بعد 34 عاما من الكارثة.. تشيرنوبل تستغيث باليونسكو من "تأثيرات الزمن"

منوعات

اليمن العربي

في مطلع ديسمبر/ كانون الأول الجاري، غطت رقاقات ثلج نادرة المباني والملاعب المهجورة في محيط تشيرنوبل، شمال غرب أوكرانيا.

 

وتسعى كييف راهناً إلى إدراج هذه المعالم التي تشهد على أسوأ كارثة نووية في التاريخ، ضمن لائحة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) لمواقع التراث العالمي، توخياً لحمايتها من تأثيرات الزمن وسعياً لجذب السياح إليها.

 

ويشير المرشد السياحي ماكسيم بوليفكو (38 عاماً) خلال زيارة ميدانية إلى أن المنطقة المحيطة بتشيرنوبل "أصبحت أصلاً جاذبة" للزوار وتحوّلت إلى موقع "له شهرته في كل أنحاء العالم".

 

إلا أنه يأسف لأن "هذا المكان يفتقر إلى أي صفة رسمية"، آملاً في أن يحظى بدعم يتيح "تطوير البنية التحتية السياحية" في المنطقة.

 

وكان وزير الثقافة الجديد أولكسندر تكاتشينكو الذي تسلّم منصبه قبل 6 أشهر بعد مسيرة تلفزيونية طويلة، وراء اقتراح فكرة ضمّ منطقة تشيرنوبل إلى لائحة اليونسكو.

 

ويؤكد وزير الثقافة أن تشيرنوبل "واحدة من أكثر المناطق رمزية في أوكرانيا" مشدداً على ضرورة "الحفاظ عليها من أجل الإنسانية"، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.

 

وتعادل مساحة المنطقة المحظورة مساحة لوكسمبورج، وهي تحيط ضمن شعاع يمتد 30 كيلومتراً بالمحطة النووية التي انفجر مفاعلها الرابع يوم 26 إبريل/ نيسان 1986 في أثناء تجربة على السلامة.

 

وبعدما حاول الاتحاد السوفيتي الذي كان يضم أوكرانيا التعتيم على الحادث في البدء. انتهى إلى الإقرار بحجمه، وأجلى مئات الآلاف من سكان المنطقة.

 

على مدى 4 سنوات، أرسل حوالى 600 ألف سوفيتي عرفوا بتسمية "المُصفّون" إلى المكان دون تزويدهم بحماية ملائمة، حتى إنها كانت تقريبا معدومة، لإخماد الحريق وبناء قبة أسمنتية عازلة حول قلب المفاعل المنكوب وتنظيف الأراضي المحيطة.

 

وباتت عودة الطبيعة إلى الازدهار أكثر وضوحاً للعيان في المنطقة اليوم، إذ التهمت الأعشاب الطرق، في حين اختفت المنازل في ظل المناطق المشجرة حيث تتكاثر الحيوانات البرية.

 

في بريبيات، على بعد كيلومترات قليلة من المحطة النووية، لا تنصح التعليمات الرسمية بدخول المباني السكنية بسبب خطر الانهيار.

 

ومع أن السلطات تعتقد أن العيش بأمان في المنطقة لن يكون ممكناً قبل 24 ألف سنة، يُقبل عليها المزيد من السياح الساعين إلى الإثارة.

 

وساهم النجاح الذي حققه العام الفائت مسلسل "تشيرنوبل" القصير عبر محطة "إتش بي أو" في تكوين جيل جديد من السياح، من هواة صور الـ"سيلفي" الذاتية. 

 

وقبل التوقف القسري للحركة السياحية بسبب جائحة كوفيد-19، بلغ عدد السياح الذين زاروا تشيرنوبل عام 2019 رقماً قياسياً هو 124 ألفاً، بعدما اقتصروا على 72 ألفاً في العام الذي سبقه.

 

ويرى تكاتشينكو أن الموقع قادر حتى على أن يستقبل ما يصل إلى مليون سائح سنوياً.

 

ومع ذلك، يصر وزير الثقافة على ضرورة جعل الزوار يدركون أن زيارة تشيرنوبل "ليست مجرّد مغامرة بسيطة في منطقة محظورة".

 

فبمساعدة الخبراء، تعتزم وزارته إعداد برامج سفر تركّز على "التسويق للمنطقة كمكان لذكرى ينبغي أن يتعلّم العالم منها" عبراً، في عصر يشهد أزمة بيئية عالمية.

 

ويشدد تكاتشينكو على أن القيمة التاريخية لانفجار تشيرنوبل لا تقتصر على الجانب المتعلق بالمأساة، بل تكمن أيضاً في كون الكارثة "أجبرت" النظام الشيوعي في الكرملين على "قول الحقيقة"، و"إطلاق الديمقراطية" التي انتهت بانهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991.

 

وتُعد أوكرانيا ملفاً لتقديمه إلى اليونسكو قبل نهاية مارس/ آذار المقبل، ويُفترض أن تلي هذه الخطوة زيارة لمجموعة من خبراء المنظمة إلى الموقع خلال الصيف، ومن المتوقع ألا يصدر القرار النهائي قبل عام 2023.