تحالف الشر إيران والإخوان.. تاريخ من التواطؤ والاستبداد

عرب وعالم

اليمن العربي

 

حتى قبل قيام ما تسميه طهران "الثورة الإسلامية" عام 1979 وإقامة الاستبداد تحت راية "ولاية الفقيه"، كانت الأفكار التنظيمية لمؤسس جماعة الإخوان الإرهابية، وتصوره عن حركته تتشابه لحد بعيد مع البنية المذهبية لإيران فضلا عن نظامها السياسي لاحقا.

 

وقد سمح التشابه بين أفكار الإخوان وأيدلوجية أصحاب العمائم السوداء في قم ومشهد، في التقارب المبكر بين الجماعة الإرهابية وإيران.

 

مع رواج فكرة التقريب بين المذاهب الإسلامية تأسست في القاهرة عام 1947 جماعة التقريب بين المذاهب التي كان أحد أعضائها حسن البنا الذي كان قد رسخ وجود جماعته خلال السنوات العشرين السابقة على لقائه بالمرجع الشيعي محمد تقي القمي.

 

ويؤكد مرشد الإخوان الأسبق عمر التلمساني العلاقة بين الإخوان وملالي قم قائلا إنها بدأت "في العقد الأربعين، (حين) التقى محمد تقي القمي بحسن البنا لمرات متعددة، ودارت مناقشات واسعة بينهما حول فكرة التقريب بين المذاهب".

 

ويرى مراقبون أن أوجه التشابه بين طبيعة الاستبداد داخل البنية التنظيمية لجماعة الإخوان ونظام ولاية الفقيه لا تخفى على أحد، فكما يتحكم المرشد في اتباعه عبر مبدأ الولاء والطاعة التي لا تقبل المراجعة أو التعقل، يدمج المرشد الإيراني سلطته الروحية في حيز المجال السياسي.

 

التفاهم بين البنا والقمي فتح الطريق أمام لقاءات أخرى مع مرشد الإخوان آنذاك، ففي العام ذاته التقى البنا بأبي القاسم الكاشاني قائد الحركة الإسلامية في إيران خلال موسم الحج، وكان هذا اللقاء خطوة أخرى لتقوية العلاقات بين إيران والإخوان، حيث اتفق الاثنان على عقد مؤتمر دولي للوحدة الإسلامية، إلا أن مقتل حسن البنا بعد عودته من الحج قطع الطريق على إتمام هذه الفكرة.

 

لم يضع مقتل حسن البنا نهاية للعلاقة بين الجماعة الإرهابية وطهران، فقد التقى القياديان الإخوانيان سعيد رمضان وسيد قطب بقيادات دينية إيرانية أبرزها محمود طالقاني وشيخ خليل كمراي ومجتبى نواب صفوي خلال المشاركة في مؤتمر حول القدس، ووجه القياديان الإخوانيان الدعوة للقيادات الإيرانية لزيارة مصر.

 

وكتب سالم البهنساوي أحد أبرز شخصيات جماعة الإخوان المسلمين في كتابه "السنة المفترى عليها: "لقد كان لإنشاء منظمة دار التقريب بين المذاهب الإسلامية دور كبير في إيجاد تعاون مشترك بين الإخوان والشيعة، وقد استقر هذا التعاون بلقاء نواب صفوي بقادة الجماعة عام 1952 بالقاهرة".

 

كان نشر كتابات القيادي الإخواني سيد قطب وأدبيات إخوانية أخرى ثمرة اللقاءات بين الإخوان والقيادات الإيرانية، حيث قامت الحوزات العلمية في مدينتي قم ومشهد بترجمة ونشر عدد من الكتب الإخوانية وأعيد طبعها لأكثر من 50 مرة.

 

وفي أعقاب الانفتاح الإيراني على كتابات الإخوان، تبادل الجانبان الرسائل ومن أبرزها رسالة سيد قطب للكاشاني التي أكد فيها أنه "بين كل هذه العداءات يوجد صرخة مشتركة في العالم الإسلامي، فيمكن القول الآن بأن جماعة الإخوان المسلمين ليست بمفردها، فمطلب الكاشاني بإنشاء منظمة اقتصادية بالعالم الإسلامي لصرخة قوية ليست فقط من إيران بل من كل أنحاء العالم الإسلامي".

 

كما أرسل مصطفى مشهور، مرشد الإخوان السابق، رسالة خطية يتحدث فيها أيضًا عن وجوب التقريب بين السنة والشيعة، وعدم الركون إلى الاختلافات الفرعية القائمة بينهما.

 

كانت جماعة الإخوان أول من أيد ما سُمي بـ"الثورة الإسلامية" في إيران، وانتقدت السماح للشاه باللجوء السياسي في مصر، كما طالبت كل مسلمي العالم بالتأسي بمسلمي إيران، فكانت هذه الجماعة أول من ذهب إلى إيران بعد سقوط الشاه مباشرةً؛ لتهنئة المرشد الإيراني الخميني.

 

بالإضافة إلى ذلك نشرت الجماعة كتابا اسمه "الخميني الحل الإسلامي والبديل" بقلم فتحي عبدالعزيز، والذي ذكر فيه أن "ثورة الخميني ليست ثورة فرقة إسلامية ضد الفرق الأخرى، بل هي مركز القيم والمعتقدات المشتركة والتي توحد عليها كل المسلمين".

 

وفي عهد مرشد الإخوان السابق مهدي عاكف، كان للجماعة الإرهابية مواقف داعمة لإيران والتشيع، مما أثار حفيظة الدول العربية، فقد تساءل عاكف مستنكرا في حديثه لصحيفة "النهار" الكويتية: "ما المانع من نشر المذهب الشيعي؟".

 

وأدت مواقف عاكف، الذي رحل العام الماضي خلال محاكمته في اتهامات تتعلق بالإرهاب، بشأن الانفتاح على إيران، إلى تشجيع قيادات أخرى على المجاهرة بالدعوة للتقارب مع الملالي، وهو ما ظهر في مقالات يوسف ندا، المسؤول عن العلاقات الدولية في التنظيم الدولي الجماعة، والتي تحدث فيها بشكل إيجابي حول التشيع وإيران.