دور قطر المشبوه في الصومال يتضح جلياً في جهاز الإستخبارات

عرب وعالم

اليمن العربي

لم يكن من الصعب ملاحظة الانحراف الطارئ على السياسة الإعلامية لوكالة الاستخبارات والأمن القومي الصومالية، منذ تعيين رجل قطر فهد ياسين على رأس الجهاز.

 

فمنذ أن تقلد ياسين مهام إدارتها، باتت الوكالة بمثابة الناطق باسم حركة "الشباب" الإرهابية، حيث أضحت تنشر أخبار التنظيم بشكل متواتر ودقيق جعل خبراء يعتقدون في البداية أن الوكالة نجحت في اختراقه.

 

لكن سريعا ما اكتشفوا أن الوكالة إنما تتعاون مع الحركة عبر تحذيرها بشكل مشفر، أو تمرير الأخبار التي تريد إيصالها للرأي العام أو لجهات معينة، لأهداف دعائية أو غيرها.

 

أواخر 2018، حسمت الدوحة حربا باردة افتعلتها بين نائب رئيس جهاز الاستخبارات الصومالية حينها عبدلله عبدلله، ورئيسه حسين عثمان، ومدير عام قصر الرئاسة فهد ياسين.

 

ياسين الذي قفز من عمله مراسلا لقناة الجزيرة القطرية في الصومال إلى منصب رفيع داخل القصر الرئاسي في مقديشو، كان مكلفا من الدوحة بمهمة إبعاد عبدلله عبدلله عن الجهاز.

 

واستمر الكر والفر بين الجانبين، حتى أصدر الرئيس محمد عبد الله فرماجو، مطلع سبتمبر/أيلول من العام نفسه، قرارا يقضي بإقالة عبدلله عبدلله، وتعيين فهد ياسين نائبا لجهاز المخابرات، رغم أن الأخير الذي لا يملك أي مؤهل لتولي منصب مماثل، ولاحقا جرى تعيينه رئيسا للجهاز.

 

ومنذ تقلده المنصب، بادر ياسين بتفتيت وحدة مكافحة الإرهاب باعتبارها الوحدة التي من الممكن أن تفضح علاقته الوطيدة بقطر وبحركة الشباب الإرهابية.

 

ولم يكتفِ بذلك، وإنما أقال ضباطا مدنيين في الجهاز، ولفق لهم تهمة التعاون مع مخابرات أجنبية، وقام بتشكيل وحدة تضم مجندين من تنظيم الشباب، في خطوات أثارت الاستغراب، ودفعت نحو فتح تحقيق من قبل جهاز المخابرات الصومالي، حول علاقة ياسين بالحركة الإرهابية، لكن سرعان ما تم إجهاض التحقيق بتدخل الدوحة عبر زمرتها الحاكمة في الصومال.

 

ورغم جهود قطر في إخفاء آثارها في الصومال، وتحديدا في قرارات جهاز مخابرات البلد الأفريقي، إلا أن بعض الوسائل الفرنسية، كشفت، في سبتمبر/أيلول 2018، عن وثائق سرية أظهرت أن الدوحة هي من يعرقل أداء عمل الجهاز في مكافحة الإرهاب، عبر رجلها فهد ياسين.

 

كما لفتت إلى أن الدور الذي لعبه ياسين حين كان في القصر الرئاسي، بأمر من الدوحة، دفع فرماجو إلى إقالة الجنرال عبدالله عبدالله.

 

وفيما يتراجع دور جهاز المخابرات الصومالي في تقويض حركة الشباب التابعة للقاعدة، تتجلى العلاقة الوثيقة الرابطة بين التنظيم الإرهابي والاستخبارات وقطر.

 

ففي العامين الماضيين، تحولت حسابات الجهاز الصومالي إلى منصة إعلامية لتنظيم الشباب، إما عبر نشر أخبار عادة ما تكون كاذبة تهدف إلى عرقلة جهود عمل القوات الصومالية والقيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم)، أو تزويد الحركة بمعلومات دقيقة حول تحركات محتملة لبعض وحداتها، بما يمنحها وقتا للتحرك والمناورة.

 

ومؤخرا، أعلنت وكالة المخابرات الصومالية نقل السلطات عن زعيم مليشيات الشباب الإرهابية أحمد ديرية المعروف بأبوعبيدة إلى نائبه أبوكر آدم لأسباب صحية.

 

وقالت الوكالة عبر حسابها بموقع تويتر، وفقا "العين الإخبارية"، : "تم نقل سلطات زعيم تنظيم الشباب الإرهابية أبوعبيدة إلى نائبه أبوكر آدم لأسباب صحية، وباشر أبوكر مسؤولية قيادة العصابة الإرهابية بشكل مؤقت".

 

والوكالة هي أيضا من كشف، مطلع العام الجاري، عن وجود صراع مرير على زعامة التنظيم بين قياداته لأسباب عصبية قبلية وتقاسم الموارد المالية، وهو ما أشارت إليه في تغريدتها الأخيرة حين تحدثت عن "وجود صراع كبير بين ضلعي الحركة على تشكيل قيادة جديدة وتنصيب زعيم جديد للتنظيم الإرهابي " .

 

أخبار لا تعدو أن تكون في واقع الحال سوى تسريب موجه تتفق الحركة الإرهابية مع الاستخبارات الصومالية على نشره، للتسويق لنجاح مزيف للجهاز في اختراق التنظيم، في وقت يؤكد فيه محللون أنه لو كان الجهاز اخترق التنظيم فعلا، لما تواترت هجماته بالشكل الذي يشهده الصومال حاليا.

 

وغالبا ما يتزامن نشر الجهاز لأخبار "الشباب" مع تكثيف القوات الحكومية وأفريكوم هجماتها ضد الحركة التي تعد واحدة من أنشط الجماعات الإرهابية حاليا في الصومال.