الزواج المحرم.. شرخ اجتماعي وعنصرية حوثية ضد اليمنيين

أخبار محلية

اليمن العربي

فوجئ الشاب اليمني "أحمد" والمنحدر من محافظة إب، وسط البلاد، قبل ساعات من حفل زفافه، باتصال هاتفي من قيادي في مليشيا الحوثي، يُخبره بأن الزفاف قد أُلغي، وأبلغه بشكل صريح أن "السادة" ويقصد أسرة العروس "لا يتزوجون من جُعلاء" (أي من القبائل).

 

لم يكن زواج أحمد هو الأول الذي يُلغى لأسباب عنصرية، فمنذ انقلاب مليشيا الحوثي واجتياحها العاصمة اليمنية صنعاء في 2014، أحيا الانقلابيون ممارسات طبقية مثل تحريم تزويج القبائل اليمنية من الأسر "الهاشمية" (من سلالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم)، والتي كانت قد اختفت منذ عقود بعد القضاء على حكم الإمامة الكهنوتية.

 

وتعتبر مليشيا الحوثي اليمنيين، طبقة منفصلة عن "الهاشميين"، باعتبار الأولى أدنى رتبة من الثانية بحسب المرجعيات الدينية الشيعية للجماعة المسلحة، والتي تعد زواج اليمنيين من الهاشميين، محرماً وذلك لعدم "تكافؤ النسب".

 

وعادت ظاهرة التحريم للانتشار مجدداً مع الأشهر الأولى للانقلاب، وشهدت الأعوام الثلاثة الماضية تزايداً ملحوظاً لحوادث منع زواج "يمني- هاشمي" بقوة السلاح، وكادت أن تندلع حرب في الجوف بسبب زواج مماثل، في مشهد لم يعتده اليمنيون منذ نحو 60 عاماً.

 

وفي مايو/أيار من عام 2018 اندلعت اشتباكات مسلحة عنيفة بين مليشيا الحوثي وقبيلة "الذهب" في محافظة البيضاء، بعد محاولة مسلحين حوثيين منع زواج فتاة تنحدر من أسرة تدّعي انتسابها للهاشمية من شاب ينتمي لأسرة "الذهب"، ما أسفر عن مقتل مسلح حوثي وجرح آخرين.

 

أما في محافظة الجوف كادت تنشب حرب أهلية في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، حين أهدرت أسرة الشريف "الهاشمية" دم أحد أبنائها لأنه زوج ابنته من "قبيلي"، وأعلنت الأسر والقبائل النفير في مواجهة بعضها، وفي مايو/أيار من العام الجاري اختطفت ميليشيا الحوثي عروسا في ليلة زفافها بمحافظة ذمار للسبب نفسه.

 

ويرى ناشطون يمنيون أن مليشيا الحوثي تتعمد توسيع الشرخ الاجتماعي بين مكونات المجتمع اليمني وإعادة ترتيب وتوزيع تركيبة المجتمع على أسس طبقية على غرار تقسيم "سادة وعبيد".

 

اجترار الماضي

 

لا تنفك مليشيا الحوثي تستجر الماضي الغابر بأفكارها المنافية لمعايير الحياة في القرن الحادي والعشرين وضد كل معاهدات حقوق الإنسان المبنية على المساوة والعدالة الاجتماعية.

 

ويقول رئيس المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، خالد عايش، إن مليشيا الحوثي لا تعترف بالقوانين الإنسانية التي تساوي بين المواطنين وتعتمد الكفاءة كمعيار، حيث ترى أن سلالتها "الهاشمية" تمتلك حقاً إلهياً في التسيّد والحكم باسم الله.

 

وأضاف عايش، أنه من منطلق ادعاء الحق الإلهي تعطي مليشيا الحوثي نفسها الحق في تقرير مصائر الناس، مستغلة الجهل المستشري في الأرياف اليمنية.

 

أفكار قادمة من "ماض عفن"، على حد وصف الحقوقي اليمني، يسعى الحوثي لإحيائها كلما تمكن من تثبيت أقدامه كان آخرها قانون الخمس الذي أراد الحوثيون تمريره والذي بموجبه تستولي الأسر "الهاشمية" على 20% من ثروات البلاد.

 

وبحسب عايش، فإن الإجراء الحوثي يكشف أن الخطوة المقبلة وهي الأخطر، تهدف لتقنين الأفكار الإمامية البائدة، محذراً من تنامى تلك الأفكار في ظل غياب الدولة وسيطرة المليشيات الرامية إلى تعميق الشرخ على مستوى المجتمعات المحلية.