ألاعيب ثلاثية الأبعاد تمارسها قطر للسيطرة على مفاتيح القرار الصومالي

عرب وعالم

اليمن العربي

ألاعيب ثلاثية الأبعاد تمارسها قطر للسيطرة على مفاتيح القرار الصومالي، مستفيدة من هيمنتها على الرئاسة والمخابرات بالبلد الأفريقي، فيما تحشد حاليا من أجل التقرب من أي شخصية مرشحة لتولي رئاسة الوزراء.

 

أذرع أخطبوطية تلعب بنار الخلافات والانقسامات، وتعزف على وتر الولاءات، تتحرك بالتزامن مع إطاحة الرئيس الصومالي حمد عبدالله فرماجو برئيس حكومته حسن علي خيري.

 

عملية جرت بالتآمر مع رئيس البرلمان "مجلس الشعب" الصومالي محمد مرسل شيخ عبد الرحمن، بعد أن أصبح خيري حجر عثرة بوجه مؤامرة قطرية، برفضه مخططات فرماجو لتمديد فترة حكمه وعدم استعداده لإجراء الانتخابات في موعدها.

 

ومن المقرر إجراء الانتخابات التشريعية بالصومال في نوفمبر/ كانون الثاني المقبل، فيما من المنتظر إجراء الرئاسية في فبراير/ شباط القادم.

 

ويماطل فرماجو في إجراء الانتخابات بموعدها، متشبثا بنظام انتخابي "شخص واحد صوت واحد" غير قابل للتطبيق، بتأكيد من مفوضية الانتخابات الصومالية المستقلة التي طالبت بعام إضافي على الأقل للقيام بذلك، ولضيق الوقت المتبقي من فترة المؤسسات الدستورية الرئاسة بـ6 أشهر، والبرلمان بـ4 أشهر. 

 

في ضوء التطورات المتلاحقة، تتجه الأنظار صوب مكتب فرماجو بانتظار اسم رئيس الوزراء الجديد الذي سيكون خلفا للمقال حسن علي خيري، فتتحرك قطر لوضع يدها على شخصية تحظى بقبول الأطراف السياسية في الصومال، أي الرئاسة والولايات والأحزاب المعارضة.

 

ومن بين الأسماء المرشحة لتكليفها بتشكيل الحكومة القادمة، رئيس ولاية غلمدغ أحمد عبدي كاريه "قور قور" الذي وصل مقديشو بعد يوم واحد من عزل خيري، في أول زيارة يجريها إلى العاصمة منذ انتخابه رئيسا للولاية في فبراير/ شباط الماضي.

 

وأجرى "قور قور" لقاء مع فرماجو أكد فيه ضرورة إبعاد تبعات خروج رئيس الوزراء من المشهد السياسي على مسار الحوار السياسي القائم في عاصمة ولاية غلمدغ طوسمريب، وسط البلاد.

 

يبحث فرماجو عن شخصية ليس لها أي ثقل في الميزان السياسي والأمني والأكاديمي والاجتماعي في الصومال، ليكلفها برئاسة الوزراء، بغية تحقيق أطماعه في التمديد وتقويض استقرار البلاد وإدخالها في عزلة دولية وإقليمية، وتحويل الصومال الكبير إلى منظمة تديرها الدوحة عبر ساعده الأيمن مدير المخابرات فهد ياسين.

 

ويترقب الوسط السياسي في مقديشو الاسم القادم على هرم السلطة التنفيذية، في مرحلة انتقالية عاصفة تتسم بتعقيدات يفرضها جشع فرماجو وسعيه للسيطرة على السلطة، دون التوصل إلى آلية مشتركة مع القوى السياسية.

 

انتظار يأتي وسط ذات المخاوف التي يثيرها وجود أياد خارجية تمول "المفسدين" داخل الصومال، وهو الوصف الذي استخدمته الولايات المتحدة الأمريكية، في بيان لها الأحد الماضي، بشأن تطورات الوضع بالبلد الأفريقي غداة عزل خيري.

 

وتعقيبا على التطورات المتسارعة، يرى المحلل السياسي الصومالي جامع فارح أن شروط فرماجو في مرسومه -الممول قطريا دائما- لتعيين رئيس الوزراء، يهدف لصناعة رجل موال للدوحة على رئاسة الحكومة، وذلك بعد تمرد السابق ورفضه تنفيذ أجندات فرماجو الشخصية.

 

ويقول فارح وفقا لـ"العين الإخبارية"، إنه من الصعب تحقيق شروط فرماجو، إلا في حال توفر شخص يجيد خدمة المستبد الجشع، في إشارة للرئيس الصومالي.

