السياسات الاستبدادية لأردوغان تدفع تركيا إلى حافة الانفجار

عرب وعالم

اليمن العربي

رأى الكاتب الأميركي مايكل روبين أن تركيا باتت على شفا الإنفجار نتيجة للسياسات الإستبدادية التي ينتهجها الرئيس رجب طيب اردوغان، معتبراً أنه على ضحايا هذا النهج، داخل تركيا وخارجها، التخطيط جيداً لذلك اليوم.

 

"مُحاسبة أردوغان على أفعاله لن تؤدي إلى ردّة فعل انتقامية، لأن الجيل المقبل من القيادة التركية يعتنق الفكر الليبرالي الذي تعتزّ به أوروبا ويُعامله أردوغان بازدراء وأشار روبين، في مقال في معهد "أمريكان إنتربرايز"، إلى أن 18 عاماً مرّوا منذ أن صدم "حزب العدالة والتنمية" بزعامة رجب طيب أردوغان، المؤسسة العلمانية في تركيا واكتسح السلطة. ويعكس فوز الإسلاميين بأغلبية ساحقة في البرلمان التركي، التوجّه الديني للناخبين في تركيا في ذلك الوقت، والمزيد من اشمئزاز الأتراك من فساد المؤسسات وسوء الإدارة المالية للسياسيين في تلك الفترة. على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية، شهدت الإحتياطيات الأجنبية تدهوراً غير مسبوق، ثمّ في يوم واحد في فبراير (شباط) 2001، خسرت الليرة التركية نحو ثلث قيمتها في مقابل الدولار الأمريكي.

 

وبينما سخرت الطبقة الوسطى العلمانية من حديث أردوغان آنذاك عن الفساد المستشري، فإذا بالرئيس الملياردير يتمتّع اليوم بشرف أن يكون السياسي الأكثر فساداً في التاريخ التركي الحديث. وبينما كان أردوغان يلوم الحكومات السابقة على الركود الإقتصادي في البلد، فإن تصرّفاته الديكتاتورية الحالية تعني أنه لم يعد قادراً على صرف نظر الأتراك عن مسؤوليته الشخصية إزاء هذا التدهور.

 

يبدو أن جهود أردوغان في إثارة الصراعات الإقليمية تحت شعار القومية، ما هي إلا خطوة لتشتيت نظر الجمهور التركي عن فشل قيادته. وكنتيجة لصراعاته مع اليونان وقبرص وسوريا والعراق ومصر وإسرائيل وأرمينيا، ينضمّ أردوغان إلى قائمة طويلة من الديكتاتوريين الذين أثاروا الصراع لصرف الإنتباه عن فشل سياساته الإقتصادية والفساد، والذين انتهى بهم الأمر في المنفى أو السجن أوعلى حبل المشنقة.

 

يُخطىء أردوغان إذا اعتقد أنه استثناء تاريخي: فقد تخلّى عنه مجتمع الأعمال إلى حد ما، كما تراجع الأكراد عن دعمه، بينما تُجبر الإسلاموية السنية التي ينتمي إليها أردوغان، الأقلية العلوية في تركيا، وربما 25 في المئة من السكان، على معارضته. ولا يُمكنه أن يعوّل على دعم المقرّبين من المعارضين السياسيين الذين سجنهم والذين يزيد عددهم عن مئة ألف. يتزايد الضغط، وفي غياب أي حلّ ذي مغزى، ستنفجر تركيا. يجب على ضحايا أردوغان، داخل تركيا وخارجها، التخطيط لذلك اليوم.

 

في عام 2009، دافع اردوغان عن الرئيس السوداني عمر البشير، وكأنه يعتبر أن ذبح غير المسلمين والتطهير العرقي أمر مسموح به، وهو ما يُمكن أن يُشكّل الأساس للائحة اتهام ضدّ اردوغان أمام الجنائية الدولية. خارج حدود تركيا، تُوجد أدلة كثيرة على التطهير العرقي في عفرين ومناطق أخرى من شمال سوريا، إضافة إلى تدمير المقابر والآثار الثقافية الكردية، ودعم "داعش"، ومساندة أذربيجان في حربها ضدّ ارمينيا في اقليم ناغورنو قره باخ، والتدخّل في فاروشا في شمال قبرص. هذه التحرّكات التركية يُمكن أن تجد طريقها بسهولة إلى لائحة اتهام مُحتملة ضدّ أردوغان.

 

على الصعيدين المحلي والدولي، كرّس أردوغان حكمه للإنتقام الشخصي، بدلاً من أخذ العبرة من مصير مُرشده نجم الدين أربكان الذي يقبع في السجن. أما على الصعيد الدولي، يتحرّك أردوغان في إطار ما يعتقد أنه تصحيح للأخطاء، من معاهدة لوزان إلى تراجع نفوذ الإمبراطورية العثمانية.

 

وختم روبين قائلاً: "مُحاسبة أردوغان على أفعاله لن تؤدي إلى ردّة فعل انتقامية، لأن الجيل المقبل من القيادة التركية يعتنق الفكر الليبرالي الذي تعتزّ به أوروبا ويُعامله أردوغان بازدراء. وبدلاً من ذلك، فإن لائحة اتهام ضدّ أردوغان ستُثبت أن سيادة القانون والنظام الدولي الليبرالي سوف ينتصران دائماً على طموح الديكتاتوريين الفاسدين الذين يسعون إلى تدميره".