الإخوان وطهران.. تحالف الشر ورباط المصلحة يحكمان العلاقات بينهما

عرب وعالم

اليمن العربي

 أكد خبراء ومحللون في شؤون الجماعات الإسلامية والإرهابية وفقثالـ«الرؤية» أن تاريخ العلاقة بين الجماعة الإرهابية وإيران قديم.

وقال المختص في شؤون الجماعات الإسلامية وأحد المنشقين عن جماعة الإخوان، صبرة القاسمي، إن العلاقة بين التنظيم الإيراني وكافة التنظيمات الإسلامية وثيقة، سواء كان الإخوان أو غيرهم، فالثورة الإيرانية تنص في دستورها على تصدير الثورة إلى دول الجوار، أو إلى دول تستطيع تصديرها إليها، وأطلقت يد الحرس الثوري الإيراني في تنفيذ هذا البند من الدستور الإيراني، الذي أعطاهم كل الصلاحيات لمحاولة نشر أفكار الثورة وأطروحتها في كل بلدان الجوار، خصوصاً وسط الجماعات الإسلامية السنية الموجودة في المنطقة كلها، فالثورة الإيرانية عندما ظهرت كانت بالنسبة إلى هذه التنظيمات أيقونة الثورات الموجودة، خصوصاً أن الثورة الخمينية نجحت ومكنت دولة الملالي من إيران، فكانت نموذجاً يحتذى بالنسبة إلى الإسلاميين، فتأثروا بكتابات الثورة الإيرانية كلها، وكتب عنها عدد كبير من الكتاب الإخوانيين، على الرغم من الاختلاف في المذهب، وحاولوا أن تكون النموذج الذين يثورون على غراره، محاولين إقامة نموذج في الأوطان العربية على غرار الثورة الإيرانية، فكانت تجربة الإيرانيين ملهمة بالنسبة إلى تيار الإسلام السياسي، وعلى رأس الهرم جماعة الإخوان الإرهابية، ثم بقية الجماعات الإسلامية الأخرى.

 

وأوضح القاسمي أنه في بداية الألفية الجديدة كانت التنظيمات ذات الطابع الإسلامي منبهرة بالتجربة الإيرانية، وحاولوا الاستفادة، وحدث مد جذور بين التابعين لهذه الجماعات وإيران، وزار عدد من عناصر هذه التنظيمات طهران والنجف وضريح الخميني، عدا الدعوة السلفية (المنهج السلفي) التي ظلت تناصب الإيرانيين العداء، لكن بقية التنظيمات الموجودة على الساحة العربية، والشرق أوسطية اقتربت من الإيرانيين إلى حدٍّ كبير، بل إن هناك بعض الجماعات تلقت دعماً مباشراً، سواء كان دعماً فنياً أو فكرياً أو مالياً، وعلى رأسهم حركة حماس في غزة.

 

وأضاف أن جماعة الإخوان في مصر كانت لها تجارب عدة مع الإيرانيين، وكانت هناك لقاءات آخرها «قمة الضرار» في كوالالمبور برعاية تركيا وإيران وقطر، وكان لهذه القمة المشبوهة أهداف عدة، من بينها إعطاء قبلة الحياة لجماعة الإخوان، وتفتيت المنظمات الإسلامية الدولية والعربية، لأنها تختلف مع فكر الإخوان، إلى جانب محاولة تصدير كيانات إسلامية جديدة، وهو الأمر الذي عارضته وبشدة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات ومصر بمختلف الوسائل، سواء على المستوى الدبلوماسي أو الشعبي، وتمكنت الدول الثلاث من إفشال هذا المخطط الخبيث بعد كشف نواياه الساعية لزعزعة المنطقة وتفتيتها.

 

ورأى القاسمي أنه على الرغم من ضعف الاهتمام الدولي بالقمة المشبوهة إلا أنه كان واضحاً وبشدة الحضور الطاغي لجماعة الإخوان من دول عدة، إضافة إلى جماعات محظورة دولية ومصنفة إرهابية مثل حركة حماس، وهو الأمر الذي أتى بنتائج سلبية على هذا المؤتمر، فالحضور الكثيف من جماعة الإخوان وصم المؤتمر وعكس انطباعاً بأنه اجتماع إخواني وليس إسلامياً، على عكس ما كان مخططاً له.

 

 

يقول المختص في شؤون الجماعات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور علي أبوبكر، إن العلاقة بين الإخوان وإيران علاقة قديمة، فالإخوان يتبنون نهج الثورة الإيرانية، ويسمونها «الثورة الإسلامية»، فمنذ نشأة الثورة الخمينية وإيران على علاقة وثيقة بالإخوان وتدعمهم وكانت تراهن على أن يكون الإخوان إحدى أذرعها الإرهابية في المنطقة، وعلى الرغم من أن هناك خلافاً عقائدياً ومنهجياً بين الجانبين، إلا أنه كانت هناك مصلحة مشتركة بين الاثنين، فالإخوان كانوا يجدون الدعم من إيران، وفي المقابل كانت إيران ترى في الإخوان النفوذ القوي في مناطق مختلفة من العالم العربي.

 

وأوضح أبوبكر أن كل قادة الإخوان كانت لهم علاقة وطيدة بالنظام الإيراني بشكل أو بآخر، أبرزهم يوسف ندا ومجموعة خارج مصر، مشيراً إلى أنه خلال فترة وجود الإخوان في الحكم بمصر وقبل وصولهم بسنوات، كان هناك توجه نحو إيران، وكانت هناك فترة من الفترات، جميع قادة التنظيمات المتطرفة في مصر كانت لهم إقامات في إيران، وكانوا يعبرون الحدود الإيرانية، ويحصلون منها على دعم مادي ومعنوي وإعلامي، وذلك بشكل أكبر في التسعينات.

 

وتابع أن العلاقات بين إيران والإخوان لم تنقطع حتى الوقت الراهن، وهناك لقاءات في 2014 بين الحرس الثوري الإيراني وجماعة الإخوان في تركيا، لافتاً إلى مؤتمر كوالالمبور الذي حضره عدد كبير من الشخصيات الإخوانية من التنظيم الدولي من دول عدة بينها الجزائر، تونس، السودان ومصر، إلى جانب قيادات إخوانية من تركيا، وكأن الإخوان يريدون أن يبعثوا برسالة يؤكدون من خلالها أنه ما زال لهم ثقل، وأنهم موجودون في مؤسسات دولية، ولهم علاقات ببعض الدول منها تركيا وقطر، ماليزيا وإيران.

 

وأكد الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية وأحد المنشقين عن جماعة الإخوان الإرهابية إبراهيم ربيع، أن العلاقة العضوية والفكرية والعقائدية بين التنظيم الخميني وتنظيم الإخوان، علاقة ممتدة، فقبل قيام التنظيم الخميني المسمى بـ«الثورة الإسلامية» عام 1979، وإقامة دولة الاستبداد تحت راية «ولاية الفقيه»، كانت الأفكار التنظيمية لمؤسس جماعة الإخوان الإرهابية حسن البنا، وتصوره عن تنظيمه هي الأساس في البنية المذهبية للتنظيم الخميني، فتنظيم الإخوان والتنظيم الخميني، هو مشروع غزو الإرهاب لإعادة هندسة إقليم الشرق الأوسط.

 

وأوضح ربيع أن أوجه التشابه بين طبيعة الاستبداد داخل البنية التنظيمية لتنظيم الإخوان ونظام ولاية الفقيه واضحة وجلية، فكما يتحكم المرشد في أتباعه عبر مبدأ السمع والطاعة بلا تردد ولا حرج يدمج المرشد الأعلى للتنظيم الخميني سلطته الروحية في حيز المجال السياسي.

 

 

وأضاف أن التشابه بين أفكار تنظيم الإخوان وأيديولوجية تنظيم أصحاب العمائم السوداء في مدينتي قم ومشهد الإيرانيتين، أساس في التقارب المبكر بين الجماعة الإرهابية والتنظيم الخميني الذي استولى على الدولة الإيرانية، فقد تأسست في القاهرة عام 1947 جماعة التقريب بين المذاهب التي كان أحد أعضائها حسن البنا (الذي رسّخ وجود تنظيمه الإخواني منذ تأسيسه في 1928) وحرص على لقائه بالمرجع الشيعي محمد تقي القمي، وراجع مرشد الإخوان الثالث عمر التلمساني العلاقة بين الإخوان وطهران، حيث أكد أنها بدأت في الأربعينات، حيث التقى محمد تقي القمي، بحسن البنا لمرات عدة، ودارت مناقشات واسعة بينهما حول فكرة التقريب بين المذاهب، مشيراً إلى أن التفاهم بين البنا والقمي فتح الطريق أمام لقاءات أخرى مع مرشد الإخوان آنذاك، ففي العام ذاته التقى البنا بأبي القاسم الكاشاني قائد الحركة الإسلامية في إيران خلال موسم الحج، وكان هذا اللقاء خطوة أخرى لتقوية العلاقات بين تنظيم الخميني والإخوان، حيث اتفق الاثنان على عقد مؤتمر دولي للوحدة الإسلامية، إلا أن مقتل حسن البنا بعد عودته من الحج قطع الطريق على إتمام هذه الفكرة.

 

وأشار الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية إلى أن مقتل حسن البنا، لم يضع نهاية للعلاقة بين الجماعة الإرهابية والتنظيم الخميني، فقد التقى القياديان الإخوانيان سعيد رمضان وسيد قطب بقيادات دينية خمينية أبرزها محمود طالقاني، وشيخ خليل كمراي ومجتبى نواب صفوي، خلال المشاركة في مؤتمر حول القدس، ووجه القياديان الإخوانيان الدعوة للقيادات الخمينية لزيارة مصر.

 

ولفت إبراهيم ربيع، المنشق عن جماعة الإخوان الإرهابية، إلى أن نشر كتابات القيادي الإخواني سيد قطب وأدبيات إخوانية أخرى ثمرة اللقاءات بين الإخوان والقيادات الإيرانية، حيث قامت الحوزات العلمية في قم ومشهد، بترجمة ونشر عدد من الكتب الإخوانية وأعيد طبعها لأكثر من 50 مرة، وفي أعقاب الانفتاح الخميني على كتابات الإخوان، تبادل الجانبان الرسائل ومن أبرزها رسالة سيد قطب للكاشاني التي أكد فيها أنه «بين كل هذه العداءات يوجد صرخة مشتركة في العالم الإسلامي، فيمكن القول الآن إن جماعة الإخوان المسلمين ليست بمفردها»، كما أرسل مصطفى مشهور، مرشد الإخوان السابق، رسالة خطية يتحدث فيها أيضاً عن وجوب التقارب بين السنة والشيعة، وعدم الركون إلى الاختلافات الفرعية القائمة بينهما.

 

وأوضح أن جماعة الإخوان كانت أول من أيد ما سُمي بـ«الثورة الإسلامية» في إيران، ونظمت حملة انتقادات قاسية للرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات لسماحه لشاه إيران حينذاك محمد رضا بهلوي باللجوء السياسي في مصر، كما طالبت كل مسلمي العالم بالتأسي بمسلمي إيران، فكانت هذه الجماعة أول من ذهب إلى إيران بعد سقوط الشاه مباشرة، لتهنئة المرشد الإيراني الخميني، ونشرت الجماعة في ذلك الوقت كتاباً اسمه «الخميني الحل الإسلامي والبديل» بقلم الإخواني فتحي عبدالعزيز، والذي ذكر فيه أن «ثورة الخميني ليست ثورة فرقة إسلامية ضد الفرق الأخرى، بل هي مركز القيم والمعتقدات المشتركة، والتي توحد عليها كل المسلمين».

 

مهدي عاكف يناصر التشيع

 

وأشار ربيع إلى أنه في عهد مرشد الإخوان السابع مهدي عاكف، كان للجماعة الإرهابية مواقف داعمة لإيران الخمينية، فقد تساءل عاكف مستنكراً في أحد أحاديثه «ما المانع من نشر المذهب الشيعي؟»، وهناك فيديو لعاكف يتحدث فيه عن استعداده لإرسال 10 آلاف مقاتل من إخوان مصر والعالم للقتال في صفوف «حزب الله»، وأدت مواقف عاكف إلى تشجيع قيادات أخرى على المجاهرة بالدعوة للتقارب مع الملالي، وهو ما ظهر في مقالات يوسف ندا، المسؤول عن العلاقات الدولية والمخابراتية في التنظيم الدولي للجماعة، والتي تحدث فيها بشكل واضح حول التشيع وإيران الخمينية.