيقة، ما أوقعها في جريمة التبعية الكاملة للأجنبي.

ان وجود قيادات الأحزاب في عدد من العواصم مثل الرياض وأبوظبي والقاهرة وأنقره، كان له أثر كبير في مصادرة القرار الحزبي الوطني، وتحول الصوت الحزبي مجرد اداة تعبير عن مواقف دول اقليمية، وهو أمر طبيعي وغير مفاجئ، بعد أن تقاسمت السعودية والامارات على وجه الخصوص، النخب السياسية والحزبية والاعلامية اليمنية، وبات كل فريق يعبر عن وجهة نظر من يموله ويحقق له المصالح وان كانت على حساب الوطن، فقد وفرت الدولتان المذكورتان لاتباعهما من هذه النخب وبضمنهم قيادات الأحزاب المصالح والمرتبات العالية جدا، مما يجعلهم في حالة انفصال تام عن الداخل، وتخلوا عن المشروع الوطني بشكل مذل ومعيب.

ان هجرة المؤسسات الشرعية السياسية والتشريعية، من برلمان وحكومه ومنظمات ومنظومة اعلامية، قد جعل كل هذه الدوائر والمؤسسات في حالة شلل واعاقة، وان الاستمرار في بقائها خارج الوطن يزيد من حالة الفرقة بينها وبين المشروع الوطني، ويضاعف من معاناة الشعب، فقد كان يتوجب على الأحزاب السياسية أن تعود الى الداخل وأن تعمل في الميدان، وتترجم شعاراتها عن الوطن والوطنية على أرض الواقع، وأن تحدث الفارق المطلوب من خلال تجميع الصفوف، وشحذ الهمم لخوض المعارك المتعددة، سواء معركة القضاء على الانقلاب الحوثي وما يمثله من امتداد للمشروع الفارسي، أو معركة الحياة اليومية والمساهمة في تحسين الأوضاع المعيشية للشعب، وتطبيع الحياة واعادة اعمار المناطق المحررة، الى جانب خوض معركة دعم المشروع الوطني باقامة الدولة الاتحادية، فوجود هذه الأحزاب في الداخل هو ضمانة للنصر في كل هذه المعارك، أما بقائها في الخارج، واستمرار قياداتها الحرص فقط على ماتوفره لهم الدول الاقليمية من مصالح وأجور من أجل التعبير عن مواقف هذه الدول، فانه من المهم جدا أن يفرز الميدان قيادات وطنية تمثل الشعب وتعبر عنه، وأن يتم رفض عودة هذه القيادات التي باعت قرارها الوطني، لممارسة العمل الحزبي أو الادعاء بتمثيل الشعب، لأنها غير جديرة بذلك، ولا تستحق هذا الشرف بعد أن تخلت عن المشروع الوطني، واستغلت اصوات أحزابها للتعبير عن مواقف قوى ودول اقليمية.