مرحلة "تقاسم المناصب" تضع الحوار الليبي في مفترق طرق

عرب وعالم

اليمن العربي

دخل الحوار الليبي في تونس مرحلة تقاسم المناصب بين الفرقاء الليبيين، مع بلوغ جلسات الحوار يومها الخامس، وسط مخاوف من اتساع هوة الخلافات، ما قد يُربك مخرجات المؤتمر، ويؤثّر على التوافقات التي تم التوصل إليها حول مستقبل الدولة الليبية وشكلها، وفق مراقبين.

 

وقال عضو البرلمان الليبي أبو بكر سعيد الجمعة، إن الخلافات بين المشاركين في حوار تونس تفاقمت عندما وصلوا للترشيحات وتسمية أصحاب المناصب العليا، محذرًا من أن“الفشل وارد إن لم تحدث توافقات وضغوط قوية“بحسب تعبيره.

 

وأشار سعيد في تدوينة عبر صفحته على ”فيسبوك“ إلى أن“ما تفعله بعثة الأمم المتحدة هو تجسيد لظاهرة تقاسم المناصب بين شخصيات جدلية ومتنفذة كلها تدعي تمثيلها لقبائل ومدن وأحزاب سياسية، فمن يملك السلطة والثروة والسلاح هو الحاكم، ومن لا يملك فهو المحكوم“، وفق قوله.

 

واعتبر البرلماني الليبي أن الاتفاق على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية هو أفضل الحلول لإنهاء صراع السلطة.

 

وبحسب موقع “إرم نيوز” الإماراتي، أكد النائب في البرلمان الليبي علي عمر التكبالي، أنه“منذ اليوم الأول كانت هناك محاصصة، وقبلية، وجهوية، ومساومات، وحتى دفع أموال من أجل الحصول على مناصب، وهذا لا يمكن أن يخلق دولة مدنية قوية“، وفق تأكيده.

 

واعتبر التكبالي أن“الغرض من الحوار ليس إخراج ليبيا من أزمتها بل هو الحصول على مناصب، وكل طرف يدفع نحو كسب أقصى ما يمكن لفائدته“.

 

وأبدى التكبالي عدم تفاؤله بمخرجات الحوار الليبي، قائلًا:“ما يراه الليبيون اليوم كلهم أنه ستكون هناك 10 سنوات عسيرة أخرى، ولن يكون هناك حل كما نريده، وسيُصاب الشباب الذين خرجوا للاحتجاج على الوضع بخيبة أمل أخرى وإحباط“، متسائلًا:“هل يستطيع أي شخص أن يحكم ليبيا في هذه الظروف؟“ مضيفًا أن“كل الذين دفعوا أموالًا يريدون أن يحصلوا على مناصب“.

 

ورأى عضو لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان الليبي، أنه“لن يكون هناك حوار ناجح، وحتى لو حصل ذلك لن يقود ليبيا إلى الأمان“، وفق تعبيره.

 

وقالت مصادر مواكبة لجلسات الحوار الليبي في تونس، إن الاتفاق على خريطة الطريق القاضية بالذهاب نحو انتخابات رئاسية وبرلمانية في آجال 18 شهرًا، يخفي كثيرًا من التحفظات من جانب المشاركين في الحوار، لا سيما فيما يتعلق بكيفية إجراء الانتخابات بالتوازي مع اختيار الشخصيات القيادية لتولي المجلس الرئاسي الجديد، ومدى تأثير هذه الشخصيات في مسار إنهاء المرحلة الانتقالية والتوجه نحو الانتخابات.

 

وأوضحت المصادر أن هناك مخاوف لدى شق من المشاركين في الحوار من أن يتم ترشيح شخصيات معروفة بقربها من الإخوان لتولي مناصب قيادية، قد تعمل على عرقلة مسار التوجه نحو إجراء انتخابات، لا سيما أن أكثر من نصف المشاركين في حوار تونس من المحسوبين على الإخوان، ما أثار مخاوف من تحويل وجهة الحوار بما يخدم مصالح هذه الفئة، وحصول انسحابات من بقية جلسات الحوار، الأمر الذي سيؤدي إلى إرباكه، وفق تعبيرها.

 

ورغم حديث البعثة الأممية عن جلسات الملتقى والتي قالت إنها تسير بوتيرة عالية، وإيجابية، وروح وطنية، إلا أن بعض النقاط لا تزال عالقة، وتشهد خلافًا بين المتحاورين، وأعلن البرلمان الليبي رفضه استحداث أي جسم تشريعي غير منتخب، معربًا عن تحفظه على آلية اختيار المشاركين في الحوار، وتحفظه على انتقاء شخصيات لا تمثل أي قاعدة شعبية أو أي سلطة شرعية قائمة، مع التأكيد على التزامه تجاه أي حكومة يتم تشكيلها من حيث منح الثقة، وسحبها، ومراقبة عملها.

 

ومن جانبها، أكدت الهيئة التأسيسية للدستور أنه لا يحق لأي جهة كانت أن تعقب على أعمالها وفق نص القانون، متهمة البعثة الأممية بتجاهل التواصل معها، وإصرارها على استعمال مصطلح ”القاعدة الدستورية“، بديلًا عن ”مشروع الدستور“، معتبرة ذلك إنكارًا منها لما تم إنجازه من مراحل العملية الدستورية.

 

وتثير التحفظات على مسار الحوار الليبي في تونس، وأداء بعثة الأمم المتحدة بهذا الشأن، واعتماد مبدأ المحاصصة، مخاوف لدى مراقبين من أن يؤدي إلى إضعاف مخرجات الحوار، أو ربما انهيار الاتفاقات التي تم إحرازها.

 

و في السياق، اعتبر المحلل مختار اليزيدي، أن“الخلافات المبنية على أساس تقاسم المناصب تعكس حقيقة نوايا المشاركين في الحوار الليبي في تونس، وعدم استعدادهم لتغليب مصلحة ليبيا على مصالحهم الشخصية، رغم أن الحوار ينعقد تحت شعار ”ليبيا أولًا“ وفق تعبيره.

 

وأضاف اليزيدي، أن“بناء التوافقات السياسية على مبدأ المحاصصة والترضيات، وعلى أساس التقسيمات الجغرافية، لن يغير من الواقع الليبي، ولن يبني حلًا سياسيًا على أساس صلب، بل هو يطيل أمد الأزمة، ويعيد إنتاجها من جديد، ما قد يضيع على الليبيين فرصة تجاوز المحنة التي يعيشونها، ويعيدهم إلى المربع الأول“، وفق قوله.