بعد 3 أعوام من المقاطعة... قطر لم تتعلم الدرس وما زالت تدعم الارهاب

عرب وعالم

اليمن العربي

إن الاقتصاد القطري انعطف نحو الأسوأ، إذ يعاني قطاعا العقارات والتجزئة من آثار المقاطعة. وتشير تقارير من الدوحة إلى أن مراكز التسوق والفنادق خلت تقريباً بعد غياب السياح الأثرياء من السعودية والإمارات.

 

ولا يزال سوق الإسكان في قطر منكمشاً بسبب تخمة العرض قبل بطولة كأس العالم 2022. ولتحفيز اقتصاد الدولة الغنية بالغاز، أصدر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قانوناً جديداً يسمح للأجانب بالتملك داخل الإمارة.

 

لا تتوقف المصاعب الاقتصادية للدوحة عند هذا الحد. ففي مارس (آذار) الماضي، أعلنت الخطوط الجوية القطرية، التي يُروج أنها إحدى أسرع الشركات نمواً في تاريخ الطيران، خسائرها السنوية الثانية على التوالي.

 

وبدأت مشاكل الشركة بعد إغلاق المجالات الجوية لدول المقاطعة في وجهها ما أجبرها على توجيه رحلات عدة إلى مسارات أخرى بكلفة عالية. مع ذلك، لا تزال الدوحة تصر على أنها خرجت من الأزمة "أقوى" من أي وقت مضى.

 

لم تكن استراتيجية التضليل القطرية فعالة، لكن يبدو أنها ملتزمة البروباغندا الشهيرة المنسوبة غالباً لوزير الدعاية النازي جوزف غوبلز: "كرر كذبة في كثير من الأحيان بشكل كاف، فتصبح حقيقة". في علم النفس، تُعرف هذه الظاهرة بتأثير الحقيقة الوهمية، ويميل الناس لتصديق صحة التصريحات إذا أخبِروا بها مراراً.

 

آفتان

 

ليست المسألة في التصديق أو في عدمه. ما هو على المحك مصير دولة بكاملها وسكانها الذي يعانون من آفتين: الأولى هي السياسات القطرية التي يقف وراءها قادة يائسون يرفضون التعلم من الأخطاء، والثانية حملة ممنهجة لتعميق الانقسامات بين العائلات، والقبائل، والشعوب المرتبطة بجذور وتاريخ وثقافة مشتركة.

 

بالطبع، قد تستمر الدوحة في حملة علاقاتها العامة المكلفة في الولايات المتحدة، وأوروبا، وأماكن أخرى لمحاربة اتهامات خصومها، لكن ذلك لن يساعد في حل الخلاف مع جيرانها، أو مساعدتها في تعزيز موقفها بعدما خسرت نفوذها في سوريا، وليبيا، والسودان، ومصر بسبب دعمها الخاطئ للمجموعات الإسلاموية التي فشلت أو التي هي في طور الفشل.

 

بإمكان قطر الاستمرار في رمي الأموال من النافذة، إذ لديها الكثير الذي يمكن أن تنفقه رغم أن هذا ليس بفضل حكمة أو الحوكمة الجيدة لقادة الدولة، بل بفضل احتياطات الغاز الضخمة.

 

لن تشتري هذه الأموال أصدقاء أو حلفاء للدوحة في المنطقة العربية، خاصةً بعد تقربها من طهران وجهودها الحثيثة لإحياء المجموعات الإسلاموية في المنطقة.

 

على عكس الدوحة، لا تستطيع الدول العربية الأخرى تحمل رؤية حكوماتها تفشل أو تحمل إخفاء مشاكلها الداخلية سواءً كانت سياسية، أو اقتصادية، أو اجتماعية بتمويه شبه ديني.

 

 

كان على قطر تعلم هذا الدرس منذ فترة طويلة، عندما قاومت الشعوب في تونس، وسوريا، وليبيا، ومصر رعاية الدوحة لزرع الإسلام السياسي في دولها. تاقت هذه الشعوب للعدالة، والحرية، والديموقراطية، والكرامة، لا لرؤية الدوحة الإسلاموية. بطريقة ما، لم تتعلم قطر هذا الدرس.

 

حتى اليوم، تحاول الدوحة بقوة إحياء الإسلام السياسي في دول مثل تونس، ومصر، وليبيا، والسودان. إن إصرار قطر على التدخل في شؤون دول أخرى، من ضمنها الدول التي تناضل من أجل الحرية والديموقراطية، يضعها في الجانب الخاطئ من التاريخ، جانب التسلط، والقمع، والرقابة، والرشوة، والاستعباد وهذه العناصر جميعها تحدد النظام القطري.

 

بما أنه من الحماقة التفكير في إمكانية إرجاع العالم العربي إلى الأصولية الدينية، فإن اعتقاد قطر أن تقربها من إيران هو استراتيجية فعالة للمستقبل. وكلما توجهت قطر صوب إيران، ابتعدت أكثر عن العالم العربي وأصبحت أكثر عزلة. ستعتبر الدول العربية المقاطعة تقرب الدوحة من عدوها الرئيسي تأكيداً إضافياً أن قطر تتصرف بعدوانية وبسوء نية. كان ذلك واضحاً مجدداً خلال قمم مكة، حين أعربت قطر عن تحفظها على موقف المجتمعين الموحد، ضد طهران.

 

بعد مرور ثلاثة على الأزمة، ينهار منزل الدوحة الورقي. تواجه حليفتاها الإقليميتان، تركيا وإيران، مشاكلهما فيما يتعرض حلفاؤها الإسلامويون القدامى مثل الإخوان المسلمين إلى ضربة قاسية. من هنا، لن يطول الأمر قبل أن تعصف رياح التغيير بآخر ورقة في أيدي الدوحة.

 

وعندما يحدث ذلك، لن يذهب أحد لنجدة نظام قلب الأطراف على بعضها البعض، ووقف ضد جيرانه، وحافظ على حكمه بتأجيج نيران الخوف والانقسامات الإقليمية.