العراق.. تناقض الأيدولوجيات لم يمنع تحالفا بين الإخوان وإيران

عرب وعالم

اليمن العربي

لم ننس التسريبات العديدة التي نشرتها وسائل إعلام أمريكية العام الماضي تكشف سعي طهران الحثيث للاستئثار بالنفوذ، تحديدًا في العراق.

 

عاش حكام إيران خلال العام 2019 ولا يزالون أوقاتا عصيبة؛ في مواجهة أسوأ احتجاجات تشهدها البلاد منذ نحو أربعة عقود.

 

وتزامنت الاحتجاجات الداخلية التي شملت كل المدن الإيرانية مع اضطرابات تجتاح لبنان والعراق ليس أذرع طهران ببعيد عنها؛ ما يهدد بتقويض جهود نظام خامنئي لترسيخ نفوذ إيران بالشرق الأوسط.

 

ووسط هتافات المتظاهرين في بيروت وبغداد رفضًا للتدخل الإيراني، وصرخات الإيرانيين الرافضين لتدخل حكام بلادهم في شؤون دول أخرى وإغفالهم تدهور الأوضاع الاقتصادية، خرجت تسريبات نشرتها وسائل إعلام أمريكية منتصف نوفمبر/تشرين الثاني تكشف سعي طهران الحثيث للاستئثار بالنفوذ، وتحديدًا في العراق، وتحالفها مع جماعة "الإخوان" الإرهابية لاستهداف المملكة السعودية. 

 

يرى تقرير نشره موقع "ذا هيل" الأمريكي في هذا الإطار أن التدخل الإيراني في شؤون العراق يختلف عن أنشطتها في دول أخرى، مثل لبنان وسوريا واليمن؛ إذ لطالما سعت طهران للسيطرة على جارتها.

 

تلك المساعي للهيمنة على بغداد واختراق حكومتها، كشفها موقع "إنترسبت" الأمريكي بعد حصوله على مئات الوثائق الاستخباراتية الإيرانية المسربة نشرها بالتنسيق مع صحيفة "نيويورك تايمز" منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

 

وقال تقرير "ذا هيل" إن طهران جندت مسؤولين عراقيين، واتهم رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي بالارتباط بالسلطات الإيرانية.

 

وأشار الموقع الأمريكي إلى أنه في منتصف أكتوبر/تشرين الأول من العام  الماضي ومع تصاعد الاضطرابات في بغداد، تسلل الإرهابي قاسم سليماني، قائد "فيلق القدس" الإيراني خلسة إلى العاصمة العراقية في محاولة لاستعادة النظام، وإقناع حلفاء إيران في البرلمان بمساعدة رئيس الوزراء (الذي وافق البرلمان أول ديسمبر/كانون الأول على استقالته) على الاحتفاظ بمنصبه.

 

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يُرسل فيها الجنرال سليماني إلى بغداد لمحاولة السيطرة على الوضع، وفقا للموقع، الذي لفت إلى أن جهود طهران لدعم عبدالمهدي تعد جزءا من حملتها الطويلة للحفاظ على العراق كدولة خاضعة طيعة.

 

 

 

تجنيد مسؤولين وعملاء استخبارات

 

تلك الوثائق المسربة التي نشرتها الوسيلتان الأمريكيتان كشفتا عن الجهود المستميتة التي أقدمت عليها طهران لتجنيد مسؤولين أمريكيين وعملاء استخبارات عراقيين يعملون لصالح وكالة الاستخبارات الأمريكية لمدهم بالتفاصيل المتعلقة بخطط واشنطن هناك.

 

وأشارت إحدى البرقيات غير المؤرخة إلى أن طهران حاولت تجنيد أحد المسؤولين في الخارجية الأمريكية، لكن لم يتبين إذا ما تكللت مساعيها بالنجاح حينها أم لا.

 

في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، تحول عميل عراقي لدى الاستخبارات الأمريكية إلى العمل لصالح طهران.

 

وكان العميل يُلقب بـ"دوني براسكو"، لكن المسؤول الإيراني عنه كان يُطلق عليه (المصدر 134992)، بحسب الوثائق نفسها.

 

ووفقاً للوثائق التي نشرها "إنترسبت"، أخبر الرجل الإيرانيين بكل شيء يعرفه حول المخابرات الأمريكية في العراق، بدءاً من مواقع المنازل الآمنة الخاصة بوكالة "سي آي إيه"، مروراً بأسماء الفنادق التي يتلقى العملاء فيها التدريب، وأخيراً تفاصيل الأسلحة والتدريب وأسماء العراقيين الآخرين الذين يعملون جواسيس لصالح واشنطن.

 

 

 

علامات استفهام

 

رغم تناقض الأيديولوجيات الدينية لكل من إيران والإخوان، أفادت التسريبات بأن الطرفين عقدا عدة لقاءات استهدفت تشكيل تحالف ضد الرياض.

 

هذا التحالف ربما يثير الكثير من علامات الاستفهام، لكن بتتبع الهجمات التي استهدفت السعودية، كان آخرها مع الهجمات التي استهدفت المنشآت النفطية هناك، يمكن استيعاب ما يمكن لطهران الإقدام عليه لإلحاق الضرر بخصمها.

 

وقال موقع "ذا إنترسبت" الأمريكي، إن برقية سرية حصل عليها ضمن الوثائق المسربة أظهرت أن عناصر من مليشيا "فيلق القدس" عقدت اجتماعا سريا مع أعضاء بتنظيم "الإخوان" في أبريل/نيسان عام 2014 في فندق تركي للبحث عن أرضية مشتركة والتعاون فيما بينهم.

 

وأشار إلى أنه كانت هناك اجتماعات واتصالات عامة بين مسؤولين إيرانيين وإخوان من مصر في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي خلال فترة حكمه لمصر من عام 2012 إلى عام 2013. 

 

واعتبر الموقع الأمريكي أن برقية الاستخبارات الإيرانية حول اجتماع عام 2014 تعطي لمحة مثيرة للاهتمام حول محاولة سرية من قبل "الإخوان" والمسؤولين الإيرانيين للإبقاء على الاتصالات، وتحديد إذا كان لا يزال بإمكانهم العمل معا بعد عزل مرسي، أم لا.

 

وتكشف البرقية المتعلقة بالاجتماع السري الديناميات السياسية الصعبة التي تفصل بين المنظمات السنية والطائفية القوية مثل جماعة الإخوان و"فيلق القدس"، والتعقيدات الجنونية للمشهد السياسي في الشرق الأوسط، وفقا للموقع.

 

وقال ممثلو تنظيم "الإخوان"، خلال الاجتماع السري، إن أحد أهم الأشياء التي تشترك فيها إيران والإخوان "كراهية المملكة العربية السعودية"، وربما يمكن للجانبين توحيد صفوفهم ضد السعوديين.

 

واتفق الطرفان على استخدام اليمن ورقة ضغط على الرياض، فمع تأثير إيران على الحوثيين ونفوذ الإخوان على الفصائل القبلية المسلحة باليمن، ينبغي بذل جهد مشترك لتخفيف حدة الصراع بين الحوثيين والقبائل السنية لتكون قادرة على استخدام قوتها ضد المملكة العربية السعودية.