6 سنوات ابتزاز.. أردوغان يستنزف قطر ويحولها لحقل تجارب

عرب وعالم

اليمن العربي

يوما تلو آخر يتأكد للشعب القطري متاجرة رئيس تركيا رجب طيب أردوغان بأزمات بلادهم لاحتلالها عسكرياً واستنزافها اقتصادياً وانتهاك سيادتها.

 

ووفق تقرير لموقع العين الإخبارية فإنه على الرغم من أن استغلال النظام التركي لقطر بلغ ذروته بعد أزمتها الثانية عام 2017، إلا أنه بدأ منذ أزمة قطر الأولى عام 2014. وساعده في الوصول لهدفه تمسك "تنظيم الحمدين" الحاكم في الدوحة بسياسات خاطئة داعمة للإرهاب وراعية للفوضى تحت مزاعم الاستقلالية والسيادة ومكابرتها في الاستماع لنصائح الدول الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات والبحرين ومصر).

 

وبعدما قامت تركيا بتلك الخطوة متعمدة، لتعميق الأزمة وتعقيد حلها، وتكريس عزلة قطر، استغلت الأزمة أسوأ استغلال، فحولت الإمارة الصغيرة إلى ساحة تجارب لأسلحة مصانعها، وخزينة لتمويل سياسات أردوغان الفاشلة، حتى أضحى الأتراك أنفسهم يتحدثون عن أن زيارات رئيسهم للدوحة أو استدعاء تميم لأنقرة ترتبط بطلب أموال جديدة، وكان أحدثها زيارة أردوغان لقطر في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ثم زيارة تميم لأنقرة قبل 10 أيام (في 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي).

 

وخلال الزيارة الأخيرة أهدر نظام تميم أموال شعبه في بورصة إسطنبول المتأرجحة، بإبرام صفقة لشراء 10% من البورصة بقيمة 300 مليون دولار.

 

ولا تزال تلك الصفقة بجانب الكثير من الصفقات المشبوهة بين النظامين، من بينها بيع مصنع صفائح الدبابات، تثير جدلا واسعا.

 

كما أن استمرار الأزمة الخليجية وتعقيد حلها يقرب تركيا من استعادة حلمها القديم، باسترجاع الإرث العثماني بالمنطقة، وهو ما ظهر جليا في رفضها إغلاق قاعدتها العسكرية بقطر، بل توسيع وجودها العسكري بالدوحة عقب الأزمة.

 

وتكشف البنود السرية في الاتفاق العسكري بين قطر وتركيا، انتهاك سيادة الدوحة وتهديد الأمن القومي الخليجي والعربي.

 

و في التقرير التالي، كيف استغلت تركيا أزمتي قطر 2014 و2017 لإيجاد قواعد عسكرية لها في المنطقة، ومحاولة تعميق الأزمة القطرية، وابتزاز قطر على مدار 6 سنوات، وفقا للعين.

 

أزمة قطر 2014

بدأت في 5 مارس/آذار 2014 بإعلان السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها من الدوحة، لعدم التزام قطر باتفاق مبرم في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، بالرياض، وانتهت في الـ16 من نوفمبر/تشرين الثاني 2014، بتوقيع قطر اتفاقاً جديداً، وتعهدها بالالتزام بكلا الاتفاقين.

 

وأبرز بنود الاتفاقين التي وقع أمير قطر تميم بن حمد على الالتزام بها: وقف دعم تنظيم الإخوان الإرهابي، وطرد العناصر التابعة له من غير المواطنين من قطر، وعدم إيواء عناصر من دول مجلس التعاون تعكر صفو العلاقات الخليجية، وعدم تقديم الدعم لأي تنظيم أو فئة في اليمن يخرب العلاقات الداخلية أو مع الدول المحيطة.

 

وبعد شهر واحد من الاتفاق تم الإعلان عن التوقيع على اتفاقية تعاون عسكري بين قطر وتركيا في الـ19 من ديسمبر/كانون الأول 2014، وهو ما يعني أن المباحثات حول الاتفاق جرت خلال فترة أزمة الدوحة الأولى.

 

أي أن تركيا استغلت الأزمة لعقد اتفاق مع قطر ينص على إنشاء أول قاعدة عسكرية لها في الخليج، تحقيقاً لحلمها بالتغلغل العسكري في الشرق الأوسط، واستعادة حلمها القديم، باسترجاع الإرث الاستعماري في المنطقة.

 

ومن جهة أخرى، كانت الإمارة الصغيرة تدرك جيداً أن مقاطعتها من قبل الدول الداعية لمكافحة الإرهاب أمر قادم لا محالة، لأنها لن تلتزم بما تعهدت به.

 

اتفاقية انتهاك السيادة

وتلاقت مصالح البلدين على التعجيل بتنفيذ اتفاق التعاون العسكري "الإطار" الذي وقعه البلدان في 19 ديسمبر/كانون الأول 2014، فقام البلدان في 28 أبريل/نيسان 2016 بتوقيع اتفاقية بشأن تمركز قوات تركية في قطر حملت اسم "اتفاقية التنفيذ" تتضمن تفاصيل حول ما يأمل البلدان في تحقيقه بمنطقة الخليج، وهي الاتفاقية التي كشف موقع "نورديك مونيتور" السويدي في يناير/كانون الثاني 2019 بنودها السرية.

 

ومن بين الشروط والأحكام التي تتضمنها الاتفاقية العسكرية السرية بين الدوحة وأنقرة "تمكين أردوغان من استخدام الأجواء والأراضي والقطع البحرية القطرية في عملية الترويج لأيديولوجيته وأفكاره في منطقة الخليج، إضافة إلى تحقيق مصالحه وأهدافه الشخصية، بجانب استخدام جيشه في المنطقة".

 

وبحسب التقرير، الذي نشره الموقع السويدي، فإن الاتفاقية العسكرية السرية "تنطوي على مخاطر كبيرة قد تؤدي إلى تصعيد مشاركة تركيا في صراعات محتملة قد لا تكون لها علاقة بحماية المصالح القومية التركية"، وهو ما يؤكد أن البنود الغامضة في الاتفاقية تم وضعها بشكل متعمد من أجل تمكين الرئيس أردوغان من الاستفادة منها وبشكل ممنهج.

 

مقاطعة قطر 2017

 

وإزاء استمرار قطر في سياساتها الداعمة للإرهاب، أعلنت الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية، والإمارات، ومصر، والبحرين)، قطع العلاقات الدبلوماسية وخطوط النقل مع قطر، في الـ5 من يونيو/حزيران 2017.

 

وبعد يومين فقط من بدء المقاطعة صوّت البرلمان التركي في الـ7 من يونيو/حزيران 2017 على مشروعي قرار، يتعلق الأول بتدريب وتأهيل قوات الدرك القطرية، والثاني بتطوير اتفاقية التعاون العسكري المبرمة مسبقاً بين البلدين، بما يعني تسريع إنشاء القاعدة التركية.

 

ويظهر تكالب أنقرة على الدوحة بعد يومين فقط من قرارا المقاطعة بشكل واضح نية تركيا استغلال الأزمة مجدداً لصالحها.

 

ويشير الموقع السويدي إلى أن "هناك تعديلات جرت على نص الاتفاقية عند تمريرها في البرلمان في يونيو/حزيران 2017، من بينها عدم تحديد المدة الزمنية المتعلقة بمهمة القوات التركية في قطر، ولا كم من الوقت ستبقى هناك.

 

وتنص المادة الأولى من الاتفاق على "الوجود طويل الأمد، والوجود المؤقت وأنشطة القوات المسلحة التركية"، دون أي تحديد للمدد الزمنية، ولا تعريف ما هو "المدى الطويل" ولا من يُحدد مدة الالتزام للقوات التركية.

 

ونشرت أنقرة في يونيو/حزيران 2018 مئات من جنودها في قطر بطلب من الدوحة، وسط غضب شعبي بسبب تجاوزات جنود أردوغان بحق القطريين.  ولتكريس وجودها بعد زيادة عدد جنودها، افتتحت مقرا جديدا لقواتها، في ديسمبر/كانون الأول 2019.

 

عملياً، تركيا استغلت الأزمة وسارعت بتحقيق أهدافها مساهمة في تعقيد الوضع والأزمة، بدلاً من أن تسهم في حلحلته كما تدعي، لأنها أحد أبرز المستفيدين من تغريد قطر خارج سرب أشقائها في مجلس التعاون الخليجي.

ساحة تجارب لأسلحة تركيا

وانتهكت أنقرة السيادة القطرية كثيرة بتحويلها أراضي قطر إلى ساحة خلفية لنظام أردوغان، بعدما سمح "تنظيم الحمدين" باستغلال أراضي البلاد لتجريب أنظمة تسليح تركية جديدة.

 

وفي ديسمبر/كانون الأول 2018، أجرت شركة "أسيلسان" التركية المتخصصة في الصناعات العسكرية والإلكترونية تجربة على الأراضي القطرية، لاختبار أحدث أسلحتها محلية الصنع، سلاح "صرب–ظفر"، وتكرر هذا الأمر مرات عديدة مع اختلاف نوعية الأسلحة التي تم تجريبها.

 

وسبق أن كشفت تصريحات للسفير التركي السابق في قطر فكرت أوزر، أن اتفاقية 2014 الموقعة بين البلدين تتضمن التعاون بين قطر وتركيا برا وبحرا وجوا، وهو ما يعني أنها تتيح إنشاء قواعد عسكرية برية وبحرية وجوية متى قرر البلدين ذلك.

 

وبالنظر إلى تلك التصريحات، والبنود السرية للاتفاقية العسكرية واحتمالية إنشاء قواعد أخرى، يتكشف حجم الخطر بشكل أكبر، ويتعزز الاحتلال المقنع لقطر، وخصوصا أن الاتفاق يعد بمثابة وثيقة تنازل من الدوحة عن سيادتها بالسماح للقوات التركية التصرف بحرية دون استئذانها، ما يتنافى مع مفهوم "سيادة الدول" وهو أمر يعرض أمن المنطقة للخطر.

 

ويمكن فهم خطورة التوسع العسكري التركي في قطر بشكل أكبر على الأمن القومي الخليجي والعربي، في ظل التوافق الأيديولوجي والفكري بين الدولتين في رعاية الفوضى ودعم جماعة الإخوان الإرهابية.

استنزاف ثروات الشعب القطري

أيضا بدأت تركيا – ومازالت - في استنزاف ثروات الشعب القطري تحت غطاء تعاون عسكري واقتصادي حصلت فيه على عقود بمليارات الدولارات.

 

وأضحت عقود التسليح والمشاريع الاستراتيجية تذهب لأنقرة، بعقود بمليارات الدولارات، رغم عدم حاجة الإمارة الصغير لتلك الأسلحة، وكان أحدثها حصول قطر في أكتوبر الماضي على سفينة تدريب صنعتها أنقرة، تقول الدوحة إنها من أكبر سفن التدريب في العالم، لجيش يعد من أصغر جيوش العالم.

 

أيضا في ظل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها تركيا وانهيار سعر الليرة مقابل الدولار الأمريكي، ابتزت تركيا قطر مرارا وتكرارا لتدعمها.

 

ودائما ما يحرص أردوغان خلال زياراته للدوحة على التأكيد أن أنقرة وقفت معها في أزمتها التي لا تزال مستمرة، في تهديد مبطن يستهدف ضمان الاستنزاف الدائم، وهو ما تكرر في زيارته الأخيرة أكتوبر الماضي.

 

ولم يكتف بذلك بل زعم أن الوجود العسكري لبلاده في دولة قطر يخدم الاستقرار والسلام في منطقة الخليج.

 

واعتادت تركيا استغلال وجودها العسكري لاستنزاف ثروات القطريين، حتى أضحى الأتراك أنفسهم يتحدثون عن أن زيارت رئيسهم للدوحة ترتبط بطلب أموال جديدة، وكان آخرها الزيارة التي تمت لقطر في 7 أكتوبر الماضي.

 

وأكد حينها فائق أوزتراق، الناطق باسم حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة، أن "الغرض من الزيارة هو طلب المال" من نظام الحمدين.

 

وقال المعارض التركي آنذاك: "كلما سجل الدولار أرقاما قياسية أمام الليرة التركية هرع أردوغان إلى قطر على وجه السرعة. لكن لا بد أن يعلم أن الذي يتلقى أموالا من الخارج يتعود على تلقي الأوامر أيضا".

وتواصل حكومة أردوغان استنزاف قطر اقتصادياً، من خلال استغلال ثرواتها ومقدّراتها لإنقاذ أنقرة من أزمتها الاقتصادية التي تعصف بها منذ أكثر من عامين، من خلال دفع الدوحة لضخّ مليارات الدولارات لإنعاش الاقتصاد التركي المتعثّر من زاوية الاتفاقيات الثنائية التجارية والمالية.

 

وتأكد الأمر، عند زيارة تميم لأنقرة قبل 10 أيام، حيث أهدر نظام تميم أموال شعبه في بورصة إسطنبول المتأرجحة، بإبرام صفقة لشراء 10% من البورصة بقيمة 300 مليون دولار.

 

 تلك الصفقة أعادت الحديث عن صفقات مشبوهة أخرى بين الطرفين، فقبل أيام أدلى قليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة بالبلاد، بتصريحات، اتهم فيها نظام أردوغان بـ"الخيانة".

وجاء اتهام زعيم المعارضة لنظام أردوغان على خلفية قيامه ببيع مصنع لصفائح الدبابات تابع للجيش التركي في مدينة سكاريا، غربي البلاد، لقطر في صفقة تشغل الرأي العام منذ أكثر من عام.

 

وصفقة مصنع صفائح الدبابات التي انتقدتها المعارضة التركية، تم الكشف عنها في سبتمبر/أيلول 2019، حيث أعلنت العديد من وسائل الإعلام المحلية عن انتقال ملكية المصنع الموجود بمدينة سكاريا (غرب) للدوحة.

 

تلك الصفقات المشبوهة استبقها استنزاف تركي متواصل لأموال الشعب القطري، حيث تمكنت تركيا من إغواء قطر لضخ استثمارات على أراضيها، إذ أعلنت الدوحة في 2018 عن استثمارات في السوق التركية بقيمة 15 مليار دولار أمريكي.

 

وهرعت تركيا لحليف الشر "قطر" في محاولة لإدارة أزمة شح النقد الأجنبي في السوق المحلية، من خلال البحث عن قنوات تبادل تجاري بعملات غير الدولار الأمريكي، في وقت تعيش فيه الأسواق المحلية تراجعا حادا في سعر صرف الليرة التركية.

 

وفي شهر مايو/أيار الماضي، قال البنك المركزي التركي إنه قام بزيادة حجم اتفاق مبادلة عملة مع قطر لثلاثة أمثاله، إلى ما يعادل 15 مليار دولار من 5 مليارات دولار سابقا، في اتفاق يوفر سيولة أجنبية تشتد الحاجة إليها داخل السوق التركية.

 

ولا يزال الابتزاز التركي مستمرا في ظل استمرار نظام الدوحة التمسك بسياساته الخاطئة والتغريد خارج سرب المظلة الخليجية والعربية