إنذار أخير من المانحين لإنقاذ اقتصاد لبنان

اقتصاد

اليمن العربي

وجهت فرنسا وعدة دول، ومنظمات دولية، إنذار أخير للبنان، للمضي قدما في تشكيل حكومة ووضع برنامج إصلاح اقتصادي للحصول على المساعدات.

 

وانتقدوا عدم وفاء المسؤولين اللبنانيين بتعهّداتهم بتشكيل حكومة، ووضع برنامج إصلاح اقتصادي يتضمن إصلاحات مالية، وهيكلية، للخروج ببلدهم من الأزمة المالية الخانقة التي تتفاقم يوما بعد يوم.

 

وكرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء، مطالبته السلطات اللبنانية بإجراء إصلاحات وذلك في افتتاح مؤتمر دولي ثان لدعم لبنان بعد مرور أربعة أشهر على انفجار مرفأ بيروت وفي توقيت تتواصل فيه خلافات المسؤولين اللبنانيين.

 

صندوق النقد

 

وافتُتح المؤتمر الذي عقد عبر الفيديو وترأسه كل من ماكرون والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش مساء الأربعاء بحضور رؤساء دول ومنظمات دولية وصناديق متعددة الأطراف ومنظمات غير حكومية.

 

وقالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، الأربعاء، إن الصندوق ملتزم بمساعدة لبنان على تنفيذ الإصلاحات الضرورية، لكن البلد مازال بحاجة إلى إطار مالي متسق واستراتيجية موثوقة لإعادة تأهيل قطاعه المصرفي.

 

وأبلغت جورجيفا المؤتمر، أن جهود صندوق النقد لوضع برنامج شامل لتحقيق الاستقرار والإصلاح لم "تقطع شوطا كبيرا" خلال الأشهر الأخيرة في غياب حكومة لبنانية كاملة الصلاحيات، غير أن الدعم العالمي المعروض في المؤتمر مشجع.

 

ويرزح لبنان منذ أكثر من عام تحت وطأة أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية خانقة.

 

وإلى جانب التدهور الحاد في قيمة العملة الوطنية والتضخّم المفرط، لا يزال لبنان منذ أكثر من 3 أشهر من دون حكومة بعدما استقالت حكومة حسان دياب على خلفية الانفجار الذي دمّر أجزاء كبيرة من العاصمة.

 

مجرد كلام

 

وفي كلمته الافتتاحية تحدّث ماكرون عن حصيلة مؤتمر أول لمساعدة لبنان بعد انفجار المرفأ عقد في التاسع من أغسطس/آب الماضي، ثم ندد بسلوك المسؤولين اللبنانيين الذين لم يفوا بتعهّداتهم بتشكيل حكومة والبدء بإصلاحات هيكلية مشروطة بها المساعدات للبنان.

 

وأكد أنه سيزور لبنان مرة جديدة في ديسمبر/كانون الأول المقبل لحثّهم مجددا على الوفاء بتعهّداتهم.

 

وقال ماكرون "لم يتم الوفاء بالتعهدات"، مضيفا أن "كل المؤشرات تدل على أنها كانت مجرّد كلام".

 

الوفاء بالاحتياجات الفورية

 

وأشاد ماكرون بوفاء الجهات الدولية بالتعهّدات التي قطعتها في المؤتمر الأول الذي "جمع أكثر من 280 مليون يورو، ما ساهم في التصدي جزئيا للاحتياجات الفورية".

 

وقال إن المساعدات شملت "12 ألفا و500 طن من الطحين تم توزيعها، أي ما يعادل 80% من المخزون الذي تلف (خلال انفجار المرفأ حيث تضررت صوامع القمح)".

 

وتابع: كما شملت المساعدات "73 ألف شخص حصلوا على مساعدات مالية، وتم نشر نحو عشرين فريقا طبيا نقالا وتم توفير مأوى لـ25 ألف شخص كما تلقّت 90 مدرسة لوازم مدرسية.. هذا كثير لكنه غير كاف".

 

وأنشأ البنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي صندوقا لمساعدة البلاد على التعافي بمشاركة المجتمع الدولي.

 

وقال ماكرون إن "هذا الدعم لا يمكن أن يكون بديلا من تعهّد القوى السياسية اللبنانية بتشكيل حكومة بأسرع وقت وتنفيذ خارطة طريق للإصلاحات، من دونها سيتعذّر إطلاق المساعدة الهيكلية الدولية".

 

وأكد ماكرون التمسّك بالوعود وبتنفيذ التعهّدات "سواء في ما يتعلّق بالإصلاحات أو بالتحقيق في الانفجار".

 

مفاوضات البنك الدولي

 

من جهته، قال الرئيس اللبناني ميشال عون إنّ "أولويّتنا اليوم هي تشكيل حكومة عبر اعتماد معايير واحدة تطبق على جميع القوى السياسية".

 

وتابع "جرّاء الأزمات المتراكمة و المتصاعدة التي حلت بلبنان، باتت مساعدة الدول المجتمعة اليوم لا غنى عنها لجميع اللبنانيّين في أي منطقة كانوا".

 

وأكد عون أن "لبنان يتفاوض حالياً مع البنك الدولي على قرض قدره 246 مليون دولار لمشروع "شبكة الأمان الاجتماعي" تشمل تمويل لأزمة الطوارئ في لبنان والاستجابة إلى كوفيد-19".

 

وتابع: أن المفاوضات "ستنتهي هذا الأسبوع، ونأمل الحصول على الموافقة العاجلة من مجلس المديرين للبنك الدولي".

 

والثلاثاء نبّه البنك الدولي إلى أن الأزمة الاقتصادية الحادة في لبنان جعلت الاقتصاد عرضة "لكساد شاق"، وصفه بـ"المتعمد" مع إخفاق السلطات في احتواء الانهيار، داعياً إلى تشكيل حكومة تنكبّ على تنفيذ برنامج إصلاح شامل على وجه السرعة.

 

أسوأ الأزمات

 

وينوء لبنان تحت ثقل الديون المتراكمة ويواجه أسوأ أزمة منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها من عام 1975 إلى 1990 التي قوضت العملة وقادت لزيادة كبيرة للأسعار.

 

ولم يحرز تقدم في محادثات لتشكيل حكومة جديدة عقب استقالة الحكومة الحالية في أغسطس/آب الماضي، إثر انفجار هائل في مرفأ بيروت.

 

وانزلق الكثير من اللبنانيين إلى الفقر ويعتمدون بشكل متزايد على المواد الغذائية المدعومة.

 

والأسبوع الماضي،أعلن مصرف لبنان المركزي، عن دراسته لخفض مستوى احتياطي النقد الأجنبي الإلزامي، من أجل مواصلة دعم السلع الأساسية.

 

ويهدد خفض الدعم بتأجيج حالة الغضب الشعبي في دولة عصفت بها احتجاجات مع ظهور الأزمة المالية على السطح في أكتوبر/تشرين الأول 2019.

 

وأصدرت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان، التي تضم الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بيانا، دعت فيه إلى تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ إصلاحات وتناشد حكومة تصريف الأعمال والبرلمان التحرك لتخفيف الضائقة الاقتصادية.