 

ويضيف أن الصفات التي يريد القابض على السلطة في الصومال أن تتوفر في رئيس الوزراء القادم تبدو غير إنسانية أكثر منها غير سياسية.

 

وأوضح أن فرماجو يريد شخصية عديمة الطموح السياسي، ولا تتمتع بعلاقات وطيدة مع شرائح الشعب، وأن تقضي على الحوار السياسي الجاري في طوسمريب، وتخلق أرضية لتمديد فترة فرماجو لمدة سنتين، وترفض مبادرات المجتمع الدولي، علاوة علي محاربة الولايات الإقليمية، وتكميم أفواه المعارضة بالحديد والنار.

 

في 30 يوليو/ تموز الماضي، زار سفير قطر لدى مقديشو حسن حمزة هاشم رئيس ولاية غلمدغ أحمد عبدي كاريه "قور قور"، في مقر إقامته بمقديشو، وناقش معه الوضع العام في البلاد وخصوصا بالولاية.

 

ويرى مراقبون أن قطر تتقرب من السياسيين الذين يحظون بالقبول في الشارع على الأقل في هذا التوقيت، للتوظيف ضمن أجنداتها في حال تكليفه بتشكيل الحكومة. 

 

فارح عاد ليؤكد أن الدوحة استشعرت أنها استحكمت في مفاصل الحكم المركزي في الصومال، عبر المؤسسات الدستورية: الرئاسة والبرلمان والجهاز الأمني، فيما لا تزال الحكومة بمنأى عن سيطرتها، ولبسط قبضتها، تبحث عن موطئ قدم في صناعة رجل موال لها، لتنفيذ أجنداتها التخريبية في تكريس الحكم الواحد.

 

ففي السابق، قامت الدوحة ـ عبر أموالها وأذرعها في الصومال ـ بتنصيب الصحفي فهد ياسين، على رأس قيادة الاستخبارات الصومالية.

 

وحاليا، تمني الدوحة النفس بإعادة الكرة من جديد عبر بوابة رئاسة الوزراء، للتأثير على تسيير أعمال البلاد بشكل مباشر، بغطاء من رئيس وزراء جديد قد تشارك في تعيينه، ووضع الخطوط العريضة للمسار الحكومي خصوصا في ما يتعلق بملف الانتخابات والتعامل مع المعارضة والولايات والمجتمع الدولي .

 

ووفق جامع، فإن قطر تبذل جهودا كبيرة لصناعة رجل موال لها على رأس هرم السلطة التنفيذية في الصومال، بعد إحكام قبضها على الرئاسة والاستخبارات، والتوصل إلى تفاهمات تبدوا غير سهلة مع رئاسة مجلس الشعب الصومالي والتي أدت إلى سحب الثقة عن رئيس الوزراء السابق.

 

خطف «قور قور» أنظار المراقبين خلال لقائه مع فرماجو، ومباحثاته حول تعيين رئيس الوزراء القادم، وأيضا أثناء الزيارة التي تلقاها من السفير القطري بمقر إقامته بمقديشو، بعد يومين من اجتماعه مع فرماجو.

 

وفي الثاني من فبراير/ شباط الماضي، فاز "قور قور" برئاسة ولاية غلمدغ بدعم من رئيس الوزراء الصومالي المقال حسن علي خيري.

 

 ونجح الرجل، خلال هذه الفترة، بتحقيق مصالحة سياسية في ولايته لاقت إشادة الجميع، فضم خصومه السياسيين في حضن إدارته، وتوصل إلى تفاهمات مشتركة مع الجهات التي رفضت انتخابه.

 

ويحسب لـ "قور قور" أيضا أنه نجح، في 6 أشهر، بإنهاء التوترات مع ولاية بونتلاند المجاورة لولاية غلمدغ، عبر شراكة أمنية وسياسية، متفقا معها على دفع العلاقات إلى الأمام وطي صفحة الإقتتال، والعمل على إرساء السلام وتعزيز الاستقرار.

 

كما قام "قور قور" برعاية مسار " طوسمريب " للحوار السياسي في الصومال، والذي يمثل الأمل الوحيد لإنقاذ البلاد من عبث أذناب قطر ممثلة في الثنائي فرماجو وفهد ياسين.

 

 ورفض أيضا مادة في الدستور الصومالي تلزم بإجراء انتخابات كل أربع سنوات، وتمديد فترة فرماجو، في مقتضيات من شأنها -في حال تجسيدها ـ دفع البلاد إلى أزمة دستورية خانقة